النهار

الممرّضة ليا حنّا تنجو بأعجوبة... كانت تحتفي بولادة طفل في العائلة فتحوّلت جريحة برصاصة طائشة!
ليلي جرجس
المصدر: النهار
"لم نُولد حتى نموت بهذه الطريقة"
الممرّضة ليا حنّا تنجو بأعجوبة... كانت تحتفي بولادة طفل في العائلة فتحوّلت جريحة برصاصة طائشة!
ليا حنا.
A+   A-
لم تكن الشابة الممرضة ليا حنا تتخيّل يوماً أنها ستكون ناجية من رصاصة طائشة في بلد يتغذى بأحزانه وأفراحه على وقع الرصاص الطائش والسلاح المتفلت. لم نستقِ من الدروس السابقة، ولم نشبع من دموع عائلات بكت دمعاً ودماً على رحيل أحبائها نتيجة رصاصة طائشة في المكان والزمان الخاطئين. لم ننسَ بعد وجه الطفلة البريئة نايا حنا (ابنة السبع سنوات) التي رحلت بعدما اخترقت رصاصة طائشة رأسها فحرمتها طفولتها وحرمت والديها ابنتهما الوحيدة.
 
وفق إحصاءات الشركة الدولية للمعلومات بلغ عدد ضحايا الرصاص العشوائي في لبنان خلال 10 سنوات الماضية 81 قتيلاً و169 جريحاً.
 
وبالرغم من تقديم اقتراح قانون معجل مكرر إلى المجلس النيابي يحمل اسم "نايا حنا" بهدف تجريم إطلاق عيارات نارية في الهواء، تستمر الظاهرة في حصد المزيد من الأرواح والجرحى.
 
بالأمس، كان على ليا أن تواجه مصيراً مشابهاً لولا العناية الإلهية. بينها وبين الموت أو الإصابة الخطرة ثوانٍ قليلة. لو انحنت لاخترقت الرصاصة رأسها أو صدرها، ما جرى معها لا يُصدّق... لقد نجت بأعجوبة!
 
تروي ليا حنا تفاصيل ما تعرضت له لـ"النهار" قائلةً "كنتُ متوجهة من مستشفى رزق إلى محل لشراء بالونات احتفالاً بولادة ابنة خالتي، كنا نحتقل بفرحة الولادة وكدتُ أخسر حياتي وتتحوّل تلك اللحظة إلى فاجعة. لحظات فقط قادرة على أن تفصلك عن هذه الحياة، في هذا الوطن يمكن أن تموت لأتفه الأسباب".
 
كانت ليا برفقة صديقتها في السيارة، تجلس خلف مقعد الجالس إلى جانب السائق، تستعد للنزول إلى المحل لشراء البالونات عندما سمعت صوتاً قوياً لم تستوعب مصدره. تسترجع تلك اللحظات المفصلية: "لم أستوعب ما جرى، كنتُ أتحدث مع صديقتي وفجأة سمعت مثل "شي خبط وفات فيّي". لم نسمع صوت رصاص ليتبيّن أن الرصاصة اخترقت باب السيارة قبل أن تخترق ساقي".
 
 
توجهت ليا سريعاً إلى مستشفى "أوتيل ديو" حيث تعمل ممرضةً هناك لتلقي العلاج، كانت تعرف في قرارة نفسها كل الإجراءات الطبيّة وكيف أنها نجت من إصابة أكبر وربما قاتلة لو اخترقت الرصاصة رأسها أو صدرها. تؤكد: "كنتُ لا أزال مستلقية إلى الخلف، وأهمُّ بالانحناء لاستكمال الحديث مع صديقتي عندما سمعتُ هذا الصوت. ثوانٍ قليلة فصلت بيني وبين اختراق الرصاصة لرأسي أو صدري لو انحنيت لحظتها".
 
للوهلة الأولى اعتقدت ليا أن الاشتباك وقع في البناية المقابلة، لا تعرف سبب اعتقادها هذا، لكن لم يخطر على بالها غير ذلك. وتتذكر أنها بدأت تتساءل: "مين عم بقوّص؟". وتقول: "كنتُ خائفة نتيجة إصابتي، وبات همّي الوحيد إزالة الرصاصة من قدمي. كنتُ أرى الدم وفكرتُ أنني كنتُ على وشك أن أخسر حياتي أو أصاب بإصابة خطرة لو انحنيت نحو صديقتي".
 
وتشدّد على أن "الفكرة الوحيدة التي كانت تحاصرني طوال الوقت، أنني أشكر الرب أن الإصابة لم تكن في منطقة أخرى، فأنا ممرضة وأعرف خطورة بعض الإصابات وعواقبها الصحية. كان همّي أن لا تكون الرصاصة خرقت العظم أو الشرايين، والحمد لله "قطعت على خير" وكانت الإصابة سطحية".
 
وحسب ما قيل لها، قد تكون ليا تعرّضت لإصابتين بالرصاص وهي لم تشعر إلا بواحدة، أو يمكن أن تكون الرصاصة داخل ساقها. وفي كلتا الحالتين نجت ابنة الـ22 عاماً من كارثة كادت تودي بحياتها أو تُسبّب لها إصابة خطرة.
 
 
وتتوجّه ليا برسالة تتمنى أن تصل إلى كل معنيّ في هذا البلد "كنتُ في حالة فرح إلا أن لحظة واحدة كانت كفيلة بأن تحوّلها إلى حادثة بشعة. سمعنا أن إطلاق الرصاص كان بسبب تشييع أحد الأشخاص، لكن ما ذنب الناس أن يدفعوا حياتهم أيضاً ثمن حزنهم أو أفراحهم. لا نعرف ثقافة هذا البلد الذي يلجأ إلى إطلاق الرصاص في كل مناسبة سواء النجاح في الامتحانات الرسمية أو الأفراح أو الأحزان، ويدفع الناس ثمن هذا الجهل وبعضهم خسر حياته بسبب هذا السلوك الأميّ. لم نُولد حتى نموت بهذه الطريقة...".
 
نجت ليا كما نجا الشاب من بلدة طاران في الضنية بعد إصابته برصاصة طائشة في معصمه قبل أيام، أثناء إطلاق نار خلال تشييع أحد الأشخاص.
 
ما زلنا نحصي عدد الجرحى والقتلى نتيجة الرصاص الطائش، وما زالت الفوضى تنتهك ما بقي من هذا البلد، ولم يتعلّم أحد من هذه الفاجعة التي تدخل عنوة إلى بيوت الناس وتحرمهم أغلى ما لديهم. ما زال إطلاق الرصاص قائماً فيما القانون حبر على ورق، ولم نسمع بتوقيف أحد نتيجة إطلاقه الرصاص ومحاسبته... "الله يعين يلي بعدو بهيدا البلد".
 
 
 
 
 
 

اقرأ في النهار Premium