ميشال حلّاق
نظّمت قيادة الجيش ـــ مديرية التوجيه جولة ميدانية على الحدود الشمالية، بمشاركة أكثر من 50 صحافيّاً ومراسلاً يمثّلون مختلف الوسائل الاعلامية اللبنانية والاجنبية التقوا جميعاً في المحطة الأولى للجولة، في مركز قيادة عمليات فوج الحدود البري الأول في ثكنة سيمون شاهين في بلدة شدرا العكارية الحدودية، بحضور قائد الفوج العميد الركن ايلي مسعود وضباط الفوج وضباط من مديرية التوجيه وقيادة العمليات.
وكانت كلمة ترحيب من العميد الياس عاد شرح فيها محطات الجولة وأهمية أن يطلع الإعلام عن الجهود التي يبذلها الجيش وفق الإمكانات المتاحة لضبط الحدود والحدّ من عمليات التهريب والإنجازات المحقّقة على هذا الصعيد حتّى الآن.
ثم قدَّم الرائد محمد صلاح عرضاً تفصيليّاً حول أعمال التسلل غير الشرعي إلى الأراضي اللبنانية من قبل السوريين، والتي كانت ذروتها خلال شهر آب الماضي ، والإجراءات التي تتخذها وحدات الجيش للحد من هذه العمليات التي تمتد على طول الحدود الشمالية بحوالي 110 كيلومترات ، والإمكانيات المتاحة والحاجات الضرورية لتعزيز هذه الإجراءات.
وعرض الرائد صلاح لأزمة النزوح السوري منذ بدء الأزمة السورية العام 2011، حيث سهّل لبنان دخولهم لأسباب إنسانية، شارحاً تعاطي المجتمع الدولي مع هذا الملفّ، وبدأت المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين UNHCR باستقبال طلبات تسجيل النازحين.
ولفت إلى عدم وجود سياسة واضحة وموحّدة من قبل الدولة اللبنانية للتعاطي مع ملفّ النازحين.
تصوير الزميل حسام شبارو
وفي 2015، كلّفت الحكومة اللبنانية الأمن العام اللبناني الطلب الى المفوضية وقف عمليات التسجيل للنازحين لأن النازحين الجدد منهم لم يغادروا بلدهم بسبب الأوضاع الأمنية بل لأسباب اقتصادية والفرار من خدمة الاحتياط، ولعلمهم بالمساعدات الإنسانية والاجتماعية والصحية والتربوية التي تقدّمها المنظمات والجمعيات.
ولفت إلى أنّه في العام 2019 صدر قرار من المجلس الأعلى للدفاع بتفويض الأمن العام اللبناني ترحيل كل سوري يدخل إلى لبنان بطريقة غير شرعية، مشيراً إلى أنّ تدهور الأوضاع الاقتصادية في سوريا أدّى إلى موجة جديدة من النزوح السوري باتجاه لبنان.
كما شرح صلاح للإعلاميين كيفية انتشار النزوح السوري ضمن قطاع مسؤولية ونطاق عمل فوج الحدود البرّي الأوّل، وقال بأنّ معظم السوريين المتواجدون ضمن قطاع هذا الفوج يقيمون في تجمّعات سكنية والقليل منهم ضمن مخيمات (15 مخيماً) والعدد يفوق الـ80 ألف سوريّ فيما عدد السكان المحليين هو في حدود الـ95 ألف شخص.
وأكّد أنّ هذا الانتشار العشوائي وغير المنظّم للسوريين يشكّل عبئاً كبيراً على الفوج لناحية مراقبتهم أمنياً ومواكبة تحرّكاتهم وإحصاء عددهم.
وفي السياق، تحدّث الرائد صلاح عن التدابير المتّخذة من قبل الفوج، لافتاً إلى أنّ فوج الحدود البري الأوّل ينتشر على طول الحدود الشمالية وعلى قسم من الحدود الشرقية بين لبنان وسوريا وفي قطاع المسؤولية مناطق العريضة، وادي خالد، أكروم البستان، ّبخط حدودي يبلغ حوالي 110 كيلومترات وبعمق 7 كيلومترات ضمن الأراضي اللبنانية، اعتباراً من العريضة على الشاطئ مروراً بوادي خالد وحتى بلدتي الرويمة البستان شرقاً، بعديد عناصر يبلغ 1200 عنصر فقط يتوزّعون على 31 مركزاً بينها 10 أبراج مراقبة مجهّزة بكاميرات حديثة وبأجهزة استشعار رؤية ليلية، وذلك لمنع التهريب وضبط الداخلين خلسة.
وأشار إلى أنّه وحسب المعدّلات التكتيّة نشر القوى بشكل دفاعي تكون جبهة الفوج بطول 8 إلى 10 كيلومترات، وبالتالي فإنّ الحدود اللبنانية السورية تحتاج ضمن قطاع مسؤولية الفوج إلى 10 أضعاف القوى المنتشرة حاليّاً وذلك في حالة المراقبة وضبط الحدود كحدّ أدنى.
كما شرح المهمّات التي ينفذّها الفوج يومياً بتركيز نقاط مراقبة على طول الحدود وإقامة حواجز على المسالك المؤدّية إلى بعض الثغرات الموجودة ضمن القطاع، وإقامة حواجز ثابتة ثمّ دوريات مركزية يتمّ خلالها تنفيذ حواجز ظرفية ودوريات راجلة ونقاط توقّف، إلى دورية عادية على مدار الساعة.
ومن ضمن المهام خدمة المراكز الثابتة والأبراج، التنسيق مع الأفواج والألوية المنتشرة على حدود قطاع الفوج لتنفيذ أيّ عمل عسكري إذا دعت الحاجة. ويتطلّب تنفيذ هذه المهمات 1050 عسكريّاً يومياً.
ثمّ عرض صوراً وفيديوهات للطرق والسبل الجديدة التي يبتدعها المهرّبون والتي كشفتها حواجز الجيش وأحبطتها.
كما قدّم عرضاً لأبرز الصعوبات والمشاكل التي تعترض عمل الفوج ومنها: اتساع بقعة الانتشار على طول الحدود الشمالية، فضلاً عن قطاع المسؤولية (العريضة وادي خالد أكروم البستان)، النقص بالعديد قياساً ومقارنة بحجم القطاع، الوضع الاقتصادي المتردّي السائد في لبنان وسوريا وتأثيره السلبي على وضع الحدود، كثافة الثغرات الموجودة ضمن القطاع وسهولة فتح ثغرات جديدة، إضافة إلى قيام المهرّبين بإعادة فتح بعض الثغرات التي يتمّ إعلاقها، وطبيعة الأرض والتضاريس التي تصعب مراقبتها عند بعض النقاط، ما يسمح باستحداث ممرّات جديدة بواسطة الجرارات الزراعية والجرافات، وتداخل الأراضي والعائلات عند جانبي الحدود وصلات القرابة والتزاوج في ما بينها ما يدفع المواطنين إلى عبور الحدود بطريقة غير شرعية طلباً للطبابة والتعليم والتموين وزيارة الأقرباء واستثمار الأراضي.
وأكّد أنّ ضبط عمليات التهريب يتطلّب التعاون بين الطرفين (لبنان وسوريا).
ومن أبرز الصعوبات أيضاً، إطلاق النار المباشر الذي يتعرّض له العسكريون خلال تنفيذهم مهمّات مكافحة التهريب وعدم وجود إجراءات قانونية رادعة لمحاسبة المهرّبين.
وعرض الرائد صلاح في ختام مداخلته الاقتراحات لإيجاد حلول منها:
- ضرورة تطوير القوانين والتعليمات المتعلقة بمكافحة أعمال التهريب والتشدّد بالإجراءات (ملاحقة الفاعلين قضائياً).
- اتخاذ القرار المناسب من قبل المراجع المختصة بهدف ضبط الحدود من الجانبين اللبناني والسوري.
- ترشيد إنفاق المنظمات التابعة للأمم المتحدة، والمنظمات غير الحكومية على النازحين السوريين يستلزم سياسة واضحة وآليّة عمل مع هذه المنظمات التي يجب أن تعمل بتوجيه من الحكومة اللبنانية وتحت رقابتها.
- زيادة عديد الوحدات المكلّفة ضبط الحدود، منع البناء على الأملاك النهرية ومعالجة موضوع الأبنية المخالفة وذلك بهدف الحدّ من استغلال هذه الأبنية كنقاط لتخزين البضائع المهرّبة وتخبئة الأشخاص الداخلين خلسة.
- تنفيذ مشروع شقّ طريق على مجرى النهر الكبير الجنوبي اعتباراً من منبعه في المجدل ووادي خالد وصولاً إلى مصبّه في العريضة، ومعالجة ضفّته من الجهة اللبنانية بحيث يشكّل مانعاً لأعمال التهريب.
وفي المحطة الأخيرة، زار الوفد الصحافي أحد المعابر غير الشرعية الحدودية عند الشركة المتحدة في خراج بلدة خطّ البترول عند الضفة اللبنانية لمجرى النهر الكبير. وجرى توضيحات من العميد الياس عاد عن الطرق التي يعتمدها المهرّبون في تنفيذ عملياتهم، وأجاب على الأسئلة التي طرحها الإعلاميون المشاركون في الجولة لجهة سبل مكافحة التهريب وكيفية إحباط هذه العمليات من قبل الجيش، والجهد الكبير الذي يبذله فوج الحدود البرّي الأوّل على هذا الصعيد.
واختتمت الجولة بزيارة برج المراقبة في خراج بلدة شدرا والمزوّد بكاميرات حديثة وهو يشرف على نطاق واسع من الحدود البرية مع سوريا.