طوني فرنجيه
دروب الورد هي خريطة طريق الورد الجوري في لبنان التي ما زال الناشط البيئي وصانع ماء الورد الأبرز في أنفه والشمال حافظ جريج يستطلعها، ويمشيها لتحديد مواقع زراعة ورد "ماء الورد"، فضلاً عن تنشيط الرياضة والسياحة والثقافة في محيط هذا المورد الزراعيّ التراثيّ المزدهر في قرى عدّة من سهل البقاع والسفح الشرقي لجبل صنين، وفي سفوح سلسلة جبال لبنان الغربية، وفي جرود عكار والضنية والكورة والقلمون.
فماء الورد موجود في كلّ بيت لبناني، إضافة إلى ماء الزهر، من أجل استعمالات شتّى؛ وهو كذلك رفيق المسافرين إلى الخارج من أبناء الوطن الذين إن لم يتمكّنوا من المجيء إلى لبنان طلبوا إلى أصحابهم جلب قنّينة من ماء الزهر معهم إلى حيث يُقيمون.
والورد الجوري في لبنان من الموارد الطبيعية المجهولة أو التي لا تلقى اهتماماً أو رعاية من وزارة الزراعة؛ فهناك في عزّ الأزمة الاقتصادية الاجتماعية التي نعيشها هذه الأيام مساحات جبلية وسهليّة صالحة لأن تكون حقولاً للورد الجوريّ، ولصناعة ماء الورد المستعمل والمطلوب جداً في مستحضرات طبيّة وعطور وحلويات شرقيّة عربيّة كثيرة ومتنوّعة، ممّا يوفّر معيشة لائقة وفرص عمل وسياحة تعود بالنفع على الأهالي، فضلاً عن أنّ التصنيع ذو مردود اقتصاديّ جيّد، ولا يحتاج إلى مصاريف باهظة بل إلى كركة ونار.
المشروع الذي تحتاجه هذه الأراضي وسكّانها، وفق ما يقول حافظ جريج، "هو تشجيع وتمويل زراعتها ورداً جورياً بعد استصلاحها جلولاً في تلك المنحدرات القاحلة ذات المناخ الجاف، مع التذكير بأن شجيرات الورد الجوري لا تحتاج بتاتاً إلى الريّ. إنها حياة نباتية بعليّة. ولزيادة أهمية الورد الجوريّ في معيشة الأهالي وفي الاقتصاد الوطنيّ، ولخلق فرص عمل جديدة ودائمة، ينبغي أن يتبع مشروع تنمية هذا النبات إنشاء مصنع لإنتاج العطور من الورد الجوري أطيب وأغلى أنواع العطور الطبيعيّة".
ويضيف: "بين صنين والمنيطرة إلى مزرعة بيت صليبي وقصرنبا أكبر بلدتين بمواسم الورد الجوري طريق ورديّة، إذ تنتج بلدة قصرنبا البعلبكيّة نحو ٧٠ طناً، ومزرعة بيت صليبي- العاقورة ٤٥ طناً. وإذا أضفنا ورد الفرزل وتمنين ونيحا وسائر القرى الورديّة يُصبح إنتاج البقاع من الورد الجوري ٣٠٠ طن سنوياً؛ فهل تهتم الدولة اللبنانية بهذه الثروة العظيمة، فيصبح إنتاج البقاع 1000 طن على الأقلّ مع فرص عمل حيويّة وتنمية وتصنيع وتسويق للإنتاج؟".
ويتابع: "لا ينتهي مرة واحدة في لبنان موسم قطاف الورد الجوري المستعمل في تقطير ماء الورد، بل بشكل تدريجيّ من الجرود الأقل ارتفاعاً وصولاً إلى الأعلى حيث البرودة أكثر. ينتهي الموسم أولاً في مزارع وقرى البقاع، ثمّ على سفوح صنين الشرقية، ثمّ تنتقل بنا دروب الورد إلى مرتفعات الضنيّة وعكار، لينتهي المطاف كلّ موسم على دروب الورد في جرد القيطع وجلول مزارع بيت أيوب الأكثر ارتفاعاً في لبنان وإنتاجاً للورد الجوري في عكار. أمّا الأكثر إنتاجاً في لبنان فهي قصرنبا في البقاع الأوسط".
الورد الجوري حسّاس جداً، وتضرّ بجودته حرارة الجو والتعبئة في الأكياس؛ لذلك يكون قطافه عند "طلوع الضو" حتى الساعة العاشرة صباحاً على أبعد توقيت، فيتم نقله مباشرة إلى أسواق الورد أو إلى البيوت لنقله ليلاً إلى أسواق المدن.
في البيوت، يُنشر الورد على البلاط، ويتم استخدام وسائل التبريد والتهوئة تفادياً للحرارة والرطوبة المرتفعة على الساحل، مقارنة بالمناطق الجبلية.
إيلاء الاهتمام لمشروع سياحي اقتصادي اجتماعي كهذا من شأنه استحداث فرص عمل واستصلاح أراض وجذب سيّاح محليين وأجانب وتأمين لقمة عيش كريمة لشريحة لا بأس بها من الشعب الذي لا حول له ولا قوة.
إلى ذلك، برزت دعوات لتحديد مسارات "درب الورد" لتكون كما دروب الطواحين، ودروب الكروم، ودرب الجبل موجودة ومفعّلة على الخريطة السياحية.