لا يلتزم سائق الدراجة النارية في لبنان، بشكل عام، بقانون السلامة العامة، إذ إن حالة الفوضى في هذا القطاع تستوجب تحركاً لأن الأمر لم يقتصر على دراجة تسير مخالفة لوجهة السيرة أو تزيد حمولتها إلى أربعة أفراد، بل باتت اليوم إحدى أدوات السلب، النشل والتعدّي على الناس والممتلكات ليلاً نهاراً.
وفي الحوادث، يتنصل سائق الدراجة من مسؤوليات التعويض والصيانة تجاه الآلية الأخرى ويرى السائق الآخر ملزماً بمن خالف القانون وباغته وألحق به أضراراً لينقله إلى المشفى ويطبّبه ويعوّض على ذويه في حالة الوفاة، في ظل غياب شامل لتطبيق قانون عادل ومنصف للطرفين معاً ويلزم سائقي الدراجات بتطبيق القانون.
يوصّف مؤسِّس "اليازا" زياد عقل الواقع بأنه "حالة فوضى عارمة تشوب الطرقات العامة". وبرأيه، فإن الدراجة النارية "تشجّع على استعمالها الدول لكونها وسيلة تسهم في مكافحة الازدحام والتلوّث. ولكن الأمر مختلف في لبنان حيث إن الدراجة النارية هي أبرز وسائل مخالفة قانون السلامة العامة في الطرقات".
تدرج "اليازا" في خانة المخالفات عدم استعمال الخوذة وتخطّي الوزن المسموح به إضافة إلى عدم وجود لوحة رقمية للدراجة، ولا يعني ذلك عدم وجود نسبة قليلة تبدي التزامها بقانون السير العام.
ويقول عقل في حديثه لـ"النهار": "إن الفوضى التي وصل إليها قطاع الدراجات النارية عام 2022 كان كارثياً بامتياز ولم يكن له شبيه من ذي قبل. نحن كـ"يازا" نعتبر الطريق هي للمشاركة ضمن القانون بين الشاحنات، الدراجات، السيارات، الباصات والمشاة، ولكن في لبنان الدراجات والمشاة هم الحلقة الأضعف رغم أنهم يرتكبون بشكل واضح مخالفات عديدة. ويسأل عن غياب قوى الامن الداخلي في أداء واجبها لناحية تطبيق القانون على الدراجات النارية وهو أمر مزمن وليس بجديد على لبنان.
بدوره، أوضح مصدر أمني أن المشكلة الرئيسية في هذه الفوضى هي في عدم توفر نقل عام متطور، متشعب ومكثف. وأكد لـ"النهار" أن الأولوية هي ضبط الأمن في المناطق وتطبيق السلامة المرورية قدر الأمكان.
وتابع: "في ظل الانهيار لا يمكن حرمان الناس من التنقلات. الأزمة أنتجت ظواهر نقل غريبة وجديدة ومنها في غاية الخطورة ولكن الناس يحتاجون لوسيلة نقل. عنصر الأمن اليوم بين مهمة الحفاظ على الأمن الأهلي وتطبيق قواعد السلامة المرورية. ثم إن تتبع الدراجات النارية وتوقيفها أمر في غاية الصعوبة والخطورة ويستلزم الكثير من الإجراءات التي تحول دون تعريض العناصر للصدم ولا تعريض حياة السائق للخطر".
أثناء تولي الوزيرة ريا الحسن حقيبة الداخلية أُعلن عن سلسلة من الإجراءات المحفزة لسائقي الدراجات كي يبادروا إلى تسجيل آلياتهم والاستحصال على رخصة قيادة، ولكن الأمر اليوم معقد في ظل إقفال المؤسسات العامة.
يقارن منظم النشاطات في النادي اللبناني للدراجات النارية فؤاد صمدي بين الوضع الحالي وما كان عليه قبل تشرين 2019، حينها كان بمقدور الناس تسجيل آلياتهم ودفع رسوم الميكانيك.
وذكّر بالقرار الحكومي المتبع القاضي بمنع الدراجات النارية من القيادة بعد الساعة 7 إلا عبر ورقة صادرة من وزارة الداخلية تسمح بذلك.
ويشير صمدي إلى أن من بين 30 دراجة نارية اليوم في لبنان هناك دراجة واحدة مسجلة وذلك لأسباب عدة منها الانهيار الاقتصادي وإقفال مراكز التسجيل.
وسبق أن اجتمع النادي مع وزير الداخلية بسام المولوي وطالبوه حينها بتشديد الإجراءات تجاه الدراجات النارية للحد من الفوضى وفرض هيبة قوى الأمن عبر الحواجز وتسطير محاضر الضبظ وتسجيل المخالفات.
يطالب فؤاد الصمدي بإعفاء الآليات من التراكمات المفروضة على آلياتهم وذلك لحثهم على تسجيلها، ويؤكد أن الدراجة النارية هي وسيلة نقل لا موت، داعياً إلى نشر الرسالة حول ثقافة القيادة.
ويضيف: "هناك مشكلة أخرى ألا وهي "التوك توك" باعتبارها ظاهرة جديدة وصلت إلى لبنان وباتت أغلبية المناطق تستخدمها لكونها توفر من استخدام الوقود ومنها التي تعمل على الطاقة الكهربائية، لكن المشكلة تكمن في استخدام التوك توك بطريقة خاطئة خاصة أنه ليس مهيأ، أي يمكن أن ترى الحمولة تفوق العدد الطبيعي للأشخاص والتي يمكن أن تعرض حياة الأفراد للخطر تماماً كما حدث في الحادث الأخير في المدينة الرياضية وهذا أيضاً ينطبق على الدراجة النارية".
وتطلق جمعية "اليازا" ونادي الدراجات النارية، بالتعاون مع قوى الأمن الداخلي، حملات دورية على مدار السنة للجم الخروقات والمخالفات، ومنها عدم الالتزام بوضع الخوذة أثناء القيادة، مخالفة إشارات السير والسرعة، وبمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة أُطلقت حملة توعية تدعو لعدم الشرب والقيادة "تينعاد عليك".
هذه الحملة هدفها الحدّ أيضاً من الحوادث اليومية التي تشهدها يومياً العاصمة بيروت وضواحيها، ويقول صمدي: "بحسب إحصاءات قوى الأمن الداخلي هناك 311 ضحية في عام 2022 من جراء حوادث السير، لكن لا يوجد عدد محدّد للجرحى، وذلك لأن بعض الحوادث لا يُبلغ عنها في وزارة الداخلية، والجدير بالذكر أن هناك بعض الجرحى أصبحت لديهم إعاقة دائمة بسبب الحوادث".
وتمنى في السنة المقبلة العمل على الطرق كي تكون مجهزة للقيادة مع إنارة دائمة للطرق والأنفاق التي أصبحت اليوم شبيهة بأنفاق الموت، والأصعب من هذا أن معظم الحوادث القاتلة سببها المصارف الصحّية المسروقة أو المفتوحة!