صحيح أن مؤتمر البعثة الاقتصادية والتجارية للمنظمة الدولية للفرنكوفونية الذي انعقد في لبنان على مدى 3 أيام لم يحظَ بالاهتمام الاعلامي اللازم، وهذا أمر بديهي، نظراً الى التطورات العسكرية في المنطقة، بيد انه خلص الى نتائج ايجابية فاقت توقعات الجانبين الفرنكوفوني واللبناني.
هذه الخلاصة، وفق ما يقول عضو مجلس ادارة جمعية الصناعيين ونائب رئيس التحالف العالمي لأصحاب العمل في البلدان الفرنكوفونية دانيال عبود لـ"النهار"، جاءت نتيجة ما شهده المؤتمر من اجتماعات ولقاءات ناهز عددها الـ 350 اجتماعاً بين شركات لبنانية وشركات من دول فرنكوفونية عدة من غرب أفريقيا وأخرى من كندا وبلجيكا، اضافة الى عدد من الشركات الفرنسية. عدد الاجتماعات يبدو كبيرا، لكن بعضها اقتصر على التعارف، فيما 25% منها سيُستتبع باجتماعات ولقاءات اخرى نظرا الى الاهتمام المتبادل، على أمل أن تنتهي بعقد اتفاقات. أما القطاعات التي تم التركيز عليها فهي 4 قطاعات: الصناعات الغذائية، قطاع التكنولوجيا والمعلوماتية، أدوات التجميل والادوية، والطاقة المتجددة.
وبدا واضحا برأي عبود أن "الكثير من الشركات لم تكن تعرف أن ثمة منتجات في هذه القطاعات موجودة في لبنان والمنطقة عموما، خصوصا ما يتعلق بالصناعات الغذائية وتحديدا المنتجات الخالية من الغلوتين".
هذا بالنسبة الى الشركات الفرنكوفونية، أما الشركات اللبنانية فأبدت اهتمامها بالفاكهة التي تدخل في الصناعات المحلية، والزيوت، ومعدات صناعية اضافة الى التعاون التكنولوجي.
من النتائج المهمة التي خلص اليها المؤتمر، وفق عبود، هي أنه اضاء على القدرات والخبرات اللبنانية، لافتا الى أن من بين المشاركين رئيس تحالف أصحاب العمل الفرنكوفونيين في العالم والرئيس السابق لـ MEDEF جوفري رو دي بيزيو Geoffroy Roux de Bézieux الذي وعد بتنظيم بعثة من شركات فرنسية لتوقيع عقود مع شركات لبنانية في العام 2024.
وكان مؤتمر البعثة الاقتصادية والتجارية للمنظمة الدولية للفرنكوفونية انعقد في فندق الهيلتون، برعاية وزير الإقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام، وبحضور أكثر من 100 مشارك من كل أنحاء العالم وخصوصا من الدول الفرنكوفونية الذين حضروا الى لبنان كجزء من البعثة الاقتصادية والتجارية الثالثة للفرنكوفونية، ومن بينهم مديرة المنظمة الدولية للفرنكوفونية كارولين سانت هيلير نيابةً عن الأمين العام للمنظمة الدولية للفرنكوفونية لويز موشيكيوابو.
وأمس، زار وفد من البعثة الاقتصادية والتجارية الفرنكوفونية جمعية الصناعيين اللبنانيين حيث كان في استقباله نائبا رئيس الجمعية زياد بكداش وجورج نصراوي. حضر اللقاء وزير الصناعة جورج بوشكيان وعدد من اعضاء الهيئات الاقتصادية واعضاء مجلس ادارة الجمعية.
ترأس الوفد الفرنسي دي بيزيو، وجرى البحث في سبل تعزيز التعاون الصناعي بين لبنان وفرنسا والدول الفرنكوفونية وزيادة الاستثمارات مع لبنان.
واشار بكداش الى ان الميزان التجاري بين لبنان وفرنسا يصب لمصلحة الاخيرة، "بدليل أن حجم الصادرات اللبنانية اليها بلغ نحو 42 مليون دولار في العام 2022، في مقابل واردات بقيمة 304 ملايين دولار. لذا نسعى مع شركائنا الفرنسيين خصوصا والدول الفرنكوفونية عموما الى تحسين الميزان التجاري مع لبنان الذي يقدم منتجات بنوعية عالية والافادة من التكاليف التشغيلية التنافسية التي جذبت العديد من الشركات العالمية للتصنيع في لبنان مؤخرا، ومكّنتنا من تصدير منتجاتنا الى اوروبا".
من جهته، ركز وزير الصناعة على "الفجوة الكبيرة" في الميزان التجاري بين لبنان وفرنسا والدول الفرنكوفونية، داعيا الى "العمل بجدية من اجل تحقيق توازن من خلال العمل على رفع الصادرات اللبنانية الى هذه الدول وتحسينها"، مذكراً بأنه منذ نحو سنة وخلال زيارته الى فرنسا تمت مناقشة مشروع لجعل لبنان مثل "هونغ كونغ" بالنسبة الى فرنسا، "ونحن نرجو العمل على تحقيق هذا المشروع، نظرا الى أهميته الاستراتيجية وانعكاسه الايجابي على كلا البلدين". وقال: "ما نحتاجه ليس المال، انما الاندماج مع مصانع فرنسية".
بدوره، أعرب دي بيزيو عن اعجابه وتقديره للجهود التي يبذلها الصناعيون اللبنانيون الذي يعملون في ظروف صعبة للغاية، مطمئنا ان الصناعيين اللبنانيين "غير منسيين". وامل في ان تثمر هذه الزيارة فتح آفاق التعاون بين البلدين والعمل على تحسين التبادل التجاري، واعداً بالعمل على ذلك مع الجانب الفرنسي.