النهار

سلمان رشدي تسلم جائزة السلام الألمانية 2023: هناك أمور لا تستطيع الكلمات فعلها لا سيما إيقاف الحروب
المصدر: "النهار"
سلمان رشدي تسلم جائزة السلام الألمانية 2023: 
هناك أمور لا تستطيع الكلمات فعلها لا سيما إيقاف الحروب
سلمان رشدي تسلم جائزة السلام الألمانية 2023.
A+   A-
تسلم الكاتب البريطاني ذو الأصول الهندية سلمان رشدي، امس، جائزة السلام الألمانية لعام 2023، وذلك لنضاله من أجل حرية التعبير.

ودعا الكاتب سلمان رشدي، خلال حفل تسلمه جائزة السلام الألمانية لعام 2023، إلى الدفاع غير المشروط عن حرية التعبير، وقال الكاتب البالغ من العمر 76 عامًا : إننا نعيش في زمن لم أكن أعتقد مطلقًا أنني سأضطر إلى تجربته. الحرية - وخاصة حرية التعبير، التي بدونها ما كان لعالم الكتاب أن يوجد - تتعرض للهجوم من جميع الجهات من قبل الأصوات الرجعية، الاستبدادية، الشعبوية، الغوغائية، نصف المتعلمة، النرجسية والمهملة.


وخلال مشاركته في معرض فرنكفورت للكتاب، فضل حافظ سلمان رشدي، الروائي والكاتب البريطاني من أصل هندي، تجنب الظهور علنا كثيرا بعد تعرضه لهجوم بسكين في آب العام الماضي نجم عنه فقد بصره في إحدى عينيه.

وتأتي مشاركة رشدى، الحائز على جائزة البوكر والذي أهدر المرشد الإيراني السابق اية الله الخميني دمه بسبب روايته "آيات شيطانية"، لمناقشة أحدث أعماله الأدبية وهي رواية "مدينة النصر" وتسلمه "جائزة السلام" التي يمنحها اتحاد دور النشر والمكتبات الألمانية في ختام معرض فرنكفورت الدولي للكتاب امس الأحد. 

وأجرت DW مقابلة مع رشدي للحديث عن أحدث أعماله الأدبية وأيضا أبرز القضايا العالمية.

لا يمنح اتحاد دور النشر والمكتبات الألمانية "جائزة السلام" للأعمال الفنية والأدبية فحسب وإنما أيضا للتأكيد على الشعور بالمواطنة العالمية وفي حالتك لدعمك وتشجيعك الحرية في سائر أنحاء المعمورة، فماذا تعني لك هذه الجائزة؟

- إنه لأمر مهم جدا. أعتقد أننا جميعا ككُتاب على دراية بهذه الجائزة حيث حصل كُتاب رائعون عليها في السابق، لذلك أنا سعيد جدا بإدراج اسمي في هذه القائمة.

كيف أنت اليوم بعد مرور 14 شهرا على تعرضك للطعن وإصابتك بجروح خطيرة؟

- كما ترى، أشعر بأنني تعافيت كثيرا. أشعر ببعض التعب، لكني بخير.

في مقابلة مع مجلة "نيويوركر" في شباط الماضي، قلت إنك تعاني منذ الهجوم من افتقار القدرة على الكتابة لكن ليس بسبب وضعك الصحي، لكن منذ بضعة أيام، أُعلن عن انه ستنُشر روايتك الجديدة التي تحمل اسم "السكين" في فصل الربيع المقبل حيث تسرد الاعتداء الذي تعرضت له وتداعياته عليك. كيف وجدت الطريق للعودة إلى الكتابة؟

- لقد عاد الأمر للتو. أعتقد أنه بعد فترة وجيزة من المقابلة، وجدت أن الأفكار بدأت تتدفق مرة أخرى. لذلك أنا سعيد لأنني تمكنت من تأليف هذه الرواية التي ستصدر في الربيع.

ما الذي ساعدك على تجاوز هذه المحنة؟

- مجرد ممارسة، كنت أقوم بالكتابة منذ فترة طويلة. وفي النهاية، هذا ما أعادني إلى العمل
-
أثارت رواية "الآيات الشيطانية" أعمال شغب في ثمانينيات القرن الماضي، لذا دعنا نتحدث عن روايتك الحالية "مدينة النصر" التي صدرت هذا العام. إنها رواية خيالية عن صعود وسقوط مدينة بيسناغا التي تعود للقرون الوسطى في جنوب الهند، حيث كان الرجال والنساء من مختلف الأديان على قدم المساواة، لكن المدينة انهارت في نهاية المطاف لأنها تخلت عن مُثُلها العليا. هل يحمل هذا السرد في طياته أي إسقاط على عالمنا المعاصر؟

- حسنا، إذا كنت تكتب عن التاريخ إلى حد ما، فيتعين عليك أن تكتب أيضا عن الحاضر لأننا عندما ننظر إلى الماضي، نرى ما يهمنا وهو ما ينعكس على اهتمامنا بالأزمنة السابقة.

لكنني في حقيقة الأمر، رغبت في خلق عالم خاص بي. هناك العديد من الكتاب كان لهم السبق في ذلك مثل مقاطعة "يوكناباتوفا" الخيالية التي خلقها الروائي الأميركي وليام فولكنر الذي نال جائزة نوبل عام 1949، ومقاطعة "ماكوندو" الخيالية عند الروائي الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز وأيضا مدينة "مالغودي" الخيالية للروائي الهندي آر. كي. نارايان. وأردت أن يكون لي عالمي الصغير الخاص بي وهو ما تمثل في أمبراطورية بيسناغا.

يقول النقاد إن رواية "مدينة النصر" هي عمل نسائي داعم للمساواة بين الجنسين، هل كان ذلك هدفك؟

- أحد الأمور التي أثارت اهتمامي أثناء البحث عن الرواية أن فصولها دارت خلال فترة زمنية بعيدة في القرن الرابع عشر والخامس عشر حيث كانت المرأة تحظى بمكانة متقدمة جدا في المجتمعات حيث كان هناك اهتماما كبيرا بها سواء في التعليم حيث كانت هناك مدارس مخصصة للبنات تتساوى مع عدد مدارس الذكور.

 وخلال تلك الحقبة، عملت النساء في كل مناحي الحياة في الجيش والتجارة. أعتقد أن هذا كان صحيحا، لكن بطبيعة الحال، فإن التاريخ يشير إلى أنه ليس كل شيء صحيحا طوال الوقت. وحياة بطلة الرواية "بامبا كامبانا" كانت متقلبة ففي بعض الأوقات كانت ملكة متوجة، لكنها في أوقات أخرى كانت تعيش في الغابات.

وأعتقد أن هذا ينطبق أيضا على قيم المجتمعات فهناك لحظات تتجلى فيها القيم الليبرالية و المتسامحة والمنفتحة، لكن هناك لحظات أخرى تسيطر عليها الأفكار الرجعية والمعتصبة. أعتقد أن حياة الإنسان تسير على هذا المنوال.

فتوى إهدار دمك منذ أكثر من 34 عاما كادت أن تكلفك حياتك خلال هجوم العام الماضي. لماذا يخاف المستبدون والديكتاتوريون والأشخاص ذوو النفوذ من القصص الأدبية؟

- هذه هي الحال دائما في أجزاء كثيرة من العالم حيث يخشى الطغاة من الشعراء. وهذا أمر غريب جدا لأن الكُتاب لا يمتلكون جيوشا.

إذا ما هو تفسيرك لهذا الأمر؟

- أعتقد أنهم يخشون الروايات البديلة لهذا العالم. إحدى ركائز الحكم الاستبدادي تتمثل في فرض شكل خاص لهذا لعالم مع استبعاد أي أشكال أخرى. وبفضل أن الكُتاب يخلقون أشكالا خاصة بهم لهذا العالم وهو ما يغضب من هم في سدة الحكم، لذا فهم يحاولون اسكاتهم.

في خضم الحرب الحالية بين حماس وإسرائيل، هل يمكن أن يكون للأدب دور في المساعدة على إنهاء الصراع؟

- دور بسيط جدا، أنا أحاول دائما ألا أبالغ في تقدير قوة الأدب. ما يستطيع الكُتاب أن يفعلوه – وما يفعلونه دائما – هو الذي يشعر به الكثير من الناس في الوقت الراهن ولفت انتباه العالم إلى هذه المعاناة. أعتقد أن الكُتاب في كل مكان يفعلون ذلك الآن فيما يمكن أن يكون أفضل انجازاتهم في تسليط الضوء على أسس المشكلة.

  هل معنى أن الروايات والأعمال الأدبية والكلمة بشكل عام تفقد قوتها في خضم هذه الأزمات؟

- أعتقد أن هناك أمور لا تستطيع الكلمات فعلها لا سيما إيقاف الحروب. أعتقد أن الحقيقة أولى ضحايا الحرب لأن الناس يبدأون في تقديم روايتهم الدعائية الخاصة لهذه الأحداث. وهذا أمر صعب للغاية عندما لا تتمكن من التمييز بين الحقيقة والخيال في مناطق الحروب.

لذلك أعتقد أنه على عاتق المراسلين والصحافيين مسؤولية إثبات الحقائق. وإذا كانت الصحافة قادرة على القيام بذلك، فهي تؤدي خدمة قيمة للغاية.


اقرأ في النهار Premium