يواصل الجيش الإسرائيلي ارتكاب عشرات المجازر بحق المدنيين في قطاع غزّة، وإطلاق القنابل والصواريخ، ممّا أدّى إلى تدمير شامل للأحياء السكنية في غزة، في الوقت الذي يزداد فيه الوضع تدهوراً. هذا الواقع المروّع دفع البعض إلى المقارنة بين كمية المتفجرات التي ألقتها إسرائيل على غزة وبين قنبلة هيروشيما التي ألقتها الولايات المتحدّة الأميركية على اليابان لدفعها إلى الاستسلام.
بلغت كمية المتفجرات الملقاة على غزة نحو 12 ألف طن على مدار الأسبوعين الماضيين، فأعاد حجم الدمار إلى الأذهان ما أحدثته قنبلة هيروشيما، بالمقارنة ما بين الوزن والآثار والمخاطر الفعلية، فضلاً عن حركة الفوالق في المنطقة.
وفق ما هو معروف، بلغ وزن قنبلة هيروشيما 15 ألف طن بينما يصل وزن ما ألقته إسرائيل على غزة إلى 12 ألف طن حتى السّاعة، ممّا يعني أن "33 طنًا من المتفجّرات أُلقيت على كلّ كيلومتر مربع من قطاع غزّة بالمتوسط منذ بداية العدوان".
فهل تؤثر هذه المتفجرات على حركة فالق البحر الميت؟
سارع الباحث والمحاضر في الجيولوجيا وعلم الزلازل في الجامعة الأميركية في بيروت، الدكتور طوني نمر، إلى طمأنة الناس، عبر تغريدة له من حسابه على موقع "إكس"، بأن "قطاع غزة (المضلّع الأصفر) يبعد عن فالق البحر الميت (الخطوط الحمر) ما يزيد عن 100 كلم، وبالتالي ليس هناك من تأثير مباشر للتفجيرات المتقطّعة على حركة الفالق الزلزالية".
وانطلاقاً من ذلك، يأتي السؤال الأهم، متى تؤثر هذه المتفجرات على حركة الأرض والفوالق؟ ومتى يبرز الخطر الفعلي؟
يشرح نمر في حديث لـ"النهار" بأن كلّ الانفجارات التي تحدث في قطاع غزة تأثيرها ضعيف على فالق البحر الميت. وكما بات معلوماً، فإن 12 ألف طن من المتفجرات، ألقتها إسرائيل على قطاع غزة، لم تنفجر دفعة واحدة، وانما بشكل متقطع منذ 7 تشرين الأول. وبالتالي، فإن انفجارها بشكل متقطع يخفّف من تأثيرها على الفوالق القريبة".
يصوّر نمر المشهد لتوضيح الصورة أكثر بالقول "لو تمّ تفجير 12 ألف طن دفعة واحدة (وهذه الكمية مقاربة لقنبلة هيروشيما) على خطّ الفالق، فمن الممكن أن تؤثر الضغوطات عليه، وأن تُسبّب تحريكه. ونعرف جيداً أن التجارب النووية من شأنها أن تؤثر على حركة الزلازل. ولكن ما يحصل في غزة أن الانفجارات لا تحدث دفعة واحدة كما أنها لا تنفجر قرب خطّ الزلازل، وبالتالي تأثيرها يكون ضعيفاً على حركة الهزات الأرضية".
ومع ذلك، يشدّد نمر على أنه "لا يمكن الجزم بعدم وجود خطورة بالمطلق. وما يجب أن نعرفه أنّه كلما كنا على مسافة بعيدة من الفالق كانت الخطورة أقلّ، وكلّما كانت المتفجرات متقطعة كانت خطورتها أقلّ أيضاً. أما إن كانت هذه المتفجرات قريبة من الفالق فتزيد خطورتها أكثر كما هي الحال لو انفجرت جميعها دفعة واحدة على مقربة من خط الفالق".
ويؤكد نمر أن "المعطيات العلميّة المتوفّرة في هذا المجال ضيئلة جداً. فعند مراجعة الهزات الأرضية التي سبّبتها الأفعال البشرية لم نجد مرة واحدة في التوثيقات اهتزازات لها علاقة بفترات الحروب. ولكن هذا لا يمنع أن تكون بعض الأمور الحربية قد أثرت".
وعن خطر اندلاع الحرب في لبنان على خطوط الفوالق، يوضح نمر بأنه "كلّما كانت الانفجارات قريبة من خط الفوالق زاد الخطر أكثر. كذلك كلّما كانت الانفجارات متواصلة، غير متقطعة، يكون تأثيرها على ضغوطات الفوالق أكبر".
ويشير إلى أن "فالق البحر الميت يعتبر رئيسياً. وعندما يصل إلى لبنان يتفرّع إلى 4 فوالق، إلا أنّ الفالق الرئيسي الذي يصل الجنوب بالشمال هو فالق اليمونة. وبالتالي، يعتبر عملياً الفالق الأخطر من ناحية تحرّكه. وفي حال تحرّكه بالكامل يتسبّب بزلزال أكبر. لذلك يختلف ضغط التأثير وحجمه وفق كمية المتفجرات وموقعها وكثافتها، وكلّما كان طول الفالق كبيراً ينجم عنه زلزال أكبر مقارنة بالفالق الصغير".