مرة أخرى يوضع مصير محطة تكرير المياه المبتذلة لمدينة زحلة وجوارها على طاولة إجتماعات موسعة. فبعد أن مدّها التمويل الإيطالي بسبل الإنعاش مرتين: المرة الأولى بقرض ميسّر بقيمة 22 مليون يورو لوضعها في الخدمة العام 2017، والمرة الثانية بمنحة قدرها 4 ملايين يورو، تنفق عبر "برنامج الأمم المتحدة الإنمائي" لاستمرار تشغيلها، لمدة سنتين غير قابلتين للتجديد تنتهيان في 31 آب المقبل من العام 2024. ليصبح مصير المحطة بيد السلطات اللبنانية التي سيتوجب عليها أن تتولى مسؤولياتها، باستلام المنشأة وإدارتها وتمويلها وتشغيلها، كما هو متففق عليه.
قبل 9 أشهر من هذا الاستحقاق المصيري، عادت سفيرة إيطاليا لدى لبنان نيكوليتا بومباردييري للمرة الرابعة إلى المنشأة ترافقها مديرة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان ميلاني هاونشتاين لوضع النقاط على الحروف، في حضور وزير الطاقة والمياه وليد فياض، النائبين سليم عون وجورج عقيص ومختلف الجهات المعنية والمستفيدة من المحطة من بلديات إلى مؤسسة مياه البقاع، إلى البرامج المعنية بحوض الليطاني والمتعهدين المنفذين للمشاريع الممولة لرفع التلوث عن الحوض.
ثلاثة أسباب تقف خلف استقطاب السفيرة الإيطالية جميع الأطراف المعنية إلى المحطة: "الإضاءة على أهمية هذه المنشأة"، موضحة بأنها "الوحيدة في لبنان التي تقوم بالمعالجة الثلاثية في لبنان، وتخدم ما يزيد عن 200 ألف نسمة في قضاء زحلة. ولها دور جوهري في منطقة تشكل فيها الزراعة المستدامة عاملاً أساسياً في نموها الاقتصادي. كما تجلت أهميتها عندما بدأت الكوليرا بالتفشي،، العام الفائت، في البلاد، بحيث حمتها، وحمت تحديداً حوض الليطاني من الوباء.
السبب الثاني هو الإعلان "بطريقة شفافة عما أنجز لغاية الآن وما هي الحاجات المتبقية"، متحدثة عن "عقبات إدارية وتقنية، بخاصة في ما يتعلق بتزويد المنشأة بالتيار الكهربائي. وقد عملنا بجهد مع وكالة التعاون الإيطالية، ومع مديرة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان، ووزارة الطاقة والمياه وباقي شركائنا وأوجدنا حلولاً بنيوية".
والسبب الأخير هو "التأكد من أن جميع المعنيين بالمشروع سيتحملون مسؤوليتهم بما يسمح باستمرار عمل المنشأة".
وفي هذا الإطار دعت السفيرة الإيطالية السلطات اللبنانية إلى أن "تضمن بأنه سيكون هناك حل مستدام يحفظ استمرار تشغيل" المنشأة، مشيرة إلى الحاجة "لأن يعمل المعنيون معاً لوضع خطة عمل لتولي كامل مسؤولية ملكيتهم للمحطة، بالتماشي مع الخطة الشاملة لإصلاح قطاع المياه الجاري العمل عليه في لبنان، مؤكدة "هذا قرار سيادي، يعود للحكومة ولمجلس النواب اللبنانيين اتخاذه. أنا مقتنعة بأن استمرار عمل هذه المنشأة بكامل طاقتها مهم جداً، لكن الأمر يعود في النهاية إلى لبنان ليقرر أولويات إنفاقه العام. هناك حاجة لقرار نهائي حول نموذج الحوكمة لهذه المنشأة وتخصيص الموارد المالية العامة لها. لا تزال موازنة 2024 قيد النقاش في البرلمان، وهذا هو الوقت المناسب لاقتراح السياسات".
وبما يشبه التحذير تحدثت مديرة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان ميلاني هاونشتاين عن تجربة البرنامج في تشغيل وصيانة المحطة خلال ما يزيد عن عام، مضيفة "لقد كانت هذه الاستجابة بمثابة تدخل تجريبي يمكن أن يمهد الطريق لتكراره في المستقبل في محطات معالجة مياه الصرف الصحي الأخرى. وفي حال نجاحها، يمكن أن تمهد الطريق لتدخلات مماثلة من جانب الأمم المتحدة وشركائها خلال هذا الوقت من الأزمة التي يعاني منها لبنان. ومن ناحية أخرى، لا يسعني إلا أن أؤكد أن فشلها قد يثبط عزيمة المانحين المحتملين في المستقبل، وسيضر بالصحة العامة وسبل العيش والاقتصاد المحلي وحتى الأمن الغذائي الوطني".
من جهته وبعد أن عدد ما قامت به وزارة الطاقة للمساهمة في تذليل العقبات لاستمرار عمل محطة التكرير، توجه وزير الطاقة وليد فياض إلى السلطات المحلية والمواطنين المعنيين بنجاح هذا المشروع إلى تبنيه والسهر عليه، وتسديد فواتيرهم ورفع نسبة الاشتراكات والجباية. ودعا المصانع والمسالخ إلى احترام المعايير الموضوعة لمياهها المبتذلة.
تابع بعدها الحضور عرضا لفريق "برنامج الأمم المتحدة الإنمائي" عما جرى تحقيقه وتذليله خلال العام الماضي لاستمرار عمل المحطة والتحديات القائمة. كما كان عرض لفريق وزارة الطاقة حول استراتيجة الوزارة لإدارة محطات التكرير، ومن بينها العقبات الإدارية في غياب القدرة على التوظيف لملء الشواغر بالكوادر والخبرات، العقبات التمويلية لجهة الحاجة إلى تكييف تعرفة الجباية وفقاً لأسعار صرف الدولار، وبالتالي رفع قيمة هذه التعرفة تدريجياً، زيادة عدد الاشتراكات وتحسين الجباية، وتصنيف المكلفين حسب الفئات.