النهار

قلعة راشيا تتحول متحفاً استقلالياً تفاعلياً جاذباً للشباب... "مؤسسة الوليد" تريده لاحياء التجربة لا للذكرى فقط
المصدر: "النهار"
قلعة راشيا تتحول متحفاً استقلالياً تفاعلياً جاذباً للشباب... "مؤسسة الوليد" تريده لاحياء التجربة لا للذكرى فقط
صورة من الاحتفال الرسمي في عيد الاستقلال في قلعة راشيا بحضور الرئيس ميقاتي (نبيل إسماعيل).
A+   A-
متحف الاستقلال مشروع جديد برؤية شبابيّة يجعل من قلعة راشيا الأثريّة مساحة تفاعليّة وتعليمية وتثقيفيّة. هدفها اِعادة اِحياء تجربة الإستقلال ومشاركتها مع اللبنانيين.

خلال الحفل الذي اقيم في القلعة الاثرية الاربعاء في ثمانين الاستقلال، اعلنت الوزيرة السابقة ليلى الصلح حمادة اطلاق مشروع تحويل القلعة متحفا بمبادرة من "مؤسسة الوليد للانسانية". وبعد الاعلان عن انطلاق المشروع، عرض شريط يعرض ما سيكون عليه المتحف بعد انجازه. وقالت "بعد ان قامت مؤسسة الوليد بن طلال الانسانية بترميم هذه القلعة والإستحصال على أرشيف فترة الاستقلال ورجالات الاستقلال، اغتنم هذه الفرصة لأقول ان وجودي اليوم هنا في القلعة التي لم يزرها البعض منكم الذي لم يزرها ابدا لاعلن عن اطلاق مشروع "متحف الاستقلال" ليرى النور بمشيئة الله السنة المقبلة موقعا باسم مجموعة من شباب هذا الوطن وخريجي جامعاته وسيكون متحفا للذكرى وللعبرة.

ويضع المتحف بمتناول الجمهور معلومات ووثائق مهمّة، كلّها موضوعة بأطر متطوّرة وحديثة .
 
والتصميم الجديد يحافظ على طابع القلعة وهويتها وبنيتها المعمارية، ويدمج التقنيّات الحاضرة مع الحديثة المتطوّرة المرئيّة، والصوتيّة والثلاثة الأبعاد.

بالنسبة لغرف القلعة: الرئيس بشارة الخوري، والرئيس رياض الصلح، والقادة الفرنسيين، وباقي المعتقلين، بقيت على طابعها القديم، مع ادخال تجهيزات تفاعليّة تروي الحدث التاريخي لها.
خصّصت الساحة الداخليّة كمساحة متعددة الاستعمال للفنون، والمعارض، والأنشطة الثقافيّة.

أما الطبقة السفلية فخصّصت لأهالي راشيا، بهدف اقامة انشطة ثقافية واجتماعيّة وتربويّة وفنيّة.
 


وكانت مؤسسة الوليد عملت سابقا على ترميم القلعة بعدما ظلت مهملة لزمن طويل. وخلال العملية في بداية العام 2000 تبيّن وجود قبور صخرية لا تحتوي أي شيء في الباحة الخارجية للقلعة. كما اكتشف خلال عمليات لمدّ شبكة للمياه في راشيا الوادي وجود دهليز يصل القلعة بالمنطقة الغربية للبلدة، ثم ظهرت أربعة دهاليز أخرى لاحقاً يعتقد بأنها استخدمت في تهريب محاصرين في القلعة إلى خارجها بأمان لمسافة تزيد عن 500 متر.

وعن تاريخ القلعة نشرت سابقا وكالة الاناضول تحقيقا مما فيه: لم يكن اللبنانيون يوماً يعلمون أن "قلعة راشيا"، المنتصبة فوق منحدرات ثلاثة، على ارتفاع ألف و400 متر عن سطح البحر، والمقابلة للأراضي السورية والفلسطينية، ستكون أيقونة تاريخية ترتبط باستقلال لبنان عن الاحتلال الفرنسي.ويعود تاريخ القلعة، إلى العهد الروماني، حيث بنيت كحصن تأمين ومراقبة للقوافل التجارية، التي كانت تنطلق من لبنان الى البلدان المجاورة، ومنها إلى الموانىء العالمية. ومكنها موقعها الاستراتيجي من لعب دور تأمين القوافل التجارية؛ لأنها لا تبعد سوى نصف ساعة عن الأراضي الفلسطينية، ومثلها إلى سوريا، وفقاً للمرشدة السياحة في القلعة. كما أصبحت القلعة إبّان الغزو الصليبي للشرق (1099)، حصن دفاع عسكري ومركز تدريب للجنود، ليضيفوا لها في وقت لاحق أبراج مراقبة جديدة.

لكنّ العائلة الشهابية (1370)، خلال الحكم العثماني، وسّعت حدود القلعة إلى 8 آلاف متر مربع، واتّخذتها كمقر للعائلات الحاكمة، التي تعاقبت على إدارة لبنان.

وجعل الشهابيون لها قناطر عثمانية في جهتها الجنوبية الغربية، وتركوا في صدرها لوحة حجرية منقوشة بدقة.
 


مع بداية الانتداب الفرنسي (1920- 1943) تم تشييد سور القلعة الشرقي (1920)، وأعيد ترميم بعض أجزائها باستخدام حجارة المنازل المحيطة بها. لكن الفرنسيين استخدموا القلعة خلال فترة حكمهم كسجن ومعتقل ليس لعوام الناس فقط، بل لرجال السياسة أيضا".

ليل العاشر من تشرين الثاني 1943، عمدت القوات الفرنسية إلى اعتقال رئيس الجمهورية بشارة الخوري (1943- 1952)، ورئيس الوزراء رياض الصلح، إضافة الى وزير الخارجية والأشغال العامة سليم تقلا، ونائب الشمال عبد الحميد كرامي، مع عادل عسيران، وزير التجارة والصناعة والتموين، ووزير الداخلية كميل شمعون، وسجنتهم في غرف منفردة داخل القلعة.

ويروي شوقي دلال، تفصيلاً سمعه من أحد كبار السن الذي أخبره أن "الرسائل كانت تنتقل بين المعتقلين والثوار في الميادين من خلال حلّاق في راشيا، والذي كان بدوره يخفي الرسائل داخل موس الحلاقة كي لا يتمكن الجنود الفرنسيون من اكتشافها".

ونتيجة للضغط الشعبي أفرج الجنرال الفرنسي كاترو، عن المعتقلين في راشيا، في 22 تشرين الثاني من العام نفسه.

ويصف دلال المشهد قائلاً: "خرج مئات اللبنانيين إلى حرم القلعة، وحملوا بشارة الخوري، ورياض الصلح، على أكتافهم إلى أن وصلوا إلى أسواق راشيا، المحاذية للقلعة؛ ليشاركوا في أول مهرجان احتفالي استقلالي في لبنان.
 


وأضاف: "يوجد في القلعة مسرح يتسع لآلاف الأشخاص، تنظم فيه سنوياً مهرجانات الصيف، لكن المشروع الذي سيبدأ العمل عليه يتمثل في بناء متحف داخل القلعة، وتخصص فيه زوايا لإبراز كل ما هو متعلق بالمرحلة الاستقلالية".

وقبل ذلك، في 22 تشرين الثاني 1925، شهدت البلدة واحدة من أشرس المعارك. فاقتحم المقاتلون في الثورة السورية الكبرى، بقيادة زيد الاطرش شقيق سلطان باشا الأطرش، أسوار القلعة لتحريرها من الجنود الفرنسيين، فسقط حينها العديد من الشهداء من أبناء راشيا والجوار.

وخلال حكم العثمانيين كانت تسمّى القلعة باسم القشلة، وهي كلمة تركية تعني مكان إيواء الخيول والماشية. ولكن عندما أتى الفرنسيون إلى وادي التّيم جعل الجنرال هنري غورو القلعة قاعدة عسكرية ومقراً سياسياً لتلبية طموحات الوجود على مسافة قريبة من دمشق، إذ إن راشيا الوادي كانت أحد الأقضية الأربعة التابعة لدمشق.

اقرأ في النهار Premium