يشهد معرض بيروت العربي الدولي للكتاب إقبالاً تصاعدياً مع مرور الأيام الأولى على انطلاقه في دورته الخامسة والستين. هذه الدورة التي أصرّ النادي الثقافي العربي على تنظيمها رغم الظروف الراهنة وبذلك تمسّك بدور بيروت الرائد في صناعة الفكر والكلمة الحرّة لا سيما في الظروف التي يعيشها لبنان والمنطقة.
يستمرّ المعرض حتى الأحد المقبل، ومنذ اليوم الأول وبعيد الافتتاح في 23 من الشهر الحالي، انطلقت فعالياته الفكرية الموازية ونظّم النادي الثقافي العربي أولى ندواته وكانت حول كتاب الدكتور شارل رزق الصادر حديثًا عن دار النهار بعنوان "اللحظة القومية العربية".
تخللتها مداخلات للرئيس فؤاد السنيورة وللزميل سركيس نعوم، وشاركت في مناقشاتها رئيسة النادي الثقافي العربي سلوى السنيورة بعاصيري إلى جانب القاضي زياد شبيب عن دار النهار والعديد من الباحثين والمهتمين. وكان لموضوع الكتاب أهمية خاصة بنظر المشاركين بسبب التطورات الأخيرة التي تشهدها القضية الفلسطينية والتي أعادت هذه القضية إلى صلب الاهتمام العربي والعالمي. وكان البحث في الكتاب الجديد منطلقًا من آنيّة مسألة العروبة التي شهدت مؤخرًا فصولًا جديدة مع الصعود اللافت في السياسة والاقتصاد لدور المملكة العربية السعودية الذي بدأت تتشكل حوله ملامح ريادية تتخطى الشأن الداخلي، فكان التساؤل مشروعًا عن موقع هذه التجربة العربية المختلفة عن سابقاتها وعن أثرها على تكوين حالة عربية جامعة جديدة في ضوء المعطيات الحالية وفي ضوء التجارب التي شهدها القرن الماضي.
في اليوم الثاني من أيام المعرض، كانت قاعة المحاضرات في المعرض على موعد مع ندوة حول كتاب الرئيس السابق لتعاونية موظفي الدولة أنور ضو بعنوان "أنسنة الإدارة". وجرى التطرق إلى جوانب الكتاب وإظهار أهميته في الأحوال التي وصلتها الإدارة العامة لأنه يشكل بوصلة للعاملين في الإدارة العامة ويتضمن تجربة غنية للكاتب وضعها بين أيدي الراغبين بإصلاح تلك الإدارة والمتمسكين بمبادئ الشفافية والإنسانية في الخدمة العامة، وكان إجماع على أن هذا الكتاب يجب اعتماده من قبل معاهد الإدارة العامة والكليات الجامعية التي تقوم بتدريس مواد متصلة بالإدارة العامة. وتعاقب على الحديث كل من الوزير الأسبق الدكتور خالد قباني، والرئيس الأسبق لمجلس القضاء الأعلى الدكتور غالب غانم، ومدير مركز بيروت في مؤسسة الدراسات الفلسطينية رامي الريّس.
وبعد انتهاء الندوة وقع الكاتب كتابه في جناح دار النهار الذي شهد إقبالاً كبيرًا.
أما السبت، فكان جناح دار النهار على موعد مع حفلي توقيع كتابين يحمل كل منهما نكهة خاصة. الأول كتاب صدر عن دار النهار حديثًا للمفكّر والكاتب العراقي عبد الحسين شعبان بعنوان "رحلة البنفسج" يتناول حياة وعطاء الشاعر العراقي الراحل مظفّر النوّاب الذي شغلت قصائده بالفصحى وبالعاميّة العراقية أجيالًا من محبّيه على مدى الوطن العربي الذي قضى في العديد من عواصمه معظم سني حياته في المنفى. أما الكتاب الثاني فهو الرواية الأولى للدكتور محمد محسن الذي يشغل عميد المعهد العالي للدكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية، والرواية بعنوان "محطة العريس" تؤرّخ لحقبة من تاريخ بيروت الحديث بأسلوب شيّق شاء الكاتب من خلالها أن يُخرج إلى العلن فصولًا من قصة حقيقية عن والده "التحرّي" في زمن بناء الدولة منتصف القرن الماضي مع التحولات التي عرفتها العاصمة ولبنان آنذاك على المستويات كافة.