وسام اسماعيل
تُعَدُّ مدينة بعلبك واحدة من أبرز الوجهات السياحية في لبنان، إذ تتمتع بتاريخ غني وتراث ثقافي فريد. ومع ذلك، فإن الوضع الحالي للمدينة وأسواقها التجارية يشهد مستويات غير مسبوقة من الفوضى والتلوث البصري، ويُسجل غياب دور البلدية المحلية في تنظيم الأمور والحفاظ على جمال المنظر العام.
هذه المشكلة تتعلق أساساً بعدم احترام أصحاب المحال التجارية لنظام السير وتعليمات استخدام المساحات العامة بشكل مناسب. فعوضاً عن احتلال أصحاب المحال التجارية "والبسطات" للأرصفة العامة التي يجب أن تكون مساحات للمشاة ولتنقل السياح والزوار سيراً على الأقدام للتسوّق في الوسط التجاري، يتم استخدامها لعرض المنتجات وحجزها للطاولات والكراسي التي يشغلها رواد المحلات التجارية، ويحول ذلك دون توفر مساحات آمنة لعبور المشاة على مسار آمن أو من جهة إلى أخرى، ناهيك عن تعريض الناس للخطر.
وفاقم الواقع المزري لخطة السير في المدينة الأزمة، إذ تغيب عناصر الشرطة المختصة بتنظيم حركة المرور وتسهيل حركة المشاة في الأسواق ومحيطها.
هذه المشهدية خلَّفت تأثيرات سلبية كبيرة على الصورة العامة للمدينة وسببت إزعاجاً للسكان المحليين والسياح.
والأمر الأشد قساوة والذي لا يليق بمدينة بعلبك وأهلها وقيمهم، تراكم النفايات والأوساخ داخل نهر رأس العين، الذي يمتد من المقاهي السياحية في محلة رأس العين، وصولاً إلى السوق التجاري وقلعة بعلبك الأثرية. مع ما تخلفه النفايات من روائح كريهة، مع الإشارة إلى أن مصدرها الأساس مخلفات بعض الأكشاك غير المرخصة التي ترمي فضلاتها في النهر على امتداد مجراه.
وينتج عن هذه الفوضى تشويه للمنظر الحضري للمدينة، التي هي إحدى المدن المصنفة على لائحة التراث العالمي، وبالتالي يجب الحفاظ على تاريخها وتراثها من خلال توفير بيئة نظيفة وجميلة للسياح والمقيمين.
أحمد الفوعاني وهو أحد المواطنين الذين صودف مرورهم اثناء تصويرنا لتلك المخالفات قال: "المشكلة تتطلب تدخلاً عاجلاً من جانب البلدية المحلية والجهات المعنية الأخرى، ورفع هذه الصورة المذلة للمدينة وأهلها، ويجب أن تتخذ البلدية إجراءات للحد من احتلال الأرصفة من قبل أصحاب المحال التجارية، وفرض غرامات مالية رادعة على المخالفين".
فيما سأل زميله علي أين القوى الأمنية والشرطة البلدية المختصة بتنظيم حركة المرور وضبط التجاوزات لضمان تسهيل حركة المشاة والسيارات في الأسواق ومحيطها؟.
رئيس بلدية بعلبك، مصطفى الشل، اكد في حديث لـ"النهار "أن "المجلس البلدي يعمل على الدوام للتصدي للأزمة التي تعانيها المدينة وأسواقها التجارية بكل الإمكانيات المتاحة".
وأشار إلى أن "القسم الأكبر من المشكلة تتحمله وزارة الأشغال، حيث إن مسؤولية البلدية تتمثل في الأحياء الداخلية فقط، وتم تنظيم عدة حملات لإزالة المخالفات والحفاظ على النظافة في إطار الإمكانيات المتاحة، ولكن المخالفات تعود بعد فترة من الحملة. لذا، فإن البلدية تنوي القيام بحملة شاملة تستهدف وضع محاضر ضبط صارمة بحق المخالفين، بعدما أعطت الفرصة للأهالي والتجار للتجاوب مع الحملة والمساهمة في المحافظة على جمالية المدينة وصورتها البهية".
وعمد الشل بعد انتهاء الحديث مع" النهار" إلى إصدار تعليمات فورية للمعنيين وللشرطة البلدية بالتوجه إلى كافة الأسواق التجارية والأحياء وتوجيه إنذارات لكل المخالفين، ومنحهم فرصة لغاية يوم غد (السبت) قبل البدء بتسطير محاضر بحقهم، مؤكداً "توجه البلدية لتنفيذ حملة شاملة تعكس التزامها بتحسين الوضع وتعزيز الحياة المجتمعية في بعلبك، وهو ما يتطلب تعاون جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الأهالي والتجار، للحفاظ على المدينة ونظافتها وجماليتها".
بدوره عضو جمعية تجار بعلبك ناصر عواضة أكد أن "وجود المخالفات التي لا تعد ولا تحصى تؤثر سلبًا على صورة السوق التجاري في المدينة"، معتبرا أن "جميع الأطراف مسؤولون عن هذه المشكلة، ويقوم بعض أصحاب المحلات التجارية بتحمل مسؤولية أكبر من غيرهم، خاصة عندما لا يلتزمون بالنظافة العامة ويقومون برمي النفايات أمام محلاتهم بدلاً من وضعها في الحاويات الكبيرة التي توفرها البلدية. كما يقومون بركن سياراتهم أمام المحلات بدلاً من ركنها في المواقف المخصصة، ما يؤدي إلى زحمة مرور ويعيق وصول الزائرين وقد يجعلهم يغادرون المدينة قبل التسوق من محلاتها.
ويشير عواضة إلى أن "الجهات المعنية بتنظيم السير في بعلبك تعاني من نقص كبير يمنعها من أداء واجباتها بشكل كامل، وأن البلدية تعاني من نفس المشكلة".
ويرى عواضة أن "بعض الحسابات المتداولة لدى بعض الناس تكمن في الخوف من حدوث خلافات قد تتحول إلى مشاكل عائلية بين الجهة المولجة في تسطير مخالفات في البلدية ومرتكبي المخالفات عندما يتم إزالتها. وهذا يجعلهم يترددون في تسطير محاضر ضبط، وتمديد المهل لإزالة المخالفة".
ويشدد عواضة على "ضرورة التعامل مع هذه المشكلة والعمل على إظهار الصورة الحضارية للمدينة، وتحمل الجميع مسؤولياتهم".