ميشال حلاق- النهار
أكثر من 1000 تلميذ يمثّلون عدداً من المدارس العكارية زاروا معرض عطر السحاب للفنان الفرنسي زاربو والذي أقيم في إحدى قاعات معمل الحرير التراثي-السياحي وسط بلدة القبيات العكارية واستمر على مدى 10 أيام متتالية ابتداءً من 23 تشرين الثاني ولغاية 2 كانون الأول الجاري.
زاربو، وهو رسام ومؤلف قصص مصورة، التقى خلال إقامته لأسابيع عدة في محلة الشنبوق أعالي بلدة القبيات، بهيكل ابن بلدة القبيات الذي يملك مزرعة في هذه المنطقة ويهتم بالماشية. وابن هيكل (توماس)، الذي يهتم بالمطعم والنزل. كما يلتقى الفنان بالماعز وبأشجار التفاح، وأيضاً بالغيوم وبالاشحار الحرجية.
من هذه المادة الغنية، ألف "زاربو" كتاباً عن قصص مصورة ومعرض رسوم. والكتاب والمعرض يتكاملان ليُخبران قصة لقاء الفنان مع أرض الشنبوق أعالي بلدة القبيات العكارية.
إنه عمل وثائقي مليء بالشاعرية عن مكان في عكار شمال لبنان مع نظرة مختلفة تتأرجح ما بين الاندهاش والإحساس والتأمل الداخلي، وحتى السخرية أحياناً.
المعرض يضم ١٢ لوحة أكواريل كبيرة تذكّر بأشهر السنة ال١٢ وبساعات النهار ال١٢، عن أماكن ومشاهد من أرض الشنبوق. حول هذه اللوحات الأساسية هناك ٨٠ لوحة أخرى من القطع الصغير والمربع، على شكل قصص مصورة تحاكي ١٥ قصة قصيرة (Strip).
وقد واكب عرض اللوحات موسيقى أُلّفت خصيصاً للمناسبة من قبل موسيقتين لبنانيتين، ريتا أبو خليل وريتا شهوان، ريتا أبو خليل على البيانو، پول أبي طربيه على العود، إيلي فرح على الناي ولويس زعنّي على الإيقاع.
و المعرض اتى بتنظيم من الصالون الثقافي- القبيات. عقدت على هامشه سلسلة لقاءات مع الفنان زاربو وتلامذة مدارس عكار الذين شارك بعضهم في المعرض عبر رسومات تتناول بيئة التلميذ، بحضور كل من هيكل وتوماس، الشخصيتان الرئيسيتان في القصة المصوّرة.
إشارة الى أن الدخول للمعرض كان مجانياً.
يشار الى أن القصة المصوّرة تحكي عن أرض الشنبوق في القبيات، هذه المنطقة الجبلية المتميزة بغطائها الحرجي، بشكل مستفيض عبى صفحاتها الـ٦٤ تحوي أكثر من ١٨٠ أكواريل مرتبة على شكل ستريب strip. وقد رافق الصور والرسومات نص باللغتين الفرنسية والعربية.
حيث يتبع القارئ مسيراً داخل أرض الشنبوق فيجول في المكان وفي الزمان ليكتشف العديد من جوانب المزرعة.
من خصائص الكتاب أنه مؤلف كالجمل التي تقرأ من اليمين إلى اليسار أو بالعكس من دون أن يتغير المعنى. فالكتاب يقرأ في الاتجاهين كما صفحاته المزدوجة أيضاً.
زاربو
هو فنان فرنسي مقيم في طرابلس ويحكي بالرسم قصصاً، عن لبنان بالأخص، تتناول الواقع غير المنظور والمخبّأ والذي لم يُحكى عنه كثيراً.
يُدرك زاربو بأن كثيرون لا يملكون القدرة على شراء الكتب، لذا يتخيل قصصه المرسومة من خارج نطاق الكتاب الورقي ويجسدها في معارض أو على التواصل الاجتماعي أو حتى على جدران المدينة.
أصدر زاربو سنة ٢٠٢٠ قصة رسومات متحركة عن العزل بسبب جائحة كوفيد، كما عاشه في طرابلس، بعنوان La Confinerie Orientale وهي تتطرق أيضاً إلى الانهيار الاقتصادي في البلد. و ابتداءاً من ٢٥ تشرين الثاني بدأ زاربو بنشر قصص مصورة جديدة على انستغرام تحت عنوان Le concombre, تتناول القصة لقاء تدور أحداثها خلال الحرب الأهلية الأولى في لبنان سنة ١٩٥٨.
كما أنه يحضر لرسومات متحركة جديدة للسنة القادمة عن حياة ناس عاديين التقاهم في شوارع طرابلس.
في اليوم الأخير من المعرض، كان يوم الأرض إذ أمضى المشاركون نهاراً في مزرعة الشنبوق والتقوا بـ"هيكل" وتنزهوا على الأقدام في مراعي هيكل وفي الشنبوق وتناولوا الطعام الذي اعده لهم "توماس" قبل أن يعودوا إلى معمل الحرير حيث التقوا بزاربو وحضروا جميعاً فيلم"ميّل يا غزيّل" للمخرجة إليان راهب وبحضورها. والفيلم يتناول قصص عديدة تتشابك وتلتقي في مزرعة هيكل وتتمحور حول الأرض والانتماء والطبيعة وتحديات الحياة.