ميشال حلاق
كل ساعة تعبُر، تتكشف عن تعدٍّ جديد على طبيعة وبيئة وغطاء غاباتنا الحرجية الآخذة بالاندثار، حيث لا حسيب ولا رقيب، وتغوّل تجار الحطب إلى تفاقم، وأصوات مناشر الحطب تضج في وديان وتلال أعالي محافظة عكار في وضح النهار.
على ما يبدو، يطمئن المعتدون على أن لا وجود لجهة ستتحرك لمواجهتهم وثنيهم عن أفعالهم غير القانونية، فيما حركة الشاحنات الصغيرة والكبيرة المحمّلة بحطب جذوع الأشجار الدهرية المعمرة على اختلاف أنواعها، تعبر الشوارع والأوتوسترادات من عكار إلى كل لبنان.
لكل نوع حطب سعره المعلن في السوق والتوصيل إلى مختلف المناطق اللبنانية من دون وازع ولا ضمير ولا خوف، وهيبة الدولة تسقط أمامهم.
وجديد هذه الأفعال الجرمية بحق غابات عكار، ما حصل في اليومين الماضيين في أعالي بلدتي فنيدق والقموعة، من قطع جائر استهدف هذه المرة عشرات أشجار اللزاب الدهرية المعمرة (600 سنة وما فوق)، قطعت من الكعب واحتطبت ونقلت من موقعها الطبيعي إلى حيث بيعت.
وكانت "النهار" قد أشارت في تقرير سابق إلى أهمية أشجار اللزاب التي واجهت نتيجة بنيتها القوية، وعلى مدى آلاف السنين، كافة التحديات الطبيعية القاسية لكونها الشجرة الوحيدة القادرة على الحياة في مرتفعاتنا العالية حتى ما فوق الـ2000 متر عن سطح البحر، وتمكنت حتى الآن من الصمود والمحافظة على خضرة أعالي القمم. ويجب اعتبارها إرثاً وطنياً وحمايتها واجب وطني.
ياسين
وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين الذي أحيط علماً بالأمر قال: "إنه إجرى اتصالاً بالجهات المعنية وبالمدعي العام البيئي في الشمال وأرسل إليه الصور، والذي قام بفتح محضر فوري ووعد باتخاذ أقسى الإجراءات بحق المخالفين". علماً أن هذا الفعل الجرمي الحاصل اليوم وما سبقه من أفعال مماثلة لطالما حظي بشجب واستنكار الجمعيات والمجالس والهيئات البيئية الفاعلة وكذلك البلديات المعنية. لكن الأمور باتت تخرج عن السيطرة على نحو مخيف وهذا يتطلب تدخلاً سريعاً جداً من قبل السلطات المحلية ومن الجهات القضائية والوزارات المعنية (الزراعة، البيئة، الداخلية، الدفاع).
من جهتها، أشارت "جمعية كشاف البيئة" في بيان إلى "المجزرة البيئية المستمرة في حق أشجار اللزاب المعمرة في منطقة مشمش وأعالي بلدة فنيدق عكار، حيث تم توثيق عمليات قطع جديدة للعديد من أشجار الشوح واللزاب المعمرة".
وأعلن مفوض البيئة في الجمعية نجيب سنجر أن "مجزرة جديدة تضاف إلى ما سبقها من مجازر ومآس في حق ما تبقى من أخضر لبنان. لقد تم قطع العديد من أشجار الشوح واللزاب النادرة، وهذه الأشجار معرضة للزوال في حال استمر هذا الواقع المرير والمؤلم في استباحة شبه شاملة وكاملة لثروة وطنية".
أضاف: "يبدو أن الاستغلال والاعتداء اللذين يمارسهما الإنسان تجاه البيئة ومواردها الطبيعية وصلا إلى مرحلة لا يمكن السكوت عنها، ولم يعد من المقبول أن تترك هكذا جرائم دون عقاب".
وختم مناشداً "وزارتي الزراعة والبيئة والمهتمتين بالشأن البيئي "التحرك لوضع حد لهذا الاستهتار واللامبالاة والتسيّب وعدم المسؤولية للحفاظ على ما تبقى من ثروة لبنان الحرجية".
تويتر
فيسبوك
يوتيوب
انستغرام
مسنجر
واتساب
بريد إلكتروني
الطباعة
