وسام اسماعيل
الإنجازات الأمنية الكبيرة التي حقّقها الجيش في الآونة الأخيرة في مدينة بعلبك وقرى المنطقة، بعد سنوات من التفلّت الأمني، أرخت أجواء من الارتياح، وعودةً تدريجيّة إلى النظام واحترام القانون وحماية الممتلكات العامة من أيّ اعتداء.
لكن أهالي حيّ "قبة دورس" وجدوا أنفسهم أمام قضية جديدة تحيط بها الشبهات، تمثّلت بإقامة "كيوسك" (كُشك) بين ليلة وضحاها عند مدخل المدينة الجنوبيّ المؤدّي إلى قلعتها الأثرية، وعلى الطريق العامة في محلة "قبة دورس"، حيث المعلم الأثري والحديقة العامة الوحيدة المتاحة لأهالي الحي، بناء على تصريح صادر عن محافظة بعلبك، واستناداً إلى عدم ممانعة من قبل وزارة الأشغال العامة والنقل؛ وهذا الإجراء يخالف قرار وزارة الداخلية والبلديات، الجهة الوحيدة المعنية بمنح تصاريح كهذه، ويقضي بمنع إصدار أيّ تصاريح تسمح بإنشاء "كيوسكات" على الطرق العامة والأرصفة.
رئيس وأعضاء بلدية بعلبك كان لهم رأيهم الحازم والجازم برفض الموافقة على طلب تقدّم به السيد نادر راغب راشد، مطلع شهر تشرين الأول الفائت، لإنشاء كيوسك لبيع المرطبات والقهوة والشاي وغيره في المحلة المذكورة أعلاه، التزاماً بقرار وزارة الداخلية، ومراعاة لرفض أهالي الحي لأيّ مشروع تجاريّ على حساب الملك العام، ناهيك بعدم استيفائه الشروط القانونية المتعلقة بوجوب الاستحصال على الترخيص اللازم من المكاتب الفنية، لوضع المنشآت من كيوسكات، استناداً إلى أحكام القوانين والمراسيم المرعية الإجراء، لا سيما القانون رقم ٥٢٧ الصادر بتاريخ ۲۰۰۳/۷/۱٦ (قانون استثمار المؤسسات السياحية)، والمرسوم رقم ٤٢٢١ الصادر بتاريخ ۲۰۰۰/۱۰/۱۸ (تحديد الشروط العامة لإنشاء واستثمار المؤسسات السياحية) أو لجهة تهديد السلامة العامة للمارة.
لكن الأهالي فوجئوا بمنح المحافظة ترخيصاً يعود تاريخه إلى أيام معدودة تسبق تاريخ صدور قرار وزير الداخلية، ومن دون الاستئناس برأي البلدية، ممّا أثار الريبة والشكوك والتساؤلات لدى سكان مدينة بعلبك، خاصة أهالي حي قبة دورس، الذين يصرّون على الحفاظ على الأملاك العامة، ومواجهة ما يرونه مخالفاً، على شاكلة هذا الكيوسك بطول ستة أمتار وعرض سبعة أمتار، والذي يشوّه المنظر، ويهدّد السلامة العامة، ويُعيق حركة مرور السيارات، ومن المرجّح أنه سيتسبّب بحوادث سير على الأوتوستراد والطرقات العامة المجاورة.
المختار خضر الجمال طالب باسم الأهالي وزارة الداخلية والبلديات بوضع يدها على الملف، والتحرّك السريع لاتخاذ الإجراءات اللازمة، والتحقيق في هذه المخالفة، وإزالة الكيوسك الذي يرفضه الأهالي.
وطالب محافظ بعلبك الهرمل بالعودة عن قراره والوقوف عند رأي الناس، والحفاظ على الأملاك العامة وعلى جمال المدينة التاريخية.
وقال مصطفى الذكرى إنه بدلَ التنسيق مع المجتمع المحليّ والعمل معًا لإنشاء بيئة أكثر أمانًا وجمالًا للمدينة، حتى يستطيع سكّانها الاستمتاع بالحياة والسياحة في محيط آمن وجذاب، يقومون بإنشاء كيوسك أمام قبة دورس التاريخية والأثرية، وهو ما يعدّ تحدّياً جديداً لأهالي المدينة. فالمحافظة على الأملاك العامة من مسؤولية الجميع، خاصّة لما لقبّة دورس من أهمية تاريخية وثقافية، كما أن وجود كيوسك على الطريق العامة يحجب الرؤية عن هذا المعلم، ويهدّد القيمة الثقافية والتاريخية للمكان.
وكان أهالي الحي وعدد كبير من مخاتير بعلبك قد تقدموا بعريضة احتجاجية تحمل تواقيعهم إلى وزير الداخلية والبلديات، طالبوا فيها بالنظر إلى هذه المشكلة وأبعادها، وإزالة المخالفة التي اعتبروها "جريمة بحق مدينة بعلبك".