لينا إسماعيل
بعيداً عن الاتهام المستمر بـ"التعصّب والعنصرية غير المبرّرين"، عند التعامل مع أزمة تداعيات النزوح على منطقة بعلبك - الهرمل، نفّذ اليوم أهالي بلدة بتدعي - دير الأحمر في قضاء بعلبك، اعتصاماً أمام كنيسة البلدة، تقدّمهم رئيس اتحاد بلديات دير الأحمر المحامي جان فخري الذي عرض باسم المعتصمين آخر المستجدات على صعيد السرقات التي تعرّضت لها البلدة في الأيام الأخيرة، من قبل أفراد من النازحين السوريين.
وطالب فخري الأجهزة الأمنية باتخاذ إجراءات أمنية سريعة لضبط الفلتان والفوضى القائمة، إدراكاً لبعد الأمن الاجتماعي لوضع مستجد للبلدة، وليس للأزمة القائمة في ما يتعلق بالسرقات والانتهاكات التي ترتكبها مجموعات من النازحين السوريين المخلّين بالأمن في المنطقة، وليس بسبب تدهور الوضع الاقتصادي، حيث يتلقى النازحون السوريون أكثر من 400 دولار أميركي كمساعدات إنسانية، ومن هنا يجب على المنظمات الدولية والمجتمع الدولي تحمّل مسؤولياته.
وأكد أن السرقات أصبحت أيضاً بين النازحين أنفسهم داخل المخيّمات، ويتم حلها ودياً في ما بينهم حتى لا تنكشف شؤونهم أمام المجتمع المحلي والدولي، وتشكلت عصابات من داخل 120 خيمة داخل المخيم في البلدة، تتعدّى على كرامة الأهالي من البيوت التي كانت مأوى لهم، وشرف وكرامة الناس، عن سابق تخطيط، بحيث لم تتجاوز السرقات سابقاً المنتجات الزراعية والماشية، فيما اليوم تطوّرت إلى المنازل.
وأوضح فخري أن زعيم العصابة امرأة وأم (يُفترض أن تكون مثالاً للتربية الصحيحة)، وغنائم السرقات توزّع على اللصوص وتباع في البلدات المجاورة، لافتاً إلى أن كل من يخالف مواصفات النازحين يجب ترحيله وفق القانون، بعيداً عن العنصرية والتعصّب "كفى، طفح الكيل، لم نعد قادرين على السيطرة على أهلنا وأرضنا أمام المخيّمات التي هي بؤر العصابات المنظمة والأسلحة والدعارة".
ورفضت ابنة البلدة الزميلة تيريز الفخري، أن يكون الاعتصام يتخذ منحى عنصرياً ضد النازحين السوريين في المنطقة، وقالت: "لا نريدهم أن يعودوا غير آمنين ويتعرّضوا للقتل في بلادهم، بل بالأحرى نريد أمننا كمواطنين في بلدات وقرى دير الأحمر، ولا يمكننا ترك عملنا في بيروت ونبقى نحن حرّاس بيوتنا في البلدة، وكنا نترك مفاتيح منزلنا في الأبواب، اليوم لم نعد قادرين على تأمين أمننا الشخصي حتى، قوات الأمن في المنطقة يجب عليها فرض الأمن وترحيل النازح المخلّ بالأمن ومن بدون إقامة".
لم تنته قصة الإخلال بالأمن في عدد من البلدات سابقاً، مثل دورس والقاع، لكنها تبدأ بعد ذلك، ويرى الأهالي أن المنطقة بأكملها فجأة مرتبكة بحادثة سرقة صغيرة لا قيمة لها، وما زالت تحت السيطرة، لكنها تتكرّر وعقدة المسبحة (النازحون المخلون بالأمن) عقدت بشكل أصغر من حبّاتها، أما إذا فُكّت، فإن 110 بلدات في المنطقة تصبح واحدة تلو الأخرى رهينة لهؤلاء المخلين بالأمن.
وفي معلومات لـ"النهار"، شملت عملية التوقيف عناصر من عصابة تمارس السرقة، معظمهم اكتشفهم واعتقلهم بسرعة قياسية لا تزيد عن 6 ساعات، عناصر من مخفر دير الأحمر - قوى الأمن الداخلي.
وفي السياق، أقر مصدر أمني لـ"النهار" بوقوع العديد من الأخطاء، خروقات أمنية، سرقات وتجاوزات، ارتكبتها مجموعات من النازحين المخلين بالأمن وغيرهم من مواطنين وجنسيات أخرى، الأمر الذي بدأ يأتي بنتائج عكسية، لكنهم ما زالوا تحت السيطرة.
ورأى المصدر نفسه أن المسؤولية في هذا الأمر تقع على عاتق قوى الأمن الداخلي في المنطقة، ووحداتها التي نجحت منذ البداية في التعامل مع هذا الملف، وغيره من ملفات أمنية ضمن السيادة اللبنانية، رغم ضعف الأوضاع اللوجستية لهذه الوحدات، مع ملاحظة التعامل الجادّ من قبل هذه الوحدات مع هذا الملف المعقد والعشوائي من خلال تداعياته الإيجابية والسلبية والعبء الذي يشكله لها والذي تتعامل معه بـ"اللحم الحيّ" والوطنية العالية، إلى جانب الأجهزة الأمنية الأخرى والبلديات.