النهار

طقس شديد البرودة في لبنان خلال شتاء 2021-2022... فماذا في التفاصيل والأسباب؟
طقس شديد البرودة في لبنان خلال شتاء 2021-2022... فماذا في التفاصيل والأسباب؟
مشهد شتويّ من كورنيش بيروت البحريّ (أرشيفيّة).
A+   A-
الدكتور جورج كرم
اختصاصي في علم المناخ
 
مع بداية كلّ موسم مطريّ، تكثر الأسئلة عن إمكانيّة تعرّض لبنان إلى عواصف ثلجيّة، بالإضافة إلى السؤال عن مدى قوّتها وفاعليّتها. فمن خلال دراساتنا الميدانيّة، كثيرون باتوا على قناعة بأنّ أيّام الخير قد ولّت، وزمنَ الأجداد بات من الماضي. ففي الأمس، كانت فصول الشتاء قاسية في لبنان، والثلوج المتساقطة فيها تُوصد الأبوابَ. أمّا اليوم، فنمط هطول الثلوج تغيّر، إذ ما عادت تطول الارتفاعاتِ المنخفضة (أقلّ من 900 متر) إلّا نادرًا، حتّى بقاء الغطاء الثلجيّ على قمم الجبال لم يعد يستمرّ لفترات طويلة في ظلّ ارتفاع درجات الحرارة (متوسط الحرارة السنويّ، متوسّط الحرارة القصوى والدنيا السنويّ)، وتراجع عدد ليالي الجليد والصّقيع. وقد جاء خريف هذا العام ليؤكّد بطقسه شبهِ الجافّ هذا الواقعَ. فالموجات المداريّة لفحت لبنان في نهاية تشرين الثاني، ومعدّلات الأمطار حتّى ذلك الوقت لم تتجاوز الـ63 ملم على الساحل الشماليّ (محطة طرابلس)، و40 ملم على الساحل الأوسط والجنوبيّ (محطة بيروت - المطار ومحطة صور)، و25 ملم في كلّ من البقاعين الأوسط والغربيّ (محطة تل - عمارة، حوش الأمراء وكفريا).
 
إلى جانب ذلك، غابت النزولات القطبيّة منذ حلول الشتاء الفلكيّ (21 كانون الأوّل) حتّى منتصف شهر كانون الثاني. لكن، وبخلاف كلّ هذه المؤشّرات المقلقة التي كانت تنذر بشتاء خامل، أتى فصل الشتاء هذه السنة مثلجًا وقارس البرودة، حتّى سلب الربيع زهرَه، وخطف منه دفء أيّامه. فماذا في التفاصيل؟

تزامنت بداية فصل الشتاء مع مرور منخفض جوّيّ استمرّ حتّى ليلة الميلاد، وطالت خلاله الثلوجُ لفتراتٍ المرتفعاتِ المتوسّطةَ. بعد ذلك، شهدت البلاد حتّى منتصف كانون الثاني أجواءً مستقرّة إلى متقلبّة أحيانًا، لينقلب من بعدها الطقس بشكل جذريّ. فما حدث بعد منتصف هذا الشهر لم نعهده منذ سنوات، حين تعرّض لبنان لموجات قطبيّة متلاحقة ومتتالية، من غير وجود أيّ فواصل زمنيّة بينها، وهذا الأمر نادر الحدوث!

هذه الموجات القطبيّة كان بعضُها شبهَ جافّ بسبب مسارها القارّيّ، وبعضها الآخر كان رطبًا بسبب مرورها فوق البحر المتوسّط، ممّا تسبّب بعواصفَ ثلجيّةٍ صُنفّت متوسّطة إلى عالية الفاعليّة أحيانًا. هذه العواصف أفرحت قلوب المتعطّشين إلى رؤية الثلوج التي وصلت أحيانًا إلى حدود 200-300 متر، خاصّة بعد أن حُرمت المرتفعاتُ المنخفضة في لبنان خلال 5 سنوات متتالية منها (من 2016 حتّى 2020). كذلك تسبّبت هذه الموجات القطبيّة بحدوث عواصفَ ثلجيّةٍ تاريخيّةٍ في كلٍّ من دول البلقان ودول شمال الشرق الأوسط.

هذه الموجات القطبية المتلاحقة، التي شهدتها المنطقةُ، كانت ناجمة من جهة عن تشكّل الدوّامة القطبيّة الروسيّة التي تخدم نزول تيّارات قطبيّة باردة نحونا، ومن جهة أخرى عن تمركز المرتفع الأزوريّ فوق غرب وجنوب غرب أوروبا بقِيَمِ ضغطٍ مرتفعة، وصلت إلى 1040 هيكتوباسكال. هذا المرتفع أتاح أجواءً مستقرّة للغاية في تلك المناطق الأوروبّيّة، محوّلًا بذلك مسار المنخفضات نحو أوروبا الشرقيّة والجنوبيّة الشرقيّة، بالإضافة إلى دول الشرق الأوسط (تركيا، سوريا، لبنان...).

استمرّ تأثير الدوّامة القطبيّة الروسيّة حتّى الثلث الأوّل من شهر شباط، لكنّ الثلوج في هذا الشهر لم تتخطَّ عتبة الـ800 متر، وتراكمها بقي متواضعًا تحت الـ1000 متر مقارنة بموجات كانون الثاني. طقس مستقرّ إلى متقلّب وممطر أحيانًا سيطر بشكل عامّ على الثلثين الثاني والثالث من شباط، والثلوج المتراكمة بقيت فوق الـ1400-1500 متر. وقبل انهيار القبّة القطبيّة مع اقتراب فصل الربيع، تأثر لبنان والدول المجاورة في الثلث الثاني من شهر آذار بكتلة هوائيّة قطبيّة باردة جدًّا وغير اعتياديّة في مثل هذا الوقت من العام. هذه الكتلة تميّزت ببرودتها التي فاقت الموجاتِ الباردةَ السابقة في خلال شهر كانون الثاني، إذ سجلّت مدينة بيروت خلالها (فجر 15 آذار)، بحسب مصلحة الأرصاد الجوّيّة في مطار بيروت الدوليّ، أدنى درجة حرارة لشهر آذار منذ العام 1980 (5.4 درجات مئويّة).

لكنّ الجدير ذكره، ومن خلال العودة إلى "أرشيف إعادة التحليل المتعلّق بدرجة حرارة طبقة 850 هيكتوباسكال" المقدّم من قبل المراكز الوطنيّة للتنبّؤ البيئيّ في الولايات المتّحدّة (Archives des réanalyses du NCEP)، أنّه في العام 1980 سُجلّت أدنى درجة حرارة في 3 آذار، وسيطرت الكتلة القطبيّة حينها ليومين فقط (خلال اليوم الثاني والثالث من الشهر). أمّا في خلال هذا العام، فأدنى درجة حرارة كانت أقرب إلى بداية فصل الربيع من الناحية الفلكيّة، ودام تأثيرها لمدّة أسبوع تقريبًا لتعقبها في الـ24 والـ25 من الشهر، وفي عزّ الربيع، كتلة قطبيّة أخرى. إذن أنماط الطقس هذه جعلت من شتاء هذا العام مميّزًا ببرودته التي تدّنت، وسجّلت في كثير من أيّامه أرقامًا قياسيّة كانت أقلّ من معدّلاتها الموسميّة؛ فما الأسبابُ التي أدّت إلى ذلك؟

منذ الموسم المطريّ السابق (2020-2021)، تعرّضت مساحات شاسعة في نصف الكرة الأرضيّة الشمالي إلى موجات برد تاريخيّة. حينها، بقي لبنان والدول المجاورة - باستثناء العاصفة الثلجية الوحيدة التي حدثت في 17 شباط - على هامش هذه الموجات، لا بل سيطرت على دول شرق المتوسّط، وفي عزّ الشتاء، موجاتٌ مداريّةٌ دافئة وجافّة لفترات طويلة نسبيًّا، وتوزّعت بين أواخر كانون الأوّل والقسم الأّوّل من شهرَي كانون الثاني وشباط.
وبصورة معاكسة، ضربت الموجاتُ الباردةُ لبنانَ والجوار في خلال شتاء هذا العام، فيما بقيت مناطقُ كثيرةٌ في النصف الشماليّ من الأرض خارج نطاق التبريد، وأبرزها مناطق غرب وجنوب غرب أوروبا. فهل هذا التبريد الكبير الّذي بدأ منذ سنتين- والّذي تزامن مع بدء دورة شمسيّة ضعيفة (رقم 25) بحسب وكالة الفضاء الأميركية ناسا- يمكن اعتباره مؤشّرًا لبداية حقبة باردة، أو ما يُسمى بالعصر الجليديّ المصغّر، أمْ أنّ التفاوتَ الجغرافيَّ لناحية انتشار البرودة بين شتاء وآخر يتناقض مع هذه الفرضيّة على اعتبار أنّ العصر الجليديّ يجب أن يؤثّر في كامل كوكب الأرض؟
لعلّنا نستطيع اختصار الإجابة بما يأتي:

ما يحدث اليوم من تزامن بين موجات البرد وتراجع النشاط الشمسيّ كان قد حدث في الماضي، ونجمت عنه عصورٌ جليديّةٌ مصغّرةٌ مثل Dalton Minimum وMaunder Minimum. لكن الفارق الوحيد هو أنّه في وقتِها لم تكن هناك غازاتٌ حابسة للحرارة ناتجة من الأنشطة البشريّة. أمّا اليوم، فَتَلاقي ظاهرةِ الاحتباس الحراريّ مع بدايةِ العصر الجليديّ المتوقّع لَربَّما جعلَ مناطقَ الكوكبِ بين حريقٍ وجليدٍ! وحدَها أنماط الطقس في السنوات المقبلة ستحسُم هذا الجدل... ففي حال استمرار تزايد حدّة الموجات الباردة المتزامنة مع استمرار الخفوت الشمسيِّ يُضبح بإمكاننا أن نبني على الشيءِ مقتضاه...

ظاهرة مناخيّة أخرى لا يُمكن تجاهلُها في سياق بحثنا عن أسباب تعرّضنا للموجات الباردة في خلال هذا الموسم المطريّ، وهي ظاهرة "اللانينا" التي تكرّرت في خلال هذا الشتاء، وللعام الثاني على التوالي. هذه الظاهرة تُحدث تبريدًا واسعَ النطاق في درجات حرارة وسْط وشرق المحيط الهادئ الاستوائيّ، وغالبًا ما تكون لها ارتداداتٌ كبيرة على أنماط الطقس في العديد من مناطق العالم. فبِحَسب بعض الفرضيّات، تكون مواسم الشتاء التي تحدث فيها اللانينا أبرد من المعتاد، حين تزداد فيها فرصُ حدوثِ العواصف الثلجيّة، خاصّة في دول المشرق العربيّ. وبهدف التأكّد، وبعد الرجوع إلى الأرشيف المناخيّ، تمكنّا من إحصاء أبرز العواصف الثلجيّة التي ضربت لبنان (16 عاصفة) في الفترة الزمنيّة الممتدّة ما بين 1968\1969 حتّى 2020\ 2021. بالتوازي، وبالاعتماد على أرشيف الإدارة الوطنيّة للمحيطات والغلاف الجويّ( (NOAAالتابعة للولايات المتّحدة الأميركيّة، قمنا بتحديد مواسم اللانينا للفترة نفسها. ومن خلال دراسة إحصائيّة سريعة، تبيّن لنا أنّه ليس هناك من علاقة ارتباط قويّة بين العواصف الثلجيّة ومواسم اللانينا؛ في 70 % من تلك المواسم لم تحدث أيّةُ عواصف ثلجيّة مهمّة. كذلك هو الأمر بالنسبة إلى ظاهرتَي تذبذب القطب الشماليّ(AO) وشمال الأطلسيّ (NAO)، اللتين من المفترض أن تحجبا بقِيَمهما الإيجابيّة المنخفضات والنزولات الباردة عن منطقتنا. كان تأثيرهما أيضًا، من الناحية الإحصائيّة، عشوائيًّا بين سنة وأخرى. فعلى سبيل المثال، وبالاعتماد أيضًا على أرشيف (NOAA)، كان هذان المؤشران في الطور الإيجابيّ في خلال أشهر هذا الشتاء. وكذلك الأمر بالنسبة إلى شتاء 1992 التاريخيّ ببرودته ورطوبته (باستثناء شهر كانون الثاني في ما يتعلّق بمؤشر شمال الأطلسي). وفي شتاء 2015 الّذي شهد عدّة عواصف ثلجيّة، قبل أن تغيب الثلوج من بعدها عن المنطقة لعدّة سنوات، كان كلّ من هذين المؤشّرين بحالة إيجابيّة أيضًا.

ومع استمرار البحث عن أسبابٍ يُمكن من خلالها تفسيرُ سبب تلك البرودة التي شهدها لبنان في خلال هذا الشتاء، لاحظنا أنّ كوكب الأرض قد شهد منذ عامين تقريبًا تزايدًا في عدد الثورات البركانيّة. فبين نهاية تشرين الثاني وبداية كانون الأوّل من العام 2020 ثار عددٌ كبيرٌ من البراكين، مثال بركان "ليوتولو" و"سيميرو" في أندونيسيا، بركان "ريفينتادور" و"سانجاي" في الإكوادور، بالإضافة إلى بركان "سابانكايا" في البيرو، و"فويغو" في غواتيمالا. حينها، حصل - كما سبق وذكرنا - تبريد كبير في النصف الشماليّ من الأرض. واللافت هنا أنّ حدثًا مشابهًا حصل في خلال هذا العام، تمثّل بانفجار هائل لبركان "تونغا" في عمق المحيط الهادئ يوم 15 كانون الثاني. هذا الانفجار البركانيّ الّذي تمّ اعتباره كثالث أكبر ثَوَران بركانيّ في التاريخ الحديث، عَقبه انقلابٌ جذريٌّ في أنماط الطقس في المشرق العربيّ. فهل هذه الثورات البركانيّة - خاصّة بركان تونغا - قد أثرّت فعلًا في برودة هذا الشتاء؟

الدراسات العلميّة أثبتت أنّ الثوراتِ البركانيّةَ الكبرى لها تأثير مباشر في المناخ؛ فهي من خلال قذف رمادها وملايين الأطنان من ثاني أكسيد الكبريت، والتي تصل حتّى الطبقة الثانية من الغلاف الجويّ "الستراتوسفير"، تؤدّي إلى تشكيل ما يعرف بالهباء الجويّ. هذا الهباء يعكس نسبة من أشعة الشّمس إلى خارج كوكب الأرض، ممّا يُساهم في حدوث تبريد عالميّ. ولمزيد من التأكّد والاستيضاح، وبالاعتماد على دراسات سابقة وعلى معطيات موقع Volcanodiscovery، حاولنا البحث عن ثورات بركانيّة مشابهة عبر التاريخ، لنرى ما إذا كان تأثيرها مشابهًا لِطقس السنوات التي تلتها.

أبرز الثورات البركانيّة في التاريخ القديم تتمثّل بانفجار بركان تامبورا عام 1815، وبركان كراكاتوا عام 1883 في أندونيسيا. فعلى إثر البركان الأوّل، الّذي تزامن أيضًا مع فترة خفوت شمسيّ، شهد العالم في سنة 1816 شتاء قاسيًا جدًّا وأطولَ من المعتاد، إذ تمّ تلقيبُها بسنة من دون صيف، إذ تواصل هطول الثلوج بكمّيّات كبيرة في الولايات المتحدة الأميركيّة حتّى شهر حزيران. أمّا في القارة الأوروبّيّة، فكان الوضع أكثر سوءًا، حيث تسبّب تواصل هطول الأمطار والثلوج بإفساد المحاصيل الزراعيّة، فارتفعت أسعارها لتشهدَ القارةُ على إثر ذلك مجاعةً فظيعةً. كان تأثيره مشابهاً لبركان كراكاتوا، الّذي غيّر مناخ أوروبا لعدّة سنوات، كما أثّر بدوره في طقس الولايات المتّحدة الأميركيّة، حيث بلغ هطول الأمطار رقمًا قياسيّا في كاليفورنيا خلال الموسم المطريّ 1883-1884.

ثوراتٌ بركانيّةٌ أخرى تسبّبت في التاريخ الحديث بمواسم مطريّة شديدة البرودة كبركان "إل شيشون" في المكسيك، وبركان "جبل جالونجونج" في أندونيسيا عام 1982، وبركان "بيناتوبو" في الفيليبين عام 1991. تغيّرات جذريّة حدثت في أنماط الطقس في السنتين اللتين تَلتا هذه البراكين، فجاء فصْلا الشتاء في عامَي: 1982\1983 و1991\1992 باردَين ومثلجَين، إلى درجة تسمية اللبنانيّين سنة 1992 بسنة الـ7 ثلجات، وأصبحت سنةً تاريخيّةً فارقة في مواسم الشتاء. والجدير ذكره أنّ بعد هذه الانفجارات البركانية تمّ رصد مرتفعات جوّيّة قويّة في غرب وجنوب غرب أوروبا، بالإضافة إلى تضخّم الدوّامة القطبيّة الشماليّة واتساع رقعتها الجغرافيّة بشكل كبير في مشهد يشبه ما حدث في خلال هذا العام. والملاحظ أنّ مواسم عديدة، تميّزت بأنّها مطريّة باردة ومثلجة في المشرق العربيّ، على سبيل المثال2001-2002، 2002-2003، 2011-2012 و2014-2015، قد تزامنت مع ثورات بركانيّة. صحيح أنّها لم تكن بقوّة كلّ من البراكين التي ذكرناها سابقًا، لكن مُحصِّلة أكثر من ثَوَران تعادل ثوران بركان ضخم. فالموسم الأوّل أتى بعد انفجار بركانَي "جبل كيرينسي وميرابي في أندونيسا وجبل مايون في الفيليبين"، والموسم الثاني أتى بعد بركانَي "راونج في أندونيسيا وريفينتادورفي الإكوادور". أما الموسم الثالث فكان بعد انفجار بركان "نابرو في إريتريا وجريمسفونت في إيسلندا"، والرابع بعد انفجار بركانَي "جبل كيلود وجبل سينابونج في أندونيسيا".
 
وتجدر الإشارة إلى أنّ المواسم المطريّة 1991-1992، 2001-2002، 2011-2012، 2021-2022، التي تَلت ثورات بركانيّة كبرى، بدت للكثيرين كأنّها دوراتٌ مناخيّة عشريّة قصيرة شبيهة بتلك الدورات التي تتغيّر عبر قرون زمنيّة كدورات ميلانكوفيتش على سبيل التمثيل.

على ما يبدو أنّ الثوراتِ البركانيَّةَ ساهمت ولا تزال في تبريد الغلاف الجوّيّ، وفي تغيير أنماط الطقس؛ فما حدث لطقس المنطقة في خلال هذا العام بعد انفجار بركان "تونغا" يُشبه كثيرًا سيناريوهات المواسم المطريّة القويّة التي حصلت في الماضي، والتي أتت بعد ثورات بركانيّة كبيرة. ومن الواضح أيضًا أن البراكين لا تؤثّر فقط في المناطق التي تثور فيها بل يشمل تأثيرُها الكثيرَ من مناطق العالم، وإن كان بأشكال مختلفة، مباشِرة كانت أم غير مباشِرة؛ فجميع الثورات البركانيّةِ، التي ذكرناها سابقًا، حصلت في المنطقة الاستوائيّة أو على مقربة منها (باستثناء بركان جريمسفونت)، وكان تأثيرها سريعًا وملحوظًا على العالم. وهذا ما يظهر أهمّيّة هذه المنطقة لناحية التأثير في مناخ الكوكب، نظرًا إلى موقعها الجغرافيّ بين نصفَي الأرض الشمالي والجنوبي، وإلى كونها تشكّل نقطة انطلاق الدورة الهوائيّة العامّة على سطح الأرض.

أخيرًا، يبقى هامشُ التحليل في برد هذا الشتاء واسعًا...!
 
فطقس الكوكب يَخضع للعديد من الظواهر المناخيّة التي من الممكن أن يكون تأثيرها متداخلًا أو منفردًا في بعض الأحيان! فما بالك لو كان ذلك مترافقًا مع ظاهرة الاحتباس الحراريّ من جهة، وفرضيّة العصر الجليديّ من جهة أخرى...؟!
 
إذن قد لا نستطيع أن نجزم في توقّع الأسباب التي جعلت من شتاء هذا العام باردّا، لكنّنا من دون أيّ شكّ نستطيع أن نتّفق على تصنيفه بالمميز كالعديد من المواسم المطرية الأخرى التي تميّزت بمعدّل متساقطاتها، ببرودتها أو حتى بجفافها...!

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium