النهار

"المدينة وأنا" في زمن الانهيار: مشاريع شبابية عن مصالحة بيروت أو الانكفاء عنها (صور)
روزيت فاضل
المصدر: "النهار"
"المدينة وأنا" في زمن الانهيار: مشاريع شبابية عن مصالحة بيروت أو الانكفاء عنها (صور)
مشروع علي مرعي ( تصوير حسام شبارو)
A+   A-
"المدينة و...أنا" أو عكس ذلك أي "أنا والمدينة"، معرض جماعي أراده المكتب الإقليمي لليونيسكو والسفارة السويسرية في لبنان وسوريا ليعبر طلاب جامعيون من الفنون التشكيلية والجميلة في كل من الجامعة اللبنانية والجامعة الأميركية والأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة "الألبا" عن إشكالية العلاقة مع المدينة في زمن الانهيار الكبير أو حتى قبله.

الطالب علي مرعي من الجامعة اللبنانية حوّل مصارحته مع مدينته بيروت الى صرخة من خلال لوحته الكبيرة المطالبة بإنقاذ التياترو الكبير من خطر الانهيار. جسد من خلال رسمه "تعافي" هذا الصرح من الانهيار، من اضمحلال الذاكرة الحية فيه.
 


مرعي شدد في كلمة وضعت قرب عمله على ضرورة الاهتمام بمعالم أثرية هي "شاهدة " على حالنا، محاولاً بذلك السير عكس التيار الحالي المدمر لكل شيء.

إذاً، دخل 25 طالباً في مقاومة الواقع الحالي كل على طريقته من خلال مشاريع تعرض حتى السبت 1 تموز من الساعة 3،00 بعد الظهر إلى السابعة مساء في قصر سرسق، الذي يحاول بدوره "التعافي" من تداعيات انفجار مرفأ بيروت على كافة أقسامه التاريخية - التراثية.

نداء المشاركة
إذاً، هو مشروع مصارحة مع المدينة، إن من خلال مكان تنظيم المعرض أو من خلال المشاركين فيه، الذين تم اختيارهم بعد إطلاق نداء من منظمي المعرض لاختيار الأفضل، وفقاً لما ذكرت مستشارة الشؤون الثقافية في المكتب الإقليمي لليونيسكو ليلى رزق لـ"النهار".

وقالت إن الهدف من هذا المعرض هو إعطاء فرصة لمشاركة الشباب للتعبير عن آرائهم وهواجسهم وتطلعاتهم لمدينة بيروت. 
واعتبرت أن هذه المشاريع عكست مسؤولية واضحة لدى الشباب الجامعي تجاه مدينتهم بيروت التي برزت من خلال مشاعر متداخلة عبروا عنها في مشاريعهم.
 


في إحدى غرف صالة مشروع لماريز عقل من الجامعة اللبنانية، أمامنا علبة حديدية كبيرة لها قضبان تشبه السجن. قاطعتنا لتوضح لنا أن هذا المشروع الذي تنتشر فيه صور "نيغاتيف" لمعالم وجه والديها غير الواضحة، التي تحيط ذلك السجن، هو محاولة رمزية لتجسيد ردات فعلهما عند وقوع الانفجار وهما جالسان معها في صالون البيت في الدامور. هي مشاعر متداخلة من خوف على مصير الناس بعد نكبة بيروت.

بالنسبة لرشا خليل من الجامعة اللبنانية، الصور البلاستيكية الملونة والمعلقة كل واحدة بسقف القصر نزولاً الى فضاء المكان، تجسّد ذكريات خليل في الحاضر والماضي، وفقأً لما ذكرت لنا.
تتحول الصور الى ألبوم حياتها بدءاً من خبرتها في الصليب الأحمر وصولاً إلى تداعيات مرض الألزهايمر على جدتها وخالتها كما تشعر به يومياً، فمحطات عدة من ذاكرة حياتها.
 


بالنسبة لتجربة طلاب "الألبا"، ذكر مدير قسم الفنون التشكيلية فيها غريغوري بوشكجيان أن سبعة طلاب هم كارول حبيقة، كلوي حاج، نادين كرباج، روجيه معراوي، شاكر أبي راشد، كريستينا معلوف، ياسمينا شويري، شاركوا في هذا المعرض عارضين علاقتهم بالمدينة.
 


توقف عند تجربة نادين كرباج القاطنة في معاصر الشوف، التي لم تبنِ من خلال عملها علاقة مع المدينة. وأشار إلى أنها جسّدت المنظر العام للجبل في معاصر الشوف وسط طريق مؤدية إلى المدينة، ما يرمز إلى صعوبة إيجاد نفسها في بيروت والتعايش في أي مكان خارج معاصر الشوف.

ماذا بعد؟ يسارع بالقول إن مشروع كريستينا معلوف في أحد أقسام الصالة يعكس صعوبة الـتأقلم في محيط صعب عرفته معلوف، فيما رأى أن مشروع شاكر أبي راشد في وسط القسم يرمز إلى تمثال ملون مصنوع من ردم  وحجارة وخرطوش. وعرض لعلاقة أبي راشد بوالده، الذي توفي بعد أن كان صياد سمك و صاحب دكان لبيع الخرطوش الخاص بهذا النوع من الصيد.
وعن علاقة والده بالمشروع، قال: "بعد رحيل أبيه، عمل على جمع الحجارة وبعض بقايا الزفت والخرطوش في محيط عمل والده ليمزجها في هذا العمل المقسّم إلى مجموعات عدة كأنه مراحل من حياة وخواتيمها".
 


قبل مغادرتنا المعرض، عرضت الطالبة في قسم الفنون الجميلة في الجامعة الأميركية في بيروت ليا شيخ موسى يوميات علاقتها بالمدينة من خلال تمثال يحكي عن معلَم في وسط بيروت هو مبنى "البيضة" الذي جذب الناس في مراحل ثورة 17 تشرين، محاولةً وضع غطاء رمزي على العمل لإثارة انتباه الناس إلى ضرورة حماية هذا المكان، ما يعكس قلقها على ذاكرة المدينة.

أما الطالبة من الجامعة الأميركية في بيروت جوليا هاشم فتعيش هاجس رسم أسماء الشوارع التي برزت في مشاريعها دون عنوان واضح. اكتفت بأرقام الشوارع دون أسماء: إنها تعكس شعوراً واضحاً نعيشه كلنا وهو الضياع المسيطر علينا في يوميات تجوالنا في بيروت.

[email protected]
Twitter:@rosettefadel


الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium