النهار

ما هي آخر أخبار طريق ضهر البيدر؟
ضهر البيدر.
A+   A-
أخبار لا تسرّ القلب، جدران الدعم القائمة منذ "أيّام الفرنسيّين" خدمت عسكريّتها، وتداعت في موقعين لغاية الآن، لأسباب مختلفة، لكنّ أبرزها من دون شكّ الإهمال اللاحق بهذا الطريق الدوليّ الذي يربط بين عاصمتين، وبين 40 في المئة من مساحة لبنان وباقي مناطقه. قد تكون بقايا سكّة القطار تحت موقع الانهيار الجديد، ما بين جسر النملية وحاجز الدرك، نموذجاً عن تبديد السلطات اللبنانيّة المتعاقبة ميراثاً، لا تملك حتّى كلفة "ترقيعه".



وكان محافظ البقاع كمال أبو جودة قد اتّخذ، مساء الأحد، عقب حصول الانهيار الجديد إجراءات وقائيّة لحين الكشف عليها ميدانيّاً وفنيّاً من قبل وزارة الأشغال العامّة، فجرى منع الشاحنات من العبور على ضهر البيدر، ووضعت البلوكات والأشرطة العاكسة للضوء لإبعاد حركة السير عن الجزء المتداعي من جدار الدعم باتّجاه الوادي.

 

وقد حضر، ظهر اليوم فريق من مكتب استشاريّ هندسيّ، وآخر من وزارة الأشغال، على رأسهم مستشار لوزير الأشغال العامّة في حكومة تصريف الأعمال، عاينوا الموقع المذكور قبل أن ينتقلوا إلى موقع الانهيار الذي سبق وحصل الأحد الفائت على مقربة من جسر النملية.
 

للتذكير فقد شهد طريق ضهر البيدر، قبل أسبوع، وكان يوم أحدٍ أيضاً، انجرافات لتربة الجبل فوق الطريق جرّاء تفسّخه، وفاضت السيول والوحول على الطريق على دفعتين، ما اضطرّ إلى قطعه لفترة من الوقت، وقد أدّت هذه الانزلاقات إلى تداعي الجدران الداعم للطريق من جهة الوادي.
 
 

وفي اليوم التالي، حضر وزير الأشغال العامّة في حكومة تصريف الأعمال علي حميّه مع فريق فنّي من الوزارة ومتعهّد، وجرى التوافق على سلسلة إجراءات. نفّذ منها الجزء المتعلّق بمحاولة درء خطر انجرافات جديدة في الجبل في حال تساقط كميات مطرية كبيرة، بحيث جرى فتح مجرى للسيول في اتّجاه قناة تصريف المياه الجارية تحت الطريق، ووضعت صخور كبيرة في الأماكن التي إنهار فيها الحاجز الإسمنتيّ، بغرض حماية الطريق قدر المستطاع في حال حدوث انزلاق جديد. أمّا بالنسبة إلى انهيار جدران الدعم فالمعالجة لم تبدأ بعد.


هذا هو حال طريق البقاعيّين الرئيس إلى سائر المناطق اللبنانية وطريق السفر والشحن البريّين، في وقت يخشى من أن تستكمل بشرى عاصفة مقبلة ما نتج عن سابقتها على ضهر البيدر.

كلّ ذلك في وقت كتب وزير الأشغال على حسابه على موقع X شاكياً: "أللهم أشهد إنّي قد بلّغت: مجدّداً صرخة نطلقها أمام كلّ من يعنيه الأمر من رأي عام ومعنيّين قبل إقرار الموازنة الخاصّة بالوزارة للعام 2024 في مجلس النوّاب: منذ العام 2019 لم تجرَ الصيانة على الأوتوسترادات والطرقات المصنّفة ضمن نطاق الوزارة، وفي مقدّمتها طريق ضهر البيدر، والأسباب المالية أصبحت معروفة.
 
 

مجلس الوزراء كان قد وافق على تكليف وزاره الأشغال أحد المكاتب الاستشارية بإعداد دراسة في العام 2019، بحيث تبيّن أنّ المبلغ المطلوب لتأهيل طريق بيروت ضهر البيدر هو 20 مليون دولار، ولكنها لم تنفّذ، والعجز المالي من حينه كان ولا يزال هو العائق. ما كان محدداً بالنسبة للمبلغ المطلوب في تلك الدراسة للطريق المذكور أعلاه، قد أصبح لا يفي بالغرض مطلقاً مع تتالي وتوسّع الانهيارات عليها، مبلغ الـ 60 مليون دولار المرصود لبند صيانة الطرقات في موازنة العام 2024، والذي لم يقرّ لغاية الآن، لا يمثل 20 في المئة  ممّا هو مطلوب على مستوى الصيانة لها. التدخّل والمعالجة الحاصلة لوزارة الأشغال العامة والنقل على هذه الطريق الدولية، لا يمكنها أن تكون الحلّ النهائيّ، نظراً لأنّ ما هو مطلوب فعله بشكل جذريّ لا يمكن القيام به من دون توفّر المال الكافي لدى الوزارة.



التغيّر المناخي الحادّ، عدم الصيانة المزمنة للطرقات، عدم القدرة على المعالجة الجذرية والفورية، قد يؤدّي إلى مشاهد انهيارات متتالية وفي أكثر من منطقة، ومعها تتزايد المخاطر أكثر فأكثر للجميع أقول والمعنيّين أناشد: "صيانة الطرقات لا تقلّ أهمية عن الصحة والكهرباء وكلّ ما يحتاجه المواطن، لا بل أنّ هذا كلّه لا يفيد إن زُهقت الأرواح على الطرقات لا سمح الله".



إلى جانب ما أعلنه الوزير حميّه، ومحصّلته بأنّ فقر الحال هو ما آل إلى "البهدلة".
يتحدّث المطّلعون على أحوال الطريق من فنيّي وزارة الأشغال والمتعهّد عن مجموعة أسباب محتملة: الكميات المطرية الكبيرة التي سقطت في فترة زمنية قصيرة، لم تتمكّن التربة من امتصاصها. أشغال شقّ الأوتوستراد العربيّ وطرقات خدمته في الجبل، التي أسهمت في تغيير بنية الجبل وفي مجرى السيل، وعدم صيانة الطريق منذ زمن.



والملاحظ أنّ فوق موقعي انهيار الجدران الداعمة للطريق، منفذي لطرق خدمة للأوتوستراد العربي المتوقفة الأعمال فيه، شددنا صعوداً على طريق الخدمة فوق موقع الانهيار الجديد، حيث تبيّن أنّ ثمّة مجرى للمياه بموازاة طريق الخدمة، لكن بفعل الزمن، ذلك أنّ الأشغال على هذا القسم من الأوتوستراد العربي متوقّفة منذ العام 2018، فقد نمت النباتات في القناة وترسّبت فيها الأتربة والحجارة فشكّلت سدّاً وسط القناة الترابيّة، وتدفّقت المياه في وسط طريق الخدمة الترابية، بدل أن تستمرّ في الجريان في القناة الترابيّة إلى أن تصبّ في القناة الباطونيّة على طرف الطريق الدوليّ. وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ قناة الباطون المذكورة، قد جرى سقف جزء منها بالباطون عند منفذ طريق الخدمة بغرض التمكّن من سلوكها، فأدّى تجمّع الأوساخ فيها، إلى جانب ضيقها بعد سقفها، إلى انسدادها قبل الجزء المسقوف، وبالتالي مع تزايد الهطولات المطريّة فإنّ المياه تتدفّق منها إلى الطريق.




وفيما أشغال إصلاح الطريق وترميمه يحتاجان إلى رصد مبالغ كبيرة، إلّا أنّ الأمر قد لا يحتاج إلى أكثر من معول لإعادة فتح مجرى القناة المسدودة والمسقوفة، وإلى حفّارة لإعادة تأهيل القناة الترابيّة لتجري المياه فيها.




وأخيراً فإنّ من يرى حجم أشغال الأوتوستراد العربيّ المهجورة في الجبل، منذ 5 سنوات، من دون أن يتجشّم أحد عناء دراسة آثار هجر أشغال مشروع بهذه الضخامة من دون إجراءات وقائية، في وقت يعلم الجميع أنّ انزلاقات التربة كانت من أسباب توقّف الأشغال لحاجتها إلى تمويل إضافيّ لمعالجتها، يدرك بأنّ المشكلة ليست في المال فحسب بل في الإدارة، ويكفي أن تنظر إلى الجهة المقابلة للجبل لتشاهد مشروع خاصّ قام بتجليل الأرض والإفادة من كمّيات الأمطار.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium