النهار

صديقي رمزي
الصحافي رمزي المشرفية
A+   A-
 
بقلم  كاهن رعية الشويفات للروم الأرثوذكس الأب الياس كرم:
 
ثلاثون عامًا مرّوا كلحظة في مخيلتي، عندما بلغ إلى أذنيّ خبر وفاة الصحافي الصديق رمزي المشرفية المفاجئ. 
 
ثلاثون عامًا مذ أن عرفتك بعد عودتي إلى بلدتي الحبيبة الشويفات، حيث كان لي الشرف أن اتعاون معك في المجال الإعلامي، إنطلاقًا من بوّابة بلدية مدينة الشويفات.
 
طبعًا عملك في صحيفة "النهار" العريقة، شدّني إلى التعامل معك، كونك تتلمذت على يدي عملاق الصحافة اللبنانية، المرحوم الأستاذ غسان تويني، وأكملت المسيرة مع نجله الشهيد جبران. جمعنا الإعلام ومحبتنا لهذه المهنة "الرسالة". تلاقينا حينًا واختلفنا أحيانًا، إلّا أنّ محبّتنا لعالم الصحافة والكتابة، ومحبّتنا لمدينة الشويفات، كان أقوى من كل إختلاف. 
 
شاء القدر، أيضًا، أن اتعاون معك في تأسيس المكتب الإعلامي في بلدية الشويفات، خلال العام ١٩٩٨ في عهد المجلس البلدي برئاسة الدكتور وجيه صعب.
 
عملنا معًا بحكمة، وتعقّل، وانفتاح، وحماسٍ منقطع النظير، فكان لهذا المكتب اثرٌ ايجابيٌّ على الصعيد الاعلامي في قرى قضاء عاليه، خاصّة عند مراسلي الصحف وشاشات التلفزة ووكالات الأنباء.
 
كنت يا صديقي رمزي ناقلًا وكاتبًا ومحرّرًا للخبر، فبتّ اليوم الخبر بحدّ ذاته. لم أنسَ حين كلّفك المرحوم الشهيد جبران تويني تمثيله مع زميلك الأستاذ حبيب شلوق، يوم سيامتي كاهنًا على رعية الشويفات في العام ٢٠٠٥. شاركتنا هذا العرس وكأنك واحدٌ من أفراد الأسرة والرعية، فكان يطيب لي أن أناديك يا صديقي من طائفة الموحّدين الكريمة، والمستقيم الرأي في نهجك.
 
أخي رمزي، تغادرنا "في لحظة، في طرفة عين" وعلى غفلة، من دون استئذان ومن دون وداع. فما عهدتك يومًا تغدر بي، فلماذا سمحت لهذا القلب أن يختطفك عنّا، وأنت الصديق الوفيّ، المحب، المتواضع، الذي يسبق الخبر في الميدان. غافلك الخبر الحزين هذه المرة، فأدمعتنا، وحملتنا إلى الشعور بالحزن الشديد، رغم أن "الموت حق"، نحن في إيماننا لا نؤمن بالموت، بل نؤمن بالقيامة، التي كنت السبّاق دائمًا في معايدتي الفصحيّة قائلًا: "المسيح قام".
 
أخي وصديقي الصحافي رمزي المشرفيّة، سافتقد اتصالاتك وتواصلك معي الدائم. ساحة كنيسة مار ميخائيل المدبّر في الشويفات، التي كنّا نلتقي في رحابها، ستردد صوت حواراتنا الشيّقة، وقد أبيت إلّا أن تستقبل المهنئين بزواج ابنك في ساحاتها. صديقي رمزي، يعجز اللسان عن وصف حزني على فراقك، تاركًا القلم، الذي عشقته، ومارست مهنته، لأتوقف عن الكتابة عنك، واشرّع الباب للدموع كي تنهمر على روحك الطاهرة، علّي أوفيك شيئًا من صداقتنا، التي لن تنتهي في هذه الدنيا، بل سأحملها معي طالما حييت وإلى أن نلتقي...
أسمى آيات التعزية إلى زوجتك وأولادك وأحفادك، وعائلتك وعموم آل المشرفيّة الأكارم، ولزملائك الإعلاميين. رحمك الله يا أخي رمزي.
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium