النهار

قوسايا بين الحدث الأمني في جرودها وعسكرة أراضيها الزراعية الجردية
دانيال خياط
المصدر: "النهار"
قوسايا بين الحدث الأمني في جرودها وعسكرة أراضيها الزراعية الجردية
قاعدة قوسايا العسكرية.
A+   A-

بينما كانت وسائل الإعلام اللبنانية والفضائية تضجّ بنبأ الانفجار الذي وقع، فجراً، في مركز "الجبهة الشعبية - القيادة العامة" في جرود بلدة قوسايا، على الحدود اللبنانية مع سوريا، شرقي قضاء زحلة، والأخبار تتضارب حول طبيعته بين انفجار وقع داخل الموقع العسكري للفصيل الفلسطيني أو استهدافٍ بغارة، وما إن سقط من جرائه ضحايا، كان الحديث عن موسم الكرز وتعشيب البساتين يتقدّم على الحدث الأمني عند أهالي البلدة، الذين انصرفوا الى أعمالهم وإلى البساتين وسط أجواء هادئة يتمتع بها شريط قرى شرقي زحلة عموماً، ولا تهزّها سوى الأحداث الأمنية التي تشهدها، بين الحين والآخر، تلك المعسكرات القائمة على أراضيهم منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي. 

من الأهالي من استفاق على دويّ الانفجار، ومنهم من لم يعلم به سوى في صباح اليوم التالي. في كل حال، هم يعلمون بأن مصدره لا بدّ المعسكرات الفلسطينية. أما عن طبيعته؟ فالجواب ليس عندهم، كل ما لديهم ليضيفوه أن حاجز الجيش، المتمركز أسفل طريق المعيسرة المؤدّي الى تلك الجرود وبالتالي المعسكرات، أغلق اليوم الطريق، بما حال دون وصول من كان يُسمح لهم بالوصول الى أراضيهم الزراعية للجهة الجنوبية من تلك الجرود. 

طرفان يعلمان ما حدث يقيناً، "الجبهة الشعبية - القيادة العامة" نفسها، التي أصدرت بياناً أعلنت فيه تعرّض مركزها لغارة إسرائيلية، وسقوط 5 من عناصرها وجرح آخرين. الطرف الثاني هو "حزب الله" الذي يوجد في تلك الجرود، ويربطه تنسيق وتعاون مع الفصيل الفلسطيني. وتبقى أيضاً رواية الجانب الإسرائيلي.  

تتوافر أيضاً رواية ما حصل لدى الجيش اللبناني، سواء من خلال علاقته الاستخباراتية والأمنية بالطرفين الأولين، ومن خلال مراكزه المنتشرة في المنطقة، مع الإشارة الى أن الوصول الى المعسكر الفلسطيني في الجرود يحتّم العبور بحاجز الجيش أسفل الطريق، الذي يدوّن عناصره الأسماء. وقد شوهدت اليوم، خلال وجود الصحافيين عند حاجز الجيش، سيارة رباعية الدفع تقلّ 5 أفراد توجّهوا الى الموقع، بعد تسجيل أسمائهم. أما ما يمكن تأكيده كمصدر مستقل فهو أن 10 جرحى من عناصر المركز نُقلوا للمعالجة في مستشفى "الناصرة" التابع لجمعية "الهلال الأحمر الفلسطيني" في بلدة بر الياس، رافقهم ضابط من الجيش اللبناني، وأنهم عولجوا من جروح وحروق قيل إنها طفيفة وغادروا.

وكان موقع "الجبهة الشعبية - القيادة العامة" الآخر في منطقة حشمش، ما بين بلدتي قوسايا ودير الغزال قد شهد حركة لافتة لفترة من الوقت قبل الظهر. 

تبلغ مساحة الأملاك الخاصة والبلدية والجمهورية في بلدة قوسايا 18 هكتاراً، أكثر من 10 هكتارات منها، هي في جرودها التي تمتدّ عقارياً من بلدة ماسا شرقاً الى كفرزبد جنوباً. أراضٍ صالحة للاستصلاح الزراعي، وممنوعة على الأهالي منذ عام 1982 مع إقامة معسكرات الجبهة الشعبية – القيادة العامة، في الوادي الفاصل بين لبنان وسوريا، الى جانب مواقعها الأخرى في البقاع الأوسط: مركز حشمش الآنف الذكر، مركز تلة عين البيضا في سهل كفرزبد، وموقع البقاع الغربي ما بين السلطان يعقوب الفوقا والتحتا، التي لم ينسحب منها الفصيل الفلسطيني المتحالف مع النظام السوري، مع انسحاب جيش الأخير من لبنان. لكن فاقمت الثورة السورية أزمة الوجود العسكري في جرود قوسايا، مع دخول "حزب الله" طرفاً في النزاع المسلح السوري، وشقّه طريقاً في تلك الجرود الى الجهة السورية، وتعبيدها مروراً بأراضٍ خاصة لأهالي بلدة قوسايا، الأمر الذي كان موضع شكوى من البلدية في عام 2020 الى كل من وزير الداخلية آنذاك محمد فهمي ومحافظ البقاع، من دون نتيجة. 

يحافظ أهالي قوسايا والفصيل الفلسطيني على علاقة تنسيق بحدها الأدنى من أجل تأمين ضمان المراعي، أو استصلاح الأراضي الزراعية في الجهة الجنوبية من تلك الجرود، إلا أن عسكرة هذه الأراضي تمنع عن أصحابها اللبنانيين استصلاحها وإنتاج مردودٍ منها منذ عقود، في وقت ضاقت فيه مصادر رزق الأهالي مع توقف عمل المقالع ومناشر الحجر التي كانت مصدراً رئيساً الى جانب الزراعة.  

 

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium