النبطية - سمير صبّاغ
بالرغم من تحوّل الحدود الجنوبية إلى ساحة حرب يُمكن توسّعها في أي لحظة لتشمل مدينة النبطية، التي استهدفها العدو الإسرائيلي بغارات متفرقة، اختار "النبطانيون" أن لا يكون حلول شهر رمضان المبارك حزيناً أو باهتاً هذا العام، فكان مهرجان"فرحة عيد 2024" عنواناً لصمودهم بمواجهة آثار الحرب الاقتصادية ومساندة النازحين، الذين بلغ عددهم أكثر من 24 ألف نازح. فكيف بدت النبطية عشية إضاءة "فانوس رمضان العملاق" وسط السوق، وما الذي سيقدّمه المهرجان من "قيمة مضافة" لأيام رمضان ولياليه؟
ينطلق عضو المجلس البلدي لمدينة النبطية صادق إسماعيل من أهمية إقامة مهرجان رمضانيّ هذا العام في النبطية ليقول إن "هذا الحدث هو وجه من أوجه المقاومة والصمود. فنحن نصرّ أكثر من أيّ يوم مضى على أن نُمارس حياتنا بشكل طبيعي، بالرّغم من كلّ التهديدات الإسرائيلية. ونريد أيضاً أن نرسم البسمة على وجوه النازحين من أبناء القرى الحدودية، الذين لهم حقّ علينا، علّنا بهذه الأجواء الاحتفالية والترفيهيّة نُنسيهم وجع الاعتداءات والمجازر التي لن تكون آخرها مجزرة "آل برجاوي" في حيّ المسلخ وسط المدينة".
أما منسّق المهرجان حسّان قنبر، فيعتبر أن "الجمود الاقتصادي الحاصل في السوق هو بفعل الأزمة الاقتصادية منذ العام 2019. لكن الحرب والاستهدافات الإسرائيلية انعكست جموداً إضافيّاً حتّم علينا البحث عن أطر لمساعدة التجار لتنشيط أعمالهم، فوقع اختيارنا على إقامة مهرجان يحقق جذباً للمتسوّقين من خلال الهدايا المقدّمة (سيارةـ ألبسة- ادوات كهربائية- ذهب- مفروشات وغيرها)، لكي يتمكّن أيّ مواطن بمجرد شرائه بدولار واحد من السوق من الاشتراك في السحوبات اليومية على الجوائز كما في السحب الكبير على السيارة".
ويؤكد إسماعيل أنه بالتنسيق مع "جمعية تجار النبطية" و"الجمعية التعاونية لتجار النبطية والجوار" تم تزيين شوارع المدينة بزينة رمضانية لتضيء "ليالينا كما جرت العادة كلّ عام، بالإضافة إلى وضع الفانوس العملاق والأناشيد الرمضانية، مما سيجذب الأهالي باتجاه السوق، مع العلم بأن التجّار واللجنة المنظّمة تجاوبوا مع مطلبنا بتخفيض نسب الأرباح بما يتناسب مع الشهر الفضيل، وبما يضمن مساعدة بعضنا البعض، لا سيّما النازحين الذين يتوجّب علينا مساعدتهم ودعمهم"، لافتاً إلى أنّه "سيتمّ أيضاً نصب خيم لألعاب الأطفال كي نتمكّن من رسم البسمة على وجوههم".
وفي السياق، يكشف قنبر عن أنهم "سيقيمون نشاطاً رياضياً بكرة السلة للرجال والنساء، وكذلك بكرة الطائرة في مجمع الصباح الرياضي لمدة ثلاثة أيام. وستحضر فرقة موسيقية رمضانية مع فرقة حركات بهلوانية ونارية لتقوم بعرض ترفيهي فنيّ ملتزم خلال الأسبوع الأخير في داخل السوق وسط المارة يومياً".
أما على صعيد النادي الحسينيّ لمدينة النبطية، فاختار إمام المدينة الشيخ عبد الحسين صادق شعاراً استوحاه من الواقع المعاش "تبقى منوّرنا"، للتأكيد على أنّه "بالرغم من الاعتداءات اليوميّة والمصاعب، سيبقى شهر رمضان مساحة للنور والرجاء والثقة بالله في تفريج الهموم"، وفق ما أكّده لـ"النهار" مهدي صادق.
ولفت إلى أن "النادي الحسيني، بالإضافة إلى تزيين الشوارع المحيطة به والحفاظ على رمزية المدفع والمسحّراتي كعادات رمضانية تراثيّة، سيقيم برنامجاً ترفيهياً هادفاً يومياً في ساحة مدفع الإفطار، حيث تقوم شخصية "رمضون" بتوزيع الهدايا على الأطفال، وسط أجواء من الفرح والأغاني الرمضانية".
وفي الإطار نفسه، أقام النادي الحسيني تحت عنوان "رمضاننا واحد" حملة تبرّعات واسعة لدعم الأسر المتعفّفة والنازحين بالموادّ الغذائيّة الطازجة وتوزيع القسائم اليومية والحصص التموينية".
شكّل "رمضان 2024" محطة استثنائية في حياة "النبطانيين" لكونهم يعيشون على تخوم النار المشتعلة جنوباً والاستهدافات المتنقلة في العمق الجنوبي، لكنهم بالرغم من كلّ الأخطار والحرب والدمار أصرّوا على اختيار الحياة من بوابة الفرح.