فقد الجسم الصحافي والأدبي كبيراً من اعلامه هو إدوار الزغبي الذي كان للحقبة الأطول من حياته المهنيّة أحد أبرز كتاب ومحرّري ومراسلي "النهار" وعرف بمهارات مشهودة في الصحافة والأدب.
وبرحيله تفقد الصحافة ركناً لامعاً ترك بصمات مميّزة في المراس الصحافي العريق.
عنه كتب ذات يوم الشاعر شوقي ابي شقرا الاتي:
من الأرض التي حرثت، ومن القلم الذي هو المعول وهو المحراث، جاءني الى بيروت والي للكتابة والى أن يكون معنا في زمن الصحافة، وزمن الأدب الذي يلمع والذي تحرسه نجمة حلوة من دارتها في السماء.
إنه إدوار الزغبي الذي في المدرسة الرسمية اللبنانية كان أستاذاً وكان ذا وظيفة في الدولة. وكان مثلما غيره في مهنة أخرى خارج السياق المألوف والذي، في ملحق الرياضة والتسلية، تحت إشرافي ورئاستي، تقدم الى الحلبة وأرسل البلبل الذي يدور بقوة الخيطان. وكان الذي ابتكر رحلات الى الغابة، الى الصيد، في هذا الملحق، وكان الذي باشر نقداً وطرحاً حول ما في الراديو، في الإذاعات وما ترمي الى السامعين من غذاء أي من طرافة ومن صواب في النص أو مما يبدو أنه غير لائق وعلى خطأ.
وكان إدوار الزغبي ذلك الأول في لغته الناصعة وفي نثره الذي هو الوشاح وهو الدقيق في دورانه وفي قول الكلام وفي المعنى الذي لا يرتبك ولا يزال مشهوداً له أنه بكر أو أنه يسطع في الليل وفي النهار وفي كل التلال وكل السفوح.
وكان الزغبي ذلك الحالم أن يكون دائماً ذلك الصحافي قبل أن يكون ذلك الأستاذ في المدرسة الرسمية. وكان قولي له مستمراً أن لا تترك الوظيفة يا صاح، لكنه آثر المغامرة واصطف في صف المغامرين وكان الذي ملأ الصفحات في جريدة "النهار" بما يهزّ الفؤاد ويخرمش الدماغ ويبث اللغة العربية ملامح طليعية وأسلوباً له النقاء وله الصفاء وله الخيلاء.
وحين كان الحرب والخراب لبث في مكانه الشمالي وكان مجمل الوقت في حضور. وحين لم ينفع الأسف كان ذلك الذي، على هواه، يتجاوب مع العمل أو لا يتجاوب، وكان الذي توارى قليلاً خلف الستارة لكنه يتابع النص والسطور والحبر المتساقط كلمات وقوافل من النثر المنجلي، أو الذي لا يتبدّد مثلما هو القطن في بعض الأعشاب. وحين الأمل يظلّ الأمل مشتعلاً ويبقى في صدر الزغبي وفي كيانه أجمع.