إبراهيم الغريب
منذ بداية شهر رمضان المبارك ومواقع التواصل الاجتماعي تضجّ بأجواء الفرح والبهجة في طرابلس، إذ سحرت عاصمة الشمال بأضوائها كلّ مَن زارها أو رآها في مقطع فيديو مصوّر. وقد استقطب مقهى موسى الواقع في منطقة باب الرمل شرقي المدينة آلاف الزوار من أبناء المدينة وخارجها، منذ أول أيام الشهر الكريم، واكتظت الأسواق الداخلية بالزوار من مواطنين وصحافيين و"بلوغرز"، والكلّ يردّد "تعوا ع طرابلس".
لكن شيئاً ما تغيّر بعد الأسبوع الأول من الشهر الفضيل، إذ طغى صوت الرصاص على أصوات الناس في المقاهي والأسواق والشوارع، فلا يكاد يمرّ يومٌ دون أن يحمل معه إشكالاً مسلّحاً على الأقل يؤدّي إلى قتلى وجرحى، ويُسبّب حالة ذعر في صفوف المواطنين، الذين هم في الشوارع، أو آمنين في بيوتهم.
في حديث لـ"النهار" تقول أم عمر، إحدى سكّان منطقة المنكوبين في طرابلس: "اعتدنا منذ الصغر على التجمّع أمام منازلنا بعد الإفطار، فيما اليوم بات الخوف هاجس الجميع، ويمنعنا من الخروج من المنازل. حتى وأنا موجودة في المنزل أتوجّس أن أتلقّى رصاصاً طائشاً، لأن سقف منزلي من "التنك". لذلك نسأل أين الدولة؟ تلاحق فقط من يبني "حيطاً"، وتتعقب أثر الفقراء، فيما تترك من يملكون السلاح ويرهبون الناس".
يقول الناشط السياسي" مصباح الساكت: "ما يحدث في طرابلس أخيراً يأتي بسبب التفلّت الأمني وغياب الدولة. وتأجّج هذه المشاكل مردّه إلى ظاهرة مشايخ الصلح الذين يقومون بأدوارهم برعاية الأجهزة الأمنية، ممّا ينهي القتال من دون أن يُلغي الخلاف. الصلح أمر جيّد لكن من سجلّهم حافل بالخروج على القانون لا ينفع التعامل معهم بالصلح إنما بخضوعهم للقانون".
وتابع الساكت: "نخجل من أنفسنا كطرابلسيين حين نناشد الدولة ورئيس حكومة الدولة نجيب ميقاتي هو ابن هذه المدينة، بالإضافة إلى أن وزير الداخلية بسام المولوي هو ابن هذه المدينة ايضاً ومقيم فيها".
النائب السابق الدكتور مصطفى علوش علّق لـ"لنهار" على ما يحدث قائلاً: "بحكم عملي كطبيب جراح، أصادف يومياً جرحى وقتلى جراء الإشكالات الفردية والعائلية، وذلك نتيجة غياب الدولة، لذا نطالب الدولة بأن تفرض هيبتها في كل لبنان، وأن لا تكون موجودة في مكان وغائبة عن مكان آخر".
ورداً على سؤال، قال علوش: "لا يمكنني أن أقول شيئاً للأجهزة الأمنية في هذا الظرف. ماذا يمكن أن تقول لعنصر لا يقبض مستحقاته بشكل جيّد، وإذا أصيب في إشكال ما لا يستقبله أيّ مستشفى، فيرى نفسه غير مضطر لتعريض حياته للخطر في سبيل لا شيء. نحن نريد الدولة …الدولة فقط".
مصدر أمني يقول لـ"النهار" إن "القوى الأمنية تعمل جاهدة على تطبيق القانون. وهذا ما بدا واضحاً في شوارع المدينة، حيث انتشرت حواجز الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، وحيث تقوم قوات الجيش يومياً بمداهمة عشرات الشقق وتوقيف المطلوبين ومصادرة الأسلحة". وبالرغم من ذلك، يتعرض أمن طرابلس للاهتزاز.
لذلك، ينتظر اللبنانيون في الفيحاء عودة الأمن والأمان بشكل كامل لإعادة إحياء سهرات رمضان في الشوارع والأسواق، وهذا ما تسعى الجمعيات المحلية في المدينة لفعله، فيتسابق أصحاب المبادرات نحو تعليق الأضواء والزينة، ولكن… وإن أعادوا لطرابلس الأضواء فمن يعيد لأبنائها الأمان؟