في بلدة برّ الياس- قضاء زحلة، على طريق الغاب جهة محلّة دير زنون، مخيم للاجئين السوريين يعرف باسم "مخيّم زياد" نسبة إلى مالك الأرض. يتألّف المخيّم من 22 خيمة، جلّ قاطنيها من جنوب محافظة حلب، لاسيّما مدينة تلّ الضمان. في الخيمة التي تقع مباشرة عند مدخل المخيم، يقطن مع عائلته المدعو شادي.ك أحد المشتبه بهم في تنفيذ جريمة قتل المواطن ياسر الكوكاش في بلدة العزونية- قضاء عاليه. وقد دهمته قوّة من مخابرات الجيش، يوم أمس، بحثاً عن شادي واقتادت والديه وشقيقته وشقيقه بحسب سكان المخيم، وأمرت السكان بإخلاء المخيم تمهيداً لإزالته.
في بلدة المرج، في البقاع الغربي أيضاً مخيّم للسوريين، يعرف باسم "مخيم رجب"، يتألف من 95 خيمة، تبيّن أنّ أكثر من مشتبه به في الجريمة المذكورة من قاطنيه، بحسب رئيس البلدية منوّر الجراح. جرت أيضاً مداهمته من قبل مخابرات الجيش وطُلب إخلاؤه.
إلّا أنّ مصير مخيم رجب كان أفضل من مصير مخيم زياد، ذلك أنّ الأول رغم حضور آلية لتفكيكه فقد أسهمت التدخّلات إلى العفو عنه في اللحظات الأخيرة، تفادياً لتشريد العدد الكبير من العائلات التي تقطنه في ظلّ عدم توافر بدائل لإيوائهم، في ظلّ القرارات التي تمنع إقامة مخيّمات جديدة، وتقضي بهدم كلّ خيمة تشغر من قاطنيها، وتمنع استقبال أفراد جدد في الخيم سوى بإذن أمنيّ مسبق، فيما العودة إلى سوريا متعذّرةً أو غير مرغوب بها.
في مخيم زياد كان المشهد مختلفاً، إذ تحوّل إلى ركام خيم، ولم يبق من خيمة عائلة المطلوب شادي أثراً سوى أرضية الباطون. ففيما كانت الآلية التي أحضرت لإزالة مخيم رجب تنسحب عند العاشرة ليلاً، باشرت آلية أخرى بهدم مخيم زياد بدءاً من العاشرة والنصف إلى ما بعد منتصف الليل، على ما أفاد سكان من المخيم. نهار اليوم كان القسم الأكبر من سكانه يفترشون قطعة أرض محاذية، حيث قاموا بالاستعانة ببقايا شوادر وأخشاب ليصنعوا ما يشبه خيمة تقيهم العوامل الطبيعية، وجعلوا من العوازل الإسفنجية سجّادة تحول دون جلوسهم على التراب. انقضت الظهيرة، وهم لا يعرفون ما سيكون مصيرهم، في وقت لم يكن قد زارهم من المنظمات التي تعنى بأوضاع اللاجئين السوريين سوى فريق المساعدة القانونية في المجلس النرويجي للاجئين الذي انكبّ على تسجيل بياناتهم.
من جهة أخرى، نشر مفتي زحلة والبقاع الغربي الشيخ علي الغزاوي عبر حسابه على "فايسبوك" بياناً تناول الجريمة وتداعياتها، وقد جاء فيه: "إنّ دار الفتوى في البقاع، ومتابعة لما يصدر عن سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية ومجلس المفتين والمجلس الشرعي الأعلى كانت وما زالت صمّام أمان للوطن والمواطن وستكون دائماً إلى جانب مؤسسات الدولة الإدارية والقضائية والأمنية والعسكرية. ولذلك كانت مطالبة السادة الأمنيين عدم التساهل في محاسبة المجرمين ومن يساندهم ومن يأويهم من أيّ بيئة كانوا.
وانطلاقاً من هذه المبادئ كان الطلب إلى الأجهزة الأمنية والعسكرية عدم التسامح مع المجرمين ومن آواهم في مخيمات البقاع، وألّا يؤخذ البريء بسبب جرم من أساء. ولذلك نثني على الأجهزة الأمنية والعسكرية والقضائية على عملهم الدؤوب لاستقرار الوطن والمواطن ومن هم ضيوف على الوطن وأهله. وعلى المخيمات وأهلها أن يلتزموا بالقوانين وأن يكونوا جزءاً من أمن لبنان واستقراره، وألّا يسمحوا لأحد أن يجعلهم جسراً لفتنة أو مخالفة للقانون والأعراف والمبادئ التي تحمي وطننا ومن يسكن فيه. آن الأوان ليعود كلّ غائب إلى وطنه عودة آمنة. آن الأوان لتكون سماؤنا غير مستباحة وأن تكون أرضنا مرتاحة. آن الأوان ليأمن جنوبناً وتأمن فلسطين بأهلها وألّا يكون للمحتل مكان في أرضنا العربية والإسلامية. سائلين المولى عزّ وجل أن يرزق بلدنا لبنان وسائر البلاد الأمن والأمان".