لم تستفق تركيا بعدُ من آثار زلزال 6 شباط 2023. حركة الأرض هناك لم تهدأ بعدُ، فمنذ أيّام أعلنت إدارة الكوارث والطوارئ التركية (أفاد) أنّ زلزالاً بقوّة 5.6 درجات هزّ إقليم توكات، شمالي تركيا. الخوف ليس في هذه المنطقة تحديداً، فالعين على إسطنبول بعد توقّعات كثيرة تتنبّأ بحدوث زلزال كبير قد يدمّر المدينة.
لا يزال الحديث عن الزلازل قائماً، والتنبّؤات تُقابلها مؤشّرات علمية، والكلّ يُتابع - حسب معطياته واختصاصه وتكهّناته - ولكن لا شيء يعلو فوق منطق العلم.
يتابع الباحث والأستاذ المحاضر في الجيولوجيا وعلم #الزلازل في الجامعة الأميركيّة في بيروت الدكتور طوني نمر كلّ المستجدّات المتعلّقة بالزلازل والهزّات، وآخرها الزلزال الذي ضرب تركيا منذ أيام. وبين الحدث العلميّ والتنبّؤات، التي تحذّر من حدوث زلزال مدمّر بقوة 10 درجات على مقياس ريختر في إسطنبول، ترقّب شديد وحذر.
يُسارع نمر إلى طمأنة الناس، مدعماً قراءته بشرح لخريطة تظهر نقاط الارتكاز الزلزاليّة في تركيا خلال الأسبوع الحالي (الدوائر الحمراء) ونقطتي ارتكاز زلزالَي 6 شباط 2023 (النجوم الصفراء).
يشرح نمر ما يجري بالقول إن "تركيا موجودة على فوالق رئيسيّة عديدة نشطة، أهمّها فالق الأناضول الشمالي، وفالق الأناضول الشرقيّ. لكن ما حصل الأسبوع الماضي كان على فالق غير رئيسيّ، وأقلّ أهمّية، إلا أنّه قريب من فالق رئيسيّ. ووفق ما يظهر، فإن الحركة بقيت محصورة على هذا الفالق غير الرئيسيّ؛ وبالتالي، هي بعيدة من فالق الأناضول الشرقيّ المسؤول عن زلزالَي 6 شباط وأقرب منه إلى الفالق الشماليّ".
وعليه، يرى نمر أنّ الحركة الأقوى في الأسبوع الماضي حصلت على فوالق غير رئيسيّة وسط تركيا، وهي مستقلّة تماماً عن زلزالَي 6 شباط.
وقد شهدنا تحرّكاً للفالق الشمالي على كامل طوله، باستثناء الجهة الغربية منه، حيث يتوقع الخبراء الأتراك أن نشهد زلزالاً قوياً قريباً من إسطنبول. ويعود السبب - وفق نمر - إلى "وجود المنطقة على الفالق الشماليّ، الذي تحرّك في آخر مرة في العام 1999 في منطقة إزمير، وتسبّب بحدوث زلزال بقوّة 7.4 درجات. واليوم، يتوقع الخبراء أن يتحرّك الفالق بعد 25 عاماً، وأن يُسبّب زلزالاً في إسطنبول".
لا يُبدي نمر قلقه من الذي حصل الأسبوع الماضي في تركيا، بالرغم من أنه كان قريباً من الفالق الشماليّ، لكنّه بعيد من المنطقة التي لم تتحرّك منذ فترة طويلة. وبما أنّ الحركة الزلزاليّة كانت بعيدة، فمن المرجّح أن تبقى محصورة".
وعن تداعيات أو عواقب ما تشهده تركيا على لبنان، يطمئن الباحث والأستاذ المحاضر في الجيولوجيا وعلم #الزلازل في الجامعة الأميركيّة في بيروت إلى أننا "بعيدون جدّاً من إسطنبول، ولا خوف، فكلّما كانت المسافة بعيدة كان التأثير أقلّ.
ولكن ما يهم نمر توضيحه أنه "لا أحد يمكنه أن يتوقّع قوّة الزلزال، لأنّه متعلّق بطول وحجم وقياس الفالق الذي سيتحرّك. على سبيل المثال: في حال تحرّك فالق اليمونة في لبنان بكامله، يصبح من الممكن أن يؤدّي إلى زلزال كبير. أما في حال تحرّكَ جزئيّاً فقد يتسبّب بزلزال صغير أو هزّة أرضيّة".
ويبقى السؤال الأهم هو: هل ما يجري هو حركة طبيعيّة للأرض أم من صنع الإنسان؟
يؤكّد نمر أن "ما يحصل في تركيا غير محفَّز، ويعود إلى التركيبة الجيولوجيّة لتركيا، التي تجعلها في حركة طبيعية دائمة، بسبب الفوالق الكثيرة الموجودة فيها".