أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في ملتقى "الأمن الاقتصادي العربي في ظل المتغيرات الجيوسياسية"، أن الحكومة "تسعى الى اعتماد نهج مالي جديد"، وهي "حريضة على تهيئة البيئة الاستثمارية الحاضنة للفُرص الواعدة"، داعياً الى "الثقة بهذا البلد".
وقال في افتتاح الملتقى الذي نظمه اتحاد المصارف العربية في فندق فينيسيا:
"مرّ لبنان بمحطّات مُشرقة من الاستقرار والنمو والازدهار وبناء السلام. لكن البلد يُكابِد اليوم في مواجهة أزمات عديدة ومتداخلة، ومناخ إقليمي حافل بالتوترات والتحدّيات والتهديدات والحروب العدوانية. هذه التحديات تُرخي بثقلها على الشعب اللبناني الذي يُعاني من أزمة اقتصادية ومالية وإنسانية غير مسبوقة، ومن فقدان المقوّمات الاساسية المعنوية والمادية التي تُمكّنه من الصمود، ثم النهوض والتعافي.
تكمُن أُولى التحدّيات الوطنية في شغور رئاسة الجمهورية وتَعَذُّر انتخاب رئيسٍ جديدٍ للبلاد، وما يستتبع ذلك من عدم استقرار مؤسسي وسياسي، ومِن تفاقُمٍ للأزمة الاقتصادية والمالية، وتَعَثُّر في انطلاق خِطط الإصلاح والتعافي الاقتصادي والمالي الذي يُعوِّل عليه اللبنانيون لإنقاذ البلد من الأوضاع الصعبة، وإعادة بناء الدولة والمؤسسات والأجهزة، وتعزيز دور القطاع الخاص والشركات الناشئة، وصولاً إلى استعادة الثقة، وإعادة جذب الاستثمارات الخارجية، وعودة السياحة إلى ربوعنا. أنتم تعلمون ان الاستثمارات المجدية لا تكون الا من رحم الازمات التي نعيشها، لهذا ادعوكم جميعا الى ان تكون لكم ثقة بهذا البلد" .
ولفت الى "ان التحدّيات تزداد وتتفاقم حدّتها مع استمرار احتلال إسرائيل مساحاتٍ من أرضنا في الجنوب اللبناني، ومواصلة عدوانها واعتداءاتها وانتهاكاتها اليومية للسيادة اللبنانية، وخرقها لموجبات قرار مجلس الأمن 1701. يبقى هدفُنا العمل على تَجنُّب الانزلاق نحو حربٍ إقليمية شاملة، في موازاة ترسيخ السلم والسلام والأمن في المنطقة، وبسط سلطة الدولة اللبنانية على التراب كاملاً حتى الحدود المعترَف بها دولياً. ولا يفوتني هنا أن أذكُر، من باب التحدّيات أيضاً، بموجات النزوح المتتالية التي طاولتنا في لبنان عبر العقود الماضية، وتطاولُ تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية سائر مظاهر الحياة في البلد".
وأضاف: "أما التحدّي الإقليمي الأبرز فيتمثّلُ بالقضية الفلسطينية ومعاناة الشعب الفلسطيني الشقيق الذي يرزح تحت الاحتلال، ويُصارع لنيل حقوقه . وفيما تزداد الحاجة الى التخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني، نُعيد مجدّداً تأكيد تمسّكنا بالسلام العادل والشامل المستنِد إلى حلّ الدولتيْن والمرجعيات الدولية".
واشار الى انه "في المجال الاقتصادي المالي والتنموي، وفي مواجهة هذا الكم الهائل من التحدّيات، نحن حرصاء على تهيئة البيئة الاستثمارية الحاضنة للفُرص الواعدة، بما يشمل تنشيط الدورة الاقتصادية وتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية مع الدول العربية التي تُعدّ الشريك التجاري الأساسي لنا، مع إمكان التوجّه مستقبلاً نحو أسواق جديدة، في قطاعات تنافسية مُحدّدة".
وأكد أن "هدفُنا الاستمرار في العمل تدريجاً على حل الأزمة الاقتصادية – المالية الحالية، وإنقاذ البلد، وفق جدول زمني مُحدَّد، يشمل إقرار الإصلاحات والقوانين والتشريعات الضرورية، وتوزيع الخسائر المالية، وإقرار قانون "الكابيتال كونترول" وتنفيذه، والمحافظة على أموال المودعين في المصارف اللبنانية، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي على نحو مُنصِف وعادل. كما يشمل ذلك أيضاً الوفاء بالتزاماتنا المالية المحلية والعالمية، وإعادة جدولة الديون، وبناء الاحتياطي بالعملات الأجنبية، وخفض الانفاق، وتعزيز الواردات، وجذب الاستثمارات الخارجية... والأهم رُبّما، تعزيز مسار المساءلة والمحاسبة، ومكافحة الفساد وتبييض الأموال والجرائم المالية، ومواجهة التطرُّف والإرهاب".