ميشال حلاق
آلاف الأطنان من حطب الأشجار الحرجية الدهرية تم قطعها من غابات محافظة عكار وبيعها في مختلف المناطق اللبنانية. هذا بالإضافة إلى تهريب قسم منها إلى خارج الحدود على يد تجار الحطب "المحظيين والمحميين" من كل مساءلة ومحاسبة.
أجزاء كبيرة من الغابات البكر تصحرت. ومشهد الغابات اليوم لا يقل ببشاعته عن المشهد الكئيب الذي كانت قد خلفته الكسارات والمرامل التي شوهت معالم طبيعة لبنان وعكار ضمناً من قبل التجار.
رفع سوق بيع الحطب الناشط جداً صيفاً وشتاء من بورصة هذه المادة حيث يباع طن الحطب ما بين 150 و250 دولاراً، حسب نوعية وجودة الحطب.
خلال الأيام الماضية تم تنفيذ جريمة قطع أشجار في مناطق عكارية عدة وبخاصة في القموعة وبزبينا وتاشع وممنع عكار العتيقة والقبيات وعندقت والبيرة ووادي جهنم وأعالي بلدتي مشمش وفنيدق، إذ قطعت مئات أشجار اللزاب الدهرية والأرز والشوح الكيليكي والعذر والسنديان.
لم تنفع نداءات الناشطين البيئيين ولا رؤساء البلديات رغم ما توفر من صور وفيديوات أودعوها الجهات الأمنية والقضائية التي لم تحرك ساكناً لكبح جماح المعتدين المعروفين بالأسماء وأرقام الهواتف وأرقام لوحات السيارات والشاحنات التي تنقل الحطب جهاراً نهاراً على الطرقات العامة الرئيسية من عكار إلى كل لبنان.
عبد الحي
رئيس بلدية فنيدق الشيخ سميح عبد الحي توجه بنداء استغاثة إلى قائد الجيش العماد جوزيف عون، ومدير عام قوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان، والى كافة الاجهزة الامنية المحترمة، القضاء المختص، ووزارتي البيئة والزراعة، والمدعي العام البيئي وإلى جميع المعنيين للاسراع بحماية غابات فنيدق وعكار من عصابات تجار الحطب قاطعي الأشجار.
وقال عبد الحي: "تبلغ مساحة بلدة فنيدق 45 مليون متر مربع منها 20 مليون متر غابات نادرة ومعمرة تعتبر ثروة وطنية، مرت عليها أربع سنوات من القطع والخراب بواسطة عصابة لا تعرف العرف ولا القانون ولا يتجاوز أفرادها عدد أصابع اليدين، عاثت فيها خراباً وتقطيعاً وكلها أشجار خضراء.
وشرح عبدالحي ما حصل بالقول: "آخر فصول مسلسل الإجرام كان منذ أسبوع حيث وقعت بين أيدينا حمولة حطب عبارة عن أشجار معمرة خضراء وهذه واحدة من جملة ما نصادر أو نعرف عنه، حاولنا الاتصال بكل الأجهزة وكل من نعرف ولكن دون جدوى، وعمد أفراد العصابة إلى السيطرة على الآلية المحملة بالحطب تحت تهديد السلاح والبلطجة وتم سحبها، غير آبهين بكل الحاضرين".
أضاف: "بإسمي وإسم أهالي فنيدق أناشد قائد الجيش واستغيث به من أجل ردع تلك العصابة التي يقطع أفرادها أشجاراً لا تقل أعمارها عن 500 سنة ويتم بيعها بأبخس الأثمان. نطلب رفع الغطاء والمحاسبة والعقاب حتى يتم ردع أولئك المجرمين".
ونظرا للتداعيات السلبية لما حصل في فنيدق عقد لقاء على نحو طارئ في المبنى التابع لوزارة الزراعة في القموعة -فنيدق بتوجيهات من وزير الزراعة الدكتور عباس الحاج حسن بحضور أعضاء مجلس بلدية فنيدق والمخاتير والفاعلين في البلدة، رئيس مصلحة الزراعة في عكار طه مصطفى وموظفي الزراعة، رئيس مخفر قوى الأمن الداخلي في القموعة المؤهل وليد طالب، بالإضافة إلى حراس غابات القموعة وعناصر شرطة البلدية.
بدأ الاجتماع بمداخلة عبر الهاتف لوزير الزراعة، حيث تعهد أمام الحاضرين بمحاسبة ومعاقبة كل من يعتدي على غابات القموعة ويشوه معالمها الطبيعية والبيئية والسياحية.
وأكد جميع الحضور على أخذ جميع الإجراءات التي تحد من ارتكاب هذه الجرائم بحق الغابات، وتحميل المسؤولية كاملة ليس فقط لمن يبيع هذه الأخشاب بل أيضا للمشتري. كما ناشد المجتمعون جميع الأجهزة الأمنية بمتابعة وترصد هؤلاء وإنزال العقوبة اللازمة بحق كل مرتكب لهذه الجرائم.
وأكدوا على ضرورة دعم مركز الزراعة بالعدة والعتاد والآليات التي تساعد في إيقاف التعدي على الغابات.
ضاهر
الدكتور انطوان ضاهر رئيس مجلس البيئة في القبيات-عكار. قال لـ"النهار": "إما أن تكون السلطة جدية وتحترم مسؤولياتها وتقوم بتطبيق القانون وعندها تزول هذه الظاهرة المستشرية، وإما أن لا تكون جدية كما هي الحال في هذه الأيام، وعندها تكون غاباتنا إلى زوال.
اضاف: "للبلديات دور أساسي في الحفاظ على الثروة الحرجية لذا المطلوب منها، وهذا أقل الإيمان، أن لا تكون متواطئة مع منتهكي حرمة الغابات وأن تقيم الدنيا ولا تقعدها، بالرغم من عدم تجاوب القوى الأمنية وتواطؤ بعضها، وبالرغم من "قبة الباط" التي يرعاها المسؤولون تحت شعار "الناس بدا تتدفّى" والمقصود بها: تجار الحطب بدّن مصاري. ،وبالرغم أيضاً من كل الغطاءات اللاقانونية التي يؤمنها بعض النواب لمجرمي الأشجار. أما مأمورو الأحراج، فالبعض منهم يقوم بواحبه على أكمل وجه والبعض الآخر يقوم بواجبه الإداري فيحضر إلى المكتب على الوقت ويغادر على الوقت ولا يعرف أين هي الغابة، وهناك البعض الآخر من الذين لا يحضرون حتى إلى المكتب بحجة أن المعاشات ضئيلة، وهذا صحيح. كما أن تدخل السياسيين لحماية مجرمي الغابات يحوّل مضبطة مأموري الأحراج في كثير من الحالات إلى حبر على ورق.
تاشع
وازاء التعديات المتكررة على غابات بلدة تاشع صدر عن بلدية تاشع - عكار - ومخاتيرها السابقين والحاليين ورؤساء بلديتها السابقين وممثلي كافة الأهالي والعائلات وأصحاب الحل والعقد ورجال الدين والفعاليات في البلدة بيان مشترك دانوا فيه كافة الاعتداءات الحاصلة على أحراج بلدتهم لا سيما القطع الجائر وغير المرخص الذي تقوم به جهات متفلتة من داخل البلدة وخارجها، وطالبوا كافة المعنيين من وزارات مختصة والأمنيين ونواب المنطقة والقضاء بالإيعاز لمن يلزم لتطبيق القوانين المرعية الإجراء وكذلك تطبيق الأحكام القضائية الصادرة والتي ستصدر بحق المتورطين أعلاه، على أن تقوم الأجهزة الأمنية بدورها كاملاً بهذا الخصوص.
طالب
خالد طالب من جمعية درب عكار يشير إلى أن "غابات عكار ومنذ بداية الأزمة الاقتصادية وحتى اليوم تتعرض لأبشع أنواع الإبادة بحقها، ليطاول القطع الجائر معظم هذه الغابات دون حسيب أو رقيب، وقد تم توثيق مئات الانتهاكات وعمليات القطع طاولت الأشجار المعمرة وخاصة أشجار اللزاب والشوح والأرز التي يتعذر تجددها، ما يهدد النظم البيئية ويفاقم من الأخطار التي تهددها".
أضاف: "المرتفعات العالية من ارتفاع 2000 متر وحتى ارتفاع 1300 متر شهدت عمليات قطع متفرقة لأشجار الأرز واللزاب فتم استئصال مئات الأشجار المعمرة أو تشحيل بعضها الآخر تدريجياً بشكل مستفز ونافر تمهيداً لقطعها بشكل كامل خاصة في أعالي بلدة فنيدق، القموعة ومشمش. وغابات الصنوبر والسنديان في منطقة وادي جهنم وعكار العتيقة شهدت إبادة حقيقة خاصة مع استغلال الحرائق التي حصلت للقضاء على الأخضر واليابس.
كما شهدت غابات السنديان بين ارتفاع 1000 و 500 متر في مناطق مختلفة من عكار منها تاشع، ممنع، بزبينا، البيرة، حرار، قبعيت، بزال، سفينة القيطع، القبيات، عندقت، بلدات جبل اكروم وغيرها من المناطق عمليات قطع عشوائية.
واذ حذر طالب من افتعال الحرائق لتشريع عمليات القطع أو التوسع فيها، قال: "إن بعض عمليات القطع كانت النوايا تجاهها تغيير وجهة استعمال الأراضي أو التلاعب بالحدود العقارية.
وهبة
مسؤول العلاقات العامة في رابطة العائلات الإجتماعية في البلدة يوسف وهبة قال: "إن الفاعلين معروفون بالاسم وقد تم توقيفهم في أوقات سابقة ولكن بفعل التدخلات السياسية يخلى سبيلهم خلال ساعات.
وتابع وهبي: "رغم الادعاءات التي دوّنت وفتح تحقيق بها لم تتحرّك الدولة"، مشيراً إلى أنه قد تم التواصل مع وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين الذي وعد أنه سيُرسلها للمدعي العام ولوزارة الزراعة كونها المسؤولة مباشرة عن إدارة وحماية الغابات.
وطالب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الداخليّة بسّام مولوي والقضاء اللبناني بضرورة متابعة الموضوع توقيف الفاعلين وإزالة الغطاء السياسي عن الفاعلين.