كانت حماسة الشباب اللبنانيين الذين شاركوا في "يوم الشباب" الذي أطلقته "مؤسسة جورج ن. افرام" في مسرح الأتينيه-جونية، لافتة في إصرارهم على التميّز وتطوير الذات والمهارات الحياتية والبحث عن فرص عمل جديدة "من أجل خدمة لبنان". عبارة تكرّرت على مسامع الحاضرين من أكثر من شاب وصبية آتين من الشمال والبقاع والمتن وبيروت والجنوب، لا يريدون الهجرة بل يريدون التغيير من أجل بلد مستقرّ اقتصاديا،ً والبقاء بين عائلاتهم وأهلهم واستثمار معارفهم بين أهلهم" كما قالوا لـ "النهار.
شباب تتراوح أعمارهم بين 16 و35 سنة، طلاب مدارس وجامعات أو موظفين أو يبحثون عن عمل. سمعوا عن تنظيم يوم للشباب فيه جلسات تثقيفية وتفاعلية حول تطوير المهارات واكتشاف برامج جديدة في فرص العمل وتبادل الخبرات، عبر وسائل التواصل أو عبر مؤسسة جورج افرام نفسها، فأتوا بمفردهم أو مع معلماتهم، "لأننا نريد تطوير أنفسنا قبل أن ندخل الى الجامعة وأن نُعزّز الثقة بنفسنا وببلدنا"، كما قالت ماري (17 سنة).
يوم وطني سنوي
افتتحت اليوم التفاعلي والتثقيفي، المديرة التنفيذية للمؤسسة رانيا افرام الخوري، مُعلنة عن مبادرة "يوم الشباب" التي تطمح المؤسسة أن تكون محطة وطنية وسنوية مخصصة للشباب ومن أجلهم. وقات إن مؤسّسة جورج ن. افرام تصرّ رغم المعوّقات والأزمات التي يمرّ بها لبنان اليوم، أن تمنح الأمل بالاستمرار على خُطا المؤسِس والرؤيوي وصاحب المبادرات المحفزة للشباب جورج افرام. ودعت الشباب الحاضرين الى التواصل والحوار وطرح هواجسهم وأسئلتهم وتطلّعاتهم بحرية.
وقالت في حديث للنهار إن الشباب والشابات يعيشون أيام عصيبة في هذه المرحلة المليئة بالقلق على مستقبلهم، ويتساءلون الى أين؟ ماذا نفعل؟ ما هو المصير؟هل الهجرة هي الحل؟. هذه الأسئلة استوجبت علينا إقامة هذا النشاط الممّيز لمنح الشباب فرصة للتواصل والإستفادة من محاور نقاش وإرشاد من قبل خبراء مخضرمين.
أربع جلسات تفاعلية
وتمحورت الجلسة التفاعلية الأولى حول "صناعة المسيرة المهنية" التي قدّمتها مدرّبتي الشباب كارولين فوّاز ولارا دانيال من "إتحاد المدرّبين الدوليّين" (ICF). وقدّمت المدرّبتان نصائح وإرشادات حول كتابة السيرة الذاتية بشكل صحيح وكيفية وضع أجندة وطريق واضحة لحياتنا المهنية، وكيفية وضع أهداف محدّدة لتحقيقها وتنظيم كل ذلك بشكل دقيق يتلاءم مع المعطيات والأفكار والإمكانات.
بينما أتت الجلسة الثانية بعنوان "الاتحاد الأوروبي في لبنان: فرص للشباب وأكثر" قدّمتها أورلا كولكلوف وجومانا بريحي و3 من الشباب الذين شاركوا في برامج "EU jeel connect" الذي يديره الاتحاد الأوروبي في أكثر من بلد عربي، لمنح الشباب فرص للتواصل والتعرّف على الآخر وبناء شبكة علاقات مع شباب مثلهم من كل المناطق، إضافة تحسين مهاراتهم والمشاركة في دورات حياتية ومهنية في مختلف المجالات.
وتطرقت الجلسة الثالثة، الى صناعة وإنتاج الإبداع في محادثة مفتوحة مع مدير "ليوبرنيت" في العالم العربي مالك غريب وصانعة الأفلام والاعلانات دانيال رزق الله، وتحدثا فيها عن قصص نجاحهما واستلهامهما الأفكار من الناس ومن الشارع ونبض الحياة.
وشدّد غريّب في مداخلته التي تخلّلت عرض أهم الإعلانات التي عمل عليها، على أهمية الحشرية في حياة الشباب والبحث عن المعرفة، داعياً إياهم عدم الخوف من وسائل التواصل الزكية مثل "AI" بل التفكير في محاولة الاستفادة منها كوسيلة تسهّل الإنتاج المعرفي والابداعي.
أما دانييل فحكت تجربتها الشخصية في السعي وراء تحقيق حلمها في صناعة أفلام في عمر الـ 45 سنة، تهدف الى خدمة المجتمع وتعزّز الدور الإنساني مثل القضايا التربية والتعليمية، ومكافحة السرطان، والتغيّر المناخي، وتحفيز اليد العاملة المحلية في صناعة الحِرف وغيرها. ودعت الشباب أن يؤمنوا بأنفسهم وبطموحاتهم وأن يسعوا وراء أحلامهم.
التنقل بأمان في العالم الرقمي
أما الجلسة الختامية، فتحدثت فيها مدربتي الشباب من الاتحاد الدولي للمدربين (ICF) ماغي ليشع وباسكال رميلي، عن التنقل بأمان في العالم الرقمي" وكيفية حماية أنفسنا من هذا العالم الذي "بيّنت الدراسات أنه يجعل الناس أكثر وحدة وتوتراً وقلقاً من ذي قبل بسبب الحياة الوهمية والخداعة التي نراها عبر شاشات التلفون، كما عبّرتا.
ونصحت المدرّبتان بعدم منح الثقة لأي كان في العالم الافتراضي وعدم الانجرار والإيمان بكل ما نراه على وسائل التواصل، وإبقاء مكان للخصوصية والحميمية وعدم نشرها للعلن على حساباتنا الرقمية. كما نصحت ماغي ليشع بإعطاء النفس وقتاً للراحة والتأمّل والخروج في الطبيعة وملاقاة الأصدقاء والعائلة، كي لا نصبح مدمنين على التلصّ على الناس وأخبارهم والوقوع في فخ الصورة الكابة، الأمر الذي يشكّل أوجاعاً في الرقبة واليدين ومشكلات في الصحة النفسية مثل القلق والاكتئاب بشكل أو بآخر.
ولفتت رانيا افرام لـ "النهار": "نحن اخترنا عناوين هذه الجلسات عن دراسة، لأننا قريبين من الناس و من الشباب وهم في صلب برامج مؤسسة جورج افرام سواء في القطاع الزراعي او في القطاع التعليمي، ونسمع حاجاتهم ونرى قلقهم وحيرتهم في البحث عن عمل".
ورأى جورج (22 سنة) أنه هذا اليوم مهماً جداً له ولمن في عمره، لأن في المدرسة والجامعة يعلموننا المواد الأكاديمية، لكن "الحياة بحاجة الى مهارات تواصل ومعارف وبناء شبكة علاقات مع المؤسسات". وأضاف: "في العمل نحن أيضاً بحاجة لفهم كيفية سير العمل الوظيفي وكيفة انتقاء العمل وكيفية التطور فيه وكل ذلك يحتاج الى من يرشدنا اليه وهو ما وجدناه اليوم، حيث التقيت بأشخاص مهمين مثل مالك غريب ومثل جومانا بريحي وتعرّفت على برنامج "جيل" وفهمت كيف تسير الأمور في العالم الافتراضي المغشوشين نحن فيه".