في موازاة الحرب العسكرية وتحت وقع الصواريخ والمسيّرات الحربية، تسعى إسرائيل جاهدة إلى مواصلة حربها النفسية على لبنان، وآخر فصولها كانت في اتصال بأحد الفنادق في بيروت بهدف التهكّم والسخرية وتمرير أكثر من رسالة.
تحوّل رد موظف الاستقبال في فندق Caesar’s Park أيوب صالح إلى عناوين مواقع التواصل الإجتماعي، ومن بادر بالتهكم والسخرية أصبح بنفسه محط استهزاء. لم يكن الكوميدي إيلي يازبان خلال برنامجه على القناة 12 الإسرائيلية يتوقع رداً مماثلاً، لاسيما أنها ليست المرة الأولى التي يلجأ فيها إلى الاتصال بأحد الفنادق اللبنانية من باب السخرية وبث الرسائل. فما الهدف من هذا الاتصال؟ وما دلالاته؟
يسترجع الخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور محمد عبود حوادث مماثلة قام بها الكوميدي إيلي يازبان سابقاً والتي تسببت واحدة منها بأزمة ديبلوماسية، يوضح لـ"النهار" أنّ "يازبان لديه تاريخ طويل بالتطاول على قادة العرب من خلال تقليدهم. وفي احدى حلقاته حاول تقليد الرئيس الراحل حسني مبارك بطريقة غير مقبولة أدت إلى استهجان الشعب المصري. وعلى إثره، اتخذت مصر إجراءً ديبلوماسياً ضد إسرائيل وأدت إلى أزمة ديبلوماسية كبيرة".
كذلك عمد يازبان إلى تقليد شخصيات أخرى مثل الأمين العام لحزب الله حسن نصرلله والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وغيرهما. كما اتصل سابقاً بأحد الفنادق اللبنانية وادعى أنه الرئيس الليبي معمر القذافي طالباً حجز غرف الفندق جميعها له وللوفد المرافق له، لم يذكر أنه اسرائيلي وتجاوب المنظف آنذاك معه. إلا أن الاتصال الذي حصل منذ يومين مختلف، خصوصاً أنه اعترف أنه من إسرائيل، ما دفع بالموظف إلى الردّ "روحوا على جهنم" وأقفل الخط في وجهه.
ولكن نعود إلى الهدف من هذا الاتصال؟ وما هي الرسالة التي أرادت إسرائيل إيصالها؟ برأي عبود أن "الهدف هو التهكّم على الشارع العربي وإرسال رسالة إلى الداخل اللبناني مفادها أننا كإسرائيليين قادرون على التحدث باللغة العربية والوصول إلى هواتف الفنادق وممارسة السخرية من الشارع اللبناني.
أما الهدف الثاني فيتمثّل بقياس رد فعل الشارع اللبناني، والأهم أن نعرف أن هذه المكالمة بثت على القناة 12 الإسرائيلية وهي قناة رسمية لا تنقطع صلتها في ما تفعله وحدة 8200 الاستخباراتية في الجيش الإسرائيلي والتي تعمل على فكرة الحرب النفسية ضد العالم العربي.
وسط المواجهات شبه اليومية على الحدود اللبنانية الإسرائيلية المستمرة منذ تشرين الأول الماضي، تعمّد الكوميدي الإسرائيلي إجراء مقلب من خلال الاتصال بالفندق اللبناني لحجز غرف لـ 50 ألف إسرائيلي.
ويعتبر الخبير في الشؤون الإسرائيلية أن هذا الاتصال هو محاولة نابعة من الضعف وحالة الهزيمة الإسرائيلية على الأرض وفي مجال القانون الدولي. لذلك يحاول الإسرائيليون تعويض هذه الخسائر عن طريق الكوميديا السوداء التي تكشف هذا الضعف. وهذه المشاهد الكوميدية الساخرة تُشكّل جزءاً من النظرة الاستعلائية الإسرائيلية لشعوب المنطقة، خصوصاً أن الإسرائيلي بشكل عام ينظر إلى العرب على أنه مواطن أقل قيمة واحتراماً.
وعليه، يجد عبود أن اختيار لبنان وتوجيه السخرية عبر الاتصال بالفندق هي مسألة مقصودة. فحالة الترقب لما قد يحصل على الجبهة الشمالية في إسرائيل ما بين إسرائيل وحزب الله تزيد حالة القلق في إسرائيل إلى أعلى المستويات.