لا تزال آثار الحريقين الكارثيين اللذين اندلعا أمس في منطقتي سرار وحيذوق في عكار تقلق المجتمع المحلي، وكذلك الجهات الرسمية المعنية والناشطين البيئين، خصوصاً أننا لا نزال في أول الصيف ومواسم الحرائق في بدايتها، وما يحصل من اندلاع حرائق ملتبسة لا يبشر بالخير، والكلّ يطالب بفتح تحقيقات جدية لكشف مفتعلي الحرائق ومحاسبتهم، مبادرة أولى لضبط الوضع قبل تفلّته، ذلك أن تجّار الحطب على أهبة الاستعداد لاقتناص الفرص.
الحريق الأول في مكب سرار للنفايات الذي لم تعرف إلى الآن مسبّبات اشتعاله. وقد توسعت دائرته لتطاول خراج بلدات سرار وقشلق والنورا. وعلى رغم إخماده، إلا أن أدخنته السامّة لا تزال تضغط على بيئة أبناء المنطقة المجاورة مهددة إياهم في صحتهم وحياتهم، والذين ألحّوا على محافظ عكار عماد اللبكي، ووزيري البيئة والصحة، مطالبين إياهم ببذل الجهود لإنهاء هذه المأساة التي طال أمدها من دون حلّ، على رغم إنشاء معمل لفرز النفايات في جوار هذا المكب. غير أن الخلافات على الطريقة اللبنانية لا تزال تقف عائقاً أمام تشغيله، لحلّ معضلة النفايات والمكبات العشوائية التي تغطي مجاري الأنهر وضفافها و الشوارع والطرق العامة ومداخل معظم قرى المنطقة وبلداتها، والتي تقف بلدياتها عاجزة عن حلّ هذا الملف.
أما الحريق الثاني، فهو حريق حيذوق الذي امتدت نيرانه لتطاول البساتين والحقول والغابات القريبة وصولاً إلى خراج بلدتي ضهر الليسينة وجبرايل. وتعاونت على مكافحته مدى 9 ساعات طوافتان للجيش، وفرق الإطفاء في الدفاع المدني، وفريق التدخل السريع لإطفاء الحرائق في جمعية "درب عكار" التي أصدرت تقريراً، أشارت فيه إلى "أن الحريق اندلع قرابة الساعة 12 ظهر أمس في أراضٍ عشبية شديدة الانحدار، وتوسّع نحو أحراج السنديان المجاورة. وقد تحرّك الفريق مباشرة بالتنسيق مع الدفاع المدني لإخماده، لكن سرعة الرياح التي بلغت نحو 60 كلم في الساعة أجّجته، وجعلته ينتشر على جبهتين واسعتين في الوقت نفسه، ممّا جعل عملية اخماده أكثر صعوبة.
وأشار الى أن "تفاقم الحريق تطلب تدخل القوات الجوية في الجيش اللبناني عبر مروحيّتين استقدمتا للمساعدة، وجرى تأمين المياه لهما من بركة بلاستيكية وضعت لهذه الغاية في حرم جامعة البلمند - معهد عصام فارس للتكنولوجيا – بينو، وغذّتها آليات عدة من الدفاع المدني وبعض الصهاريج المحلية، التي استقدمها اتحاد بلديات الجومة والبلدات المجاورة".
ولفت التقرير الى "أن عدداً من المتطوعين هبّوا ايضاً للمساندة، ولكن وعورة المنطقة والرياح العنيفة صعبت كثيراً من الجهود المبذولة.
ومع حلول التاسعة مساء الأحد، أمكنت السيطرة على أجزاء واسعة من الحريق، واستطاع فريق درب عكار تأمين الجبهة الغربية بالكامل، وعمل الدفاع المدني على إنهاء الجبهة الشرقية لضمان السيطرة التامة على الحريق، على رغم بقاء خطورة تجدّده قائمة نظراً إلى اتّساع رقعته، والذي قدّرت خسائره بحوالي 24.5 هكتاراً، وكادت أن تكون أضعافاً مضاعفة لولا تكاتف الجهود وتعاضدها في سبيل تحقيق هذا الإنجاز المتمثل بحماية مساحات واسعة من أشجار الزيتون والأشجار الحرجية".
وتبعاً لذلك، أعلنت جمعية "درب عكار" تعليق أنشطة فريق درب عكار لمكافحة حرائق الغابات نظراً إلى عجزه عن تأمين أكلاف الصيانة واستلاك المعدات، ولاسيما منها الآليات التي خرجت إحداها عن الخدمة وتحتاج إلى وقت وتمويل للصيانة أو للاستبدال".
وطلبت من الأصدقاء والداعمين مساندتها للعودة، قائلةً: "الموضوع تجاوز طاقتنا مع شحّ التمويل وتعاظم المهمات. للتبرع عبر منصة gofundme عبر الرابط التالي:
https://gofund.me/b9c397a7".