غ.ح.
قبل شهر تماماً ألمّ به مرض خبيث لم يعلمه به أهل بيته خوفاً عليه من ألا يتحمل الصدمة، بعدما عانى أعراض أمراض القلب العام الماضي وتعافى. أفادوه بأن لديه التهابات مزمنة تحتاج إلى علاج معقد بعض الشيء. طلب إجازة مدتها عشرة أيام، ثم جددها مرة ثانية، وثالثة. كان خجلاً في طلبها، ويشعر بالثقل لأنه مقصّر في عمله. حاول بين الفينة والأخرى أن يعاود مهمته لكنه كان منهكاً، تعباً، فلم يصمد، وصار يكرر اعتذاره يوماً بعد يوم عن عدم تلبية الواجب.
في سكون الليلة الفائتة، توقف قلبه المتعب، لم يتحمل العلاج والألم والقهر. غادر على عجل.
إنه أحمد العبد، استاذنا الذي عرفناه قبل نحو 30 سنة، سكرتير التحرير، والمدقق في كل فاصلة ونقطة، على مثال الأستاذ فرنسوا عقل، أطال الله عمره. كان يعتبر ملاحظات فرنسوا عقل في مرتبة المقدس، فلا يحيد عنها. تعلمنا منه الدقة في كل شيء. في الكتابة، واللغة، والصبر، والهدوء، والمثابرة.
اليوم يغادرنا أحمد، كما زملاء كثر سبقوه، إلى عالم آخر، نتمنى، ونرجو أن يكون أكثر هناء، لأن معظم المغادرين الى الهناك، يستحقون المكان، على كل ما صنعت أيديهم.
اليوم تفتقد "النهار" أحد أفرادها المحبين، المخلصين، الأكفياء، تاركاً أثراً طيباً لدى كل من عرفه فأحبه.