ترك قرار وزير السياحة وليد نصّار ادراج كنيسة مار جرجس في اهدن على خارطة السياحة الدينية المحلية والدولية، والترويج لها على المواقع المختلفة باعتبارها مِعلما سياحيا دينيا دوليا، ارتياحا كبيرا لدى جميع ابناء اهدن والجوار، والمؤمنين الذين يزورونها للتبرك والحج الديني، نظراً الى كونها تحفة فنية رائعة وقلعة حصينة في وسط البلدة، حيث تضم رفات يوسف بك كرم بعد استقدامه من المنفى، فيما ينتصب في ساحتها الخارحية المعروفة باسم "الكتلة" تمثال لهذه الشخصية التاريخية التي جمعت بين السياسة والايمان، والتي فتحت أخيراً دعوى اعلان قداستها.
كذلك يرتفع فيها تمثال آخر للعلامة جبرايل الصهيوني الكرمي الاهدني استاذ الملك لويس الرابع عشر، وفي المقلب الاخر تمثال لعذراء لورد يعاد اليوم نصبه من جديد بعدما كان ازيل لسنوات لضرورات التأهيل والصيانة.
اما اليوم فباتت الكنيسة تضم ذخائر الطوباوي العتيد البطريرك اسطفان الدويهي ،موضوعة في قبر زجاجي خاص عند المذبح المستحدث على اسمه، والمقابل للمذبح المسجى عنده جثمان يوسف بك كرم المحفوظ كاملا في قبر زجاجي شفاف.
على الصعيد التاريخي، يجمع المؤرخون على الاشارة الى انه جرى بناء كنيسة مار جرجس عام 1880، بعد موافقة البطريرك بولس مسعد (1854-1890). وقد بدأت عملية البناء عام 1859، غير أن الحوادث التي شهدتها البلاد عام 1860 وثورة يوسف بك كرم ضد الأتراك، أوقفت البناء زهاء عشر سنوات. وفي عام 1870 إستؤنفت الأعمال وانتهت عام 1880.
نظراً الى صغر حجم كنائس إهدن، شعر الاهالي بالحاجَة الماسة إلى بناء كنيسة كبيرة، فتعاون وكيل الوقف انذآك حبيب بك كرم مع الأهالي على بناء كنيسة كبيرة تحمل إسم مار جرجس كتلك التي بناها الأجداد في المحلة ذاتها، وتحمل الاسم نفسه، والتي يعود بناؤها الى بداية انتشار المسيحية في الجبل. فأوكلت مهمّة البناء الى المعلّم داود الشويري وهو من أشهر البنائين في زمانه. وأضيفت اليها قبة الجرس عام 1898، من تنفيذ المعلّم بولس بن الشدياق جرجس يمين، وحفر على حِجارتها، دوالي نافرة تُظهر عناقيد العنب وورق الدوالي. يقول عنها المطران يوسف الدبس في كتابه "الجامع المفصّل في تاريخ الموارنة المؤصّل": "ممّا لا يمكن العدول عن ذكره كنيسة مار جرجس إهدن فإنّها أحسن الكنائس في لبنان وأفسحها..."
تتألّف من 18 مُصلباً قائمة على 10 أعمدة ضخمة، طولها 36 مترًا وعرضها 19 مترًا وارتفاعها 11 مترًا. لها ثلاثة مذابح أساسية، أضخَمها في الوسط، مصنوع من الرخام الأبيض، نُحتَت عليه تماثيل نافرة لقدّيسين وملائكة من تنفيذ المعّلم إبرهيم العنيد من بيروت، تعلوه لوحة زيتية كبيرة لمار جرجس من عمل الرسام داود القرم. وتعلو المذبحين الجانبيين لوحتان زيتيتان لكل من مار يوسف والسيّدة العذراء هما أيضًا من عمل الرسّام القرم.
رُسمت اللوحات الثلاث ما بين 1884 و1895، وزيّن جُدرانها الفنان الايطالي المهندس دانتمارو.
اما على الجانب الايمن، فهناك مذبح مار انطونيوس البادواني ومذبح القيسة تريزيا الطفل يسوع الذي كان قديما مذبح مار سمعان العامودي ومذبح مار شربل، والمذبح المسجى عنده جثمان يوسف بك كرم.
وعلى الجانب الايسر، مذبح مار يوحنا مارون ومذبح قلب يسوع الاقدس واضيف اليهما مذبح الطوباوي الدويهي الذي وضعت ذخائره عنده.
مع مرور الزمن، برزت تصدُّعات وتشقّقات خطرة في البناء، وبعد دراسات عميقة أشرفت عليها مديرية الاثار خضعت الكنيسة لترميمٍ هائل، شمل أعمال تدعيم وبنية تحتية وفنيّة... وعند انتهاء الأعمال، أُعيد جثمان يوسف بك كرم إلى ضريحه فيها بعدما سُجِّي في كنيسة مار ماما طوال المدّة التي استغرقتها ورشة الترميم... وهو أيضاً كان قد خضع لعملية صيانة علمية.
وفي الباحة الغربية، ينتصب تمثال يوسف بك كرم على صهوة جواد ويعود الى عام 1932. وأخضع عام 2019 لعملية ترميم في مُحترف آل بصبوص في راشانا، بإشراف الفنّان نبيل بصبوص.
وفي الروايات الاهدنية عن طريقة بناء الكنيسة "ان رجال اهدن اصطفوا من "الكتلة" الى مقلع وادي قزحيا الذي استخرجت حجارة البناء منه، واخذوا ينقلون الحجارة من واحد الى آخر، في عونة غير مسبوقة، لأن المواصلات قي تلك الحقبة كانت معدومة وكانوا تواقين الى كنيسة جامعة لكل ابناء البلدة.