حديقة البطاركة الموارنة في الديمان، التي يؤمها الزوار يومياً بأعداد كبيرة، تستقبل روّادها بجديد مميّز هذا الصيف تزامناً مع فعاليات "طرابلس عاصمة للثقافة العربية سنة 2024"، إذ أقامت "رابطة قنوبين للرسالة والتراث" في موقع الحديقة واحة باسم وزراء الثقافة العرب، أطلقها وزير الثقافة محمد وسام المرتضى، وباركها البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، "تأكيداً على دور المسيحيين الفاعل في النهضة العربية، وفي تحصيل اللقاء الحضاري المشرقي بهويته المسيحية والإسلامية"، وفق ما كتب على البلاطة التذكارية التي رفعت عند مدخل الواحة.
زيّنت الواحة بأغراس أرز باسم الأمين العام للمنظمة العربية للثقافة والتربية والعلوم (الألكسو)، ووزراء الثقافة في مصر، الجزائر، المغرب، موريتانيا، قطر، سلطنة عمان، فلسطين، الأردن، الامارات المتحدة، السعودية ولبنان.
تقع الواحة في نطاق "بيت الذاكرة والأعلام"، ناحية "مسرح الوادي المقدس". اختير موقعها لتسهيل إقامة أنشطة ثقافية وفنية عربية فيها. ووفق ما أعلن الوزير المرتضى فإن وزارات الثقافة في الدول العربية ستحيي سلسلة نشاطات متوالية، وسوف تخصّ هذه الواحة بجانب أساسي منها.
وقدّر مباركة البطريرك الراعي لمبادرته، لما لها من دلالات وأبعاد ثقافية لبنانية ومشرقية. وقال: "إنها محطة جديدة في مسيرة الشراكة الإنسانية الحضارية القائمة بين المكونات اللبنانية وتلك العربية، والتي نتمسك بها أكثر وأكثر في ضوء التحديات التي نواجهها. وليست مسألة عابرة أن تقام واحة لوزراء الثقافة العرب في كنف البطريركية المارونية. إنها أحد أوجه لبنان الوطن الرسالة".
إلى ذلك، أُنجزت الأشغال والتحضيرات المتعلقة بإطلاق الخدمة الاجتماعية في موقع الحديقة، من خلال عناية جماعة الراهبات الأنطونيات بالعجزة والمسنّين والأولاد ذوي الاحتياجات الخاصة. وتناولت أعمال التأهيل ساحة "البيت"، وتجهيزها بلوازم الاستراحة والترفيه للعجزة، وإكساءها بالعشب الأخضر، وإنارتها، وتجهيز قاعاتها لاستقبالهم، وغرفة معاينة طبية لإجراء كشوفات وفحوص دورية لهم، بوساطة فريق طبيّ متكامل مع توفير الأدوية.
وتتوالى أعمال الصيانة والعناية بأحواض زنابق الحقل التذكارية القائمة في نطاق "بيت الذاكرة"، حيث أزيلت الأعشاب ورشّت أزهار الورد الجوري واللاﭭندار بالمبيدات الحشرية، وجرى تسميدها وتأهيل شبكات الري فيها. وساهمت العناية في نمو الأحواض وتفتّح ورودها وسائر أزهارها بصورة مميّزة هذه السنة.
وباشرت جماعة الراهبات الأنطونيات والمؤسسة المكلّفة العناية الزراعية بمجمل نواحي الموقع، تجميع الورود تمهيداً لمباشرة تقطيرها واستخراج خلاصتها التي تباع في مركز خدمات الزوار، "واحة "هوى قنوبين"، المميز بطابعه التراثي الذي يعكس تراث الحجر وغذاء البشر.
وكانت الورش الفنية أنجزت أيضا أعمال تأهيل ممرات المشاة وتنظيفها، كما عملت على رشّ المبيدات اللازمة لأشجار الأرز والسنديان. ووفرت نماذج من الإنتاج الفني الحرفيّ الديني للراهبات الأنطونيات، ومنشورات "رابطة قنوبين" وسواها، مما هو متصل بتراث الوادي المقدس وتاريخ الكنيسة ولبنان. وبعد إنجاز هذه الأشغال الدورية، بات موقع حديقة البطاركة مفتوحاً أمام الزوار من هواة الحج الديني والسياحة الطبيعية والبيئية والثقافية...
اليوم، تستعدّ الحديقة المطلّة على وادي قنوبين لتطويب البطريرك إسطفان الدويهي، صاحب التمثال المغروس بين أرزاتها، إلى جانب أسلافه وخلفائه في السدّة البطريركية، عسى هذا التطويب يحمل الخير والسلام إلى لبنان والعالم.