النهار

4 آب في كفردبيان - فقرا... زفاف بين الآثار يثير زوبعة
رولان خاطر
المصدر: "النهار"
4 آب في كفردبيان - فقرا... زفاف بين الآثار يثير زوبعة
الأعمال بين الآثار.
A+   A-
ريمون ونوال الحاج، إلياس وماري صفير، يتشرّفون بدعوتكم إلى مشاركتهم رتبة تكليل ولديهم جورج ولارا، وذلك يوم الأحد الواقع فيه 4 آب 2024 الساعة السابعة مساء في كنيسة مار شربل جبل الصليب - فاريا، على أن يلي التكليل حفل عشاء، الساعة الثامنة مساء، في قلعة فقرا الأثرية – كفردبيان.
 
عبارة واحدة في بطاقة الدعوة لحفل زفاف نجل رئيس بلدية بقعتوتة، ورجل الأعمال ريمون الحاج، كانت كافية لخلق مشكلة في منطقة كفردبيان والجوار. "يلي التكليل حفل عشاء الساعة الثامنة مساء في قلعة فقرا الأثرية – كفردبيان".
 
 
المعارضون لإجراء الحفل في القلعة يطرحون أسئلة كثيرة: هل يجوز إقامة حفل زفاف في قلعة أثريّة تضرب بجذورها في هذه الأرض مئات السنين؟ هل مُتاح أن ينظم أيّ مواطن لبناني في أيّ بقعة وجد حفل زفافه في مكان يدخل قانوناً ضمن قائمة المواقع الأثرية؟ والأهمّ، هل بات لكل مواطن "كفردبياني" أو يسكن في جوار كفردبيان، مهما كان وضعه الاجتماعي، الحقّ بإقامة حفل زفافه في قلعة فقرا الأثرية؟
 
أثار هذا الموضوع زوبعة في منطقة كفردبيان، خصوصاً أن الاتهامات تُساق بأن هناك مصلحة خاصة، والموافقة على إذن إقامة الحفل في القلعة لا يصبّ ضمن إطار المصلحة العامة.
 
وبحسب الوثائق، التي وردت إلى "النهار"، أن العريس جورج استحصل على إذن بإضاءة القلعة لإعطاء مشهد جميل ولائق لحفل الزفاف الذي سيُقام بقربها، خلافاً لما ورد في نصّ دعوة الزفاف المطبوعة؛ وذلك قبل انتقال مكان الزفاف إلى الجزء العلويّ من الآثار، حيث تعود ملكية العقارات فوق إلى البلدية و"الوقف".
هذا الجدل توسّع إلى نزاع يقوده مختار كفردبيان وسيم سمير مهنا، ضد رئيس بلديتها بسام رامح سلامة وكلّ من يعتبره متورطاً في المسألة.
 
 
المختار
 
مهنا أعلن لـ"النهار" عن وجود خديعة، يقوم بها منظمو الحفل، بالتواطؤ مع رئيس بلدية كفردبيان، خصوصاً أن المديرية العامة للآثار في كسروان، وبحسب المسؤولة تانيا زافان، لم تكن على علم بزفاف يقام في القلعة في فقرا، وتقول "أعوذ بالله".
 
وشرح كيف انتقل مكان الحفل إلى الجزء العلوي من الآثار بعد مراسلات ومعارضات كثيرة إلى العقارين 4085 و4087؛ فالأول يتبع بلدية كفردبيان، والثاني يتبع دير راهبات مار يوحنا المعمدان المارونيات – حراش، ومقرّهن عين الريحانة-كسروان.
ويبدي استغرابه من التعميمين الصادرين عن الدير، الأول في 13 تموز، والثاني في الـ20 منه؛ الأول يعطي الإذن بإقامة النشاطات الثقافية والدينية المحدّدة أصلاً من قبل البلدية، والثاني مكتوب بخط اليد، ويسمح بإقامة مهرجان تنظّمه لجنة مهرجانات فقرا في محيط الموقع، ويسمح أيضاً بإقامة حفل الزفاف للسيد جورج الحاج في 4 آب، مع العلم أن أحداً لم يطلع على وجود مهرجان منظّم من قبل لجنة مهرجانات فقرا".
 
وأشار مهنا إلى ان "التحضيرات مستمرة لإنشاء مساحة تتّسع لنحو 1400 شخص سيحضرون حفل العشاء. وقال: "عندما استطلعت الأمر من العمال حيث تجري الأعمال طالباً منهم التوقف عن العمل، وصلت على الفور شرطة بلدية كفردبيان حاملة تعليمات من رئيسها بالسماح بإعادة انطلاق الأعمال".
 
وأسف مهنا لأنه بعد كلّ المراجعات، التي قام بها على مستوى وزارة الثقافة والمديرية العامة للآثار والقضاء، الكلّ مستسلم.
 
ويؤكد مهنا تمسكه بقانون الآثار، الذي يمنع على أيّ جهة خاصّة أو عامة استعمال أو تحوير أو العمل أو إقامة أيّ إنشاءات متحرّكة أو ثابتة أو حفريّات أو عمل من أيّ نوع... إلا بعد الحصول على إذن المديرية العامة للآثار وزارة الثقافة، والأهمّ العمل على إصدار دراسة أثر بيئيّ قبل شهرين من تاريخ النشاط المنويّ إقامته، وهو ما ليس موجوداً.
 
مهنا كشف عن "امتعاض كبير لدى أغلبية أهالي كفردبيان بشرائحهم السياسية والعائلية كافة. لكن بسبب سياسة رئيس البلدية الكيدية لا يستطيع الجميع المجاهرة برأيهم في الموضوع كي لا يتضرروا في أرزاقهم أو أشغالهم أو في معاملاتهم في البلدية".
 
 
رئيس البلدية
رئيس بلدية كفردبيان، بسام رامح سلامة، نفى أن يكون له مصلحة خاصة وراء السماح بإجراء الزفاف للسيد جورج الحاج. وقال: "من لديه إثبات على وجود أي مصلحة شخصية فليقدمه".
 
ولفت إلى أن بلدية كفردبيان حصلت على موافقة من رئيسة دير راهبات مار يوحنا المعمدان المارونيات – حراش للسماح بإقامة مهرجانات في العقار 4087، فأعطت البلدية بدورها الإذن للجنة مهرجانات فقرا بتنظيم المهرجانات.
 
وقطعاً للجدل القائم بين أحقية قيام حفل زفاف أو غيره في ثنايا القلعة، يؤكد سلامة أن رئيسة دير حراش قامت بما يسمح لها القانون به، فسمحت باستثمار عقارها، وأعطت الإذن بإقامة حفلة فنية أو نشاطات أو ما شابه. علماً بأن العقار 4087 مدرج ضمن لائحة الجرد العام للآثار. لكن لم يتم وضع اليد عليه، وبالتالي، تقوم لجنة الآثار دورياً بمتابعة الأعمال بالتنسيق مع البلدية.
 
ويضيف سلامة: "من يملك عقاراً أدرج ضمن لائحة الجرد العام ولم يتم وضع اليد، يحق لصاحبه استثماره ضمن الشروط التي يمنحها القانون. وبالتالي، عملية إقامة حفل الزفاف ضمن عقار خاص مدرج ضمن لائحة الجرد العام الأثري أمر غير مخالف للقانون، ويحق لمالكة هذا العقار أن تتصرف به قانوناً تحت إشراف ومراقبة لجنة الآثار ووزارة الثقافة، بشرط عدم التعدي على الآثار أو تشويهها. أما إقامة الحفلات والأعراس داخل الآثارات فأمر ممنوع".
 
وفي ما خصّ دراسة الأثر البيئي، سأل سلامة: "أين فائدة دراسة الأثر البيئي؟ هل هي من خلال عملية "دف" الحجارة على الصخور مثلاً؟".
ويضيف: "الموضوع يُثار فقط للعرقلة. ففي السنوات الماضية حصل الكثير من المهرجانات ولم يثر أحد مسألة الأثر البيئي. اليوم، الأعمال مستمرة، ولا يوجد ضربة مطرقة ولا حفريات، "السقالات" قابلة للإزالة، والحمامات متنقلة مع كلّ محتوياتها، ولا تغيير أبداً في معالم الموقع، والحفلة لن تؤثر على البيئة".
وذكّر بأنّ "لجنة مهرجانات فقرا قامت بـ"دف" وإقامة مدرجات في قلب الآثارات في السنوات الماضية، التي أقيمت فيها مهرجانات دولية، أي في الأعوام 2017، 2018، 2019، وتوقفت في العام 2020. وقد سارت الأمور بشكل جيد وبطريقة منظمة ومراقبة".
 
وكشف سلامة عن أن الآثارات الموجودة فوق الطريق مباحة، ولا يوجد فيها أي تصاميم. ومن هو حريص على الآثار اليوم، لماذا لم يفعل شيئاً وهو على علم بالانتهاكات التي تطال القلعة أخلاقياً وبيئياً. فمن يدخل القلعة يراها تحولت إلى "مشخّ"، الواقيات الذكرية، والأوساخ، والروائح النتنة.
وكشف عن طرحه عدة مرات فكرة استثمار هذه الآثارات المنتهكة ضمن القانون، وتطويرها، وجعلها متاحة أمام المواطنين.
وقال رداً على سؤال: "إذا أراد شخص ميسور تنظيم حفل زفافه داخل هذه المنطقة ذات الملكية الخاصة فما المانع من السماح بإقامة العرس والاستفادة من الأموال لتنفيذ إصلاحات لاحقة داخل هذا الجزء من القلعة وتطوير الآثار".
 
وعن سبب وجود تعميمين صادرين عن دير حراش للراهبات المارونيات، واحد بخط اليد وآخر مكتوب بوساطة الكمبيوتر، قلّل سلامة من أهمية المسألة، فـ"السبب أن الراهبة رئيسة الدير كانت مسافرة، وبالتالي الموافقة صدرت بشكل رسمي عن الدير، والكتاب قانوني بغض النظر عن طريقة إصداره".
 
 
هل هناك مهرجانات فعلية؟
ورداً على الادّعاءات التي تقول بعدم وجود مهرجانات في كفردبيان، يؤكد المحامي منصور جان مهنا، رئيس لجنة مهرجانات فقرا الدولية، تنظيم مهرجانات هذه السنة، لكنها لن تكون بعنوان "مهرجانات دولية" على غرار السنوات السابقة، بل ستحمل اسم مهرجانات Faqra Vibes. "عَدَلنا عن إطلاق المهرجان الدولي International Festival، وارتأينا تنظيم احتفالات صغيرة، تعكس أجواء إيجابية في المنطقة، تضمّ مأكولات ونشاطات وسهرات فنيّة ليليّة".
 
وأشار إلى أن النشاطات ستنطلق من 9 آب إلى 24 منه، باستثناء يوم 10 آب، حيث ستقام احتفالات مار أفرام السنوية في كفردبيان كالعادة.
 
في الختام، حاولت "النهار" طرح ما يجري في كفردبيان – فقرا بمهنية وموضوعية، وبعيداً عن تأييد هذا الفريق أو ذاك، نظراً لتشعب الملفّ.
أولاً، المشكلة ليست الأولى من نوعها، فقد حصلت سابقاً في غابة الأرز في بشري، من دون قدرة لنواب المنطقة على منعها. وبالتالي، من المتوقع جداً أن نرى في 4 آب الميسورين وأصحاب النفوذ يتقدّمون الحفل من دون قدرة على منع الزفاف.
ثانياً، التقصير الحاصل من قبل الدولة، التي تُدرج الآثار في العقار 4087 ضمن لائحة الجرد العام الأثري من دون وضع اليد، ممّا يتيح لصاحب العقار أكان الراهبات أم غيرهم التصرف بعقارهم.
ثالثاً، تفلّت القانون وزّع الحق بنسب محددة بين فريق الراهبات والبلدية من جهة، والمختار ومن يؤيدونه من جهة أخرى، كما وزّع المسؤوليات في الوقت عينه.
رابعاً، وفي ظل صمت كلّي للوزراء المعنيين في الثقافة والسياحة، يبدو أيضاً أن للسياسة أو بالأحرى للسياسيين دوراً في تسخين المشكلة في المنطقة. وبالتالي، نرفض أن نكون وسيلة لهذا أو ذاك لتسجيل نقاط على بعضهم البعض.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium