إهدن - طوني فرنجية
تعيش إهدن هذه الأيام فرح تطويب ابنها المثلث الرحمة البطريرك العلامة اسطفان الدويهي، من خلال استكمال التحضيرات والاستعداد للمشاركة الكثيفة في احتفال بكركي الجمعة، وفي قداس الشكر في البلدة الشمالية غداة التطويب. ولهذه الغاية تحولت "عن بكرة ابيها" الى ورش عمل للإعداد للحدث بأبهى ما يليق بالطوباوي من قداسة وحفاوة واستقبال للوفود المشاركة.
وفي السياق، بدأت اليوم التحضيرات لاقامة المذبح الضخم في مكان "إهدنيات" في محلة البويضة، بعدما اسدل الستار باكراً هذا الموسم على المهرجانات، ليتسنى للرعية إعداد الترتيبات اللازمة على المسرح والمدرج من أجل مواكبة هذا الحدث بكل ترتيب ودقة ومن دون إزعاج أحد من المشاركين سواء كان قريباً أم بعيدا.
وللمناسبة، رفعت في شوارع اهدن وطرقها صورعملاقة للبطريرك الدويهي، كما انجزت أعمال إنارة الصليب المرفوع فوق جبل مار سركيس والأماكن المجاورة، من سيدة الحصن الى الصليب، لتكون إهدن شعلة نور مشعّة في زمن العتمة يحميها ابنها الطوباوي الجديد ويشفع بأبنائها لدى الخالق، كيف لا وهو من اطلق عليها اسم "جنّة عدن".
ومنذ إعلان الفاتيكان عن تحديد يوم التطويب، تشهد البلدة زيارات حج ديني من كل المناطق وخصوصاً بعد ان اصبحت ذخائر الطوباوي الجديد في كنيسة مار جرجس، تحت مذبح خصص للدويهي قبالة المذبح الموضوع عنده جثمان يوسف بك كرم الذي فتحت دعوى تطويبه أخيراً بمواقفة سينودس الأساقفة الموارنة برئاسة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي.
فمن هو الطوباوي العتيد مار اسطفان الدويهي؟
"مـجــد لبنــان أعطـــي لــه"
العلامة أسـطفان الدويهـي بطريرك انطاكيـة وسـائـر الـمشرق سـنة 1630 – 1704.
ولد في اهدن يوم عيد مار اسطفانوس أول الشهداء في 2 آب 1630. عام 1633
توفي والده و له من العمر ثلاث سنوات. عام 1641 اختاره المطران الياس الإهدني والبطريرك جرجس عميرة الإهدني مع عدد من أولاد الطائفة، وأرسلوهم الى المدرسة المارونية في روما، وكان له من العمر 11 سنة.
فقد بصره لكثرة ما كان يدرس ويطالع. وقيل عنه أنّه كان يدرس في النهار والليل وحتى في أوقات الفرص والنزهة. شَفَتْهُ العذراء مريـم وعاد إليه بصره. حاز عام 1650على لقب ملفان، أي دكتوراة بالفلسفة واللاهوت وذاع صيته في إيطاليا وأوروبا لحدّة ذكائه.
في الثالث من نيسان 1655 عاد الى لبنـان . في 25 آذار 1656 سيم كاهناً على مذبح دير مار سركيس - إهدن و كان في السادسة والعشرين.
علّم في إهدن الأولاد وشرع في تأليف "منارة الأقداس" وغيره من الكتب النفيسة، وأسّس مدارس عدة لتعليم الأولاد.
رافق البطريرك اغناطيوس اندره أخاجيان (أوّل بطريرك للسريان الكاثوليك) وكان في حينها كاهناً، وساعده في تأسيس هذه الكنيسة في حلب. عيّن زائراً بطريركياً على الموارنة في حلب والجوار وزار الأراضي المقدّسة وعند عودته رشّحه أبناء إهدن للأسقفية.
في الثامن من تموز 1668 رقّاه البطريرك السبعلي إلى الأسقفية وأرسله إلى الموارنة في جزيرة قبرص. وكان له من العمر 38 سنة.
في 20 أيّار 1670 إنتخب بطريركاً على الـموارنة وكان في الأربعين. وبسبب الاضطهاد والديون المترتّبة على الكرسي في قنّوبين وجور الحكام وظلمهم، هرب مراراً إلى دير مار شليطا مقبس في غوسطا، وإلى مجدل المعوش في الشوف، وكثيراً ما كان يقضي الليالي هارباً في مغاور وادي قنّوبين. توفي في قنوبين في 3 أيّار 1704 ودفن مع أسلافه في مغارة القديسة مارينا.
كان كريم الأخلاق، متواضعاً ومحبّاً للفقراء، يخدم الفلاحين ويسقيهم من كأسـه. لم تؤثر عليه السلطة لأنّه آمن بأنها خدمة، "من أراد أن يكون كبيركم فيلكن خادمكم". كتب صلوات الكنيسة وحفظ تاريخها، وتحمّل الاضطهاد والاهانات حباً بالمسيح.
دافع عن إيمانه وشهد له أينما كان.
عجائب... وأعمال
أبرز عجائبه وفقاً لمصادر كنسية: أوقف المطر في ساحل علما وحبسه بين غزير وقنّوبين، فوّر القمح (ضاعفه) في مجدل المعوش، شفى الولد فيليبوس الجميّل من مرض مميت فصار هذا الأخير بعد حين المطران فيليب الجميّل الشهير.
شفى الفتى بطرس كبيش من بلوزا وابرهيم السمراني تلميذ المدرسة المارونية في روما.
أوقف صخرة في قنوبين منقذاً حياة عدد من الفلاحين.
ومن أهم أعماله: السماح في 10 تشرين الثاني 1695 بتأسيس الحياة الرهبانية النظامية في الكنيسة المارونية والتي أعطت شربل ورفقا والحرديني. بنى العديد من الاديار والكنائس ورقّمها (حوالى 27 ديراً وكنيسة).
مؤلفات
من مؤلفاته: منارة الأقداس والمنائر العشر، الشرطونية، شرح التكريسات، رتبة لبس الاسكيم الرهباني، كتاب النوافير، كتاب التبريكات والصلوات، كتاب توزيع الأسرار، كتاب الجنازات، كتاب فك الأشعار السريانية، كتاب الألحان السريانية، كتاب الوعظ والارشاد، كتاب الفردوس الأرضي، كتاب نتائج الفلسفة، كتاب رد التهم عن الموارنة ، مقالات عقائدية تاريخ الأزمنة، تاريخ الطائفة المارونيّة، بداءات البابويّة، سلسلة بطاركة الطائفة المارونيّة، سيرة حياة تلاميذ المدرسة المارونيّة وغيرها.