النهار

كتاب يحاكي البطل التاريخي... وثائق ومراسلات من أرشيف بكركي تعيد يوسف بك كرم الى ذاكرة الوطن
المصدر: "النهار"
عاد البطل التاريخي يوسف بك كرم الى إهدن في الثالث والعشرين من آب الجاري، للمرة الاولى بعد موافقة سينودس الأساقفة الموارنة الأخير في بكركي برئاسة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، على فتح دعوى تطويب كرم المتوفي برائحة القداسة منفياً في إيطاليا في 7 نيسان 1889.
كتاب يحاكي البطل التاريخي... وثائق ومراسلات من أرشيف بكركي تعيد يوسف بك كرم الى ذاكرة الوطن
جثمان يوسف بك كرم داخل نعش زجاجي في كنيسة مار جرجس - إهدن.
A+   A-
 
إهدن - طوني فرنجية 
عاد البطل التاريخي يوسف بك كرم الى إهدن في الثالث والعشرين من آب الجاري، للمرة الاولى بعد موافقة سينودس الأساقفة الموارنة الأخير في بكركي برئاسة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، على فتح دعوى تطويب كرم المتوفي برائحة القداسة منفياً في إيطاليا في 7 نيسان 1889.
 
والعودة الى هذا العلماني السائر على درب القداسة، ستكون عبر توقيع الخوري يوحنا مخلوف صاحب سلسلة "منائر إهدنية"، كتابه الجديد "يوسف بك كرم في أرشيف بكركي"، على أن تسبقه محاضرة يشارك فيها الأب الدكتور الياس حنا، والدكتور إميل يعقوب ويديرها الزميل محسن أ. يمين .
يجري التوقيع في باحة كنيسة مار جرجس (الكتلة) حيث يحفظ جثمان كرم في نعش زجاجي في الكنيسة، فيما ينتصب تمثاله في باحتها الخارجية، وحيث ذخائر الطوباوي إسطفان الدويهي.
 
 
اما الكتاب، وفقاً لما تحدث عنه الخوري مخلوف الى "النهار"، فيقع في نحو 520 صفحة، وتتضمن توطئته عرضاً للكتب الثلاثة التي أصدرها سابقاً عن كرم، ليصل الى الدراسة الحالية فيورد: "أن مراسلات كرم تركّز على البُعد الوطني في مسيرته التي ابتدأت من حاكمية إقطاعية أبيه في إهدن سنة1843، الى العروض العثمانية التي رفضها كلها، مؤثراً الغربة القاتلة على الهناء والذل والمساومة مع الأتراك لأن في ذلك تغطية لأعمالهم البربرية ضد مواطنيه ."
 
أما رؤياه الوطنية، كما جاء في الدراسة – الكتاب، فتركز "على إقامة "إمارة لبنانية" جامعة لكل الطوائف، لأن نظام القائمقاميتين حوّل البلاد الى ساحتي صراع للفرنسيين والإنكليز، وقسّم جسد الدولة الى دويلتين، فيما الجميع مشتاقون الى خلع ثوب الذل والهوان الذي ألبسونا إياه."
 
وربط كرم، يضيف مخلوف، "كرامة الشخص البشري بكون الإنسان على صورة الله على الأرض، وكرامته من أولى حقوقه، وحق الإنسان في تقرير مصيره واختياره بذاته للحاكم الذي يرعى شؤونه ويسهر على مصالحه، ويؤمّن له الخدمات والحماية والموت من أجله إذا تطلّب الأمر ذلك". وفي نظر كرم "أن السياسة ليست فن الواقع بقدر ما هي فن التوقّع."
 
ويكشف الكتاب جانباً مهماً من مراسلات كرم مع البطريرك الماروني بولس مسعد الذي كلفه الإهتمام بأوقاف البطريركية في الشمال. ولا يخفي كرم في هذه المراسلات "سعيه الدؤوب الى إتمام المصالحات بين العائلات، والتوفيق بين أهالي بشري وخضر آغا رعد من الضنية تجنباً للفتنة. وكان يطلب من البطريرك المساعدة على وأد الفتن قبل حصولها."
 
ويؤكد للبطريرك "أهمية الوحدة بين المسيحيين للدفاع عن أنفسهم، كما يصرّح عن إسراعه الى بكركي لمنع صاحب الغبطة من السفر، مؤكدا لغبطته أنه لن يتراجع دفاعاً عن كسروان وعن الموارنة في وجه أي اعتداء عليهم، معربا عن عزمه على صرف أمواله لتحقبق هذه الغاية، والإستدانة ورهن أرزاقه إذا لزم الأمر".
وعن سجنه، يعرض كرم في مذكراته "كيف استدرجه المتصرف الى بيروت حيث وقع ضحية صدقه". 
 
 
 
رسائل ومذكرات
وحول توصيف الرسائل والمذكرات، يورد الخوري مخلوف "أنها موجودة في المكتبة البطريركية في بكركي من ضمن مجموعة البطريرك بولس مسعد، ملف 1/52 و2/25 ، ضمن جارور يوسف بك كرم، وهو خشبي يحوي المراسلات والمذكرات التي رقّمت وحُفظت ويبلغ عددها 352 وثيقة، نشرت منها 280 وثيقة في هذه الدراسة، وهي تبدأ من تاريخ تسلّم كرم إقطاعية أبيه في إهدن عام 1843، وتنتهي مع آخر رسالة للبطريرك مسعد سنة 1887، كما تتضمن تصوّره حيال رؤيته للوطن، ورفضه نظام القائمقاميتين لأنه قسّم جسد الوطن وسبّب له الموت البطيء، فاستبدله بإقامة "إمارة لبنانية" يعيش فيها الموارنة والدروز في وطن واحد، يحكمه حاكم ماروني وليس أجنبياً ".
 
في الخاتمة، يتحدث الخوري مخلوف عن "محاولات السلطة العثمانية إخضاع كرم سياسياً وتصفيته عسكرياً وتشويه صورته إعلامياً، لكنه رغم ذلك لم يهادن، بل ظل يسعى الى تحقيق مشروعه الوطني؟، مشيراً الى أنه "في خلال مسيرته الوطنية لم يساير أحداً، ولم يحاب الوجوه، لهذا تبقى مسيرته الوطنية مدرسة في العمل السياسي الشريف، ومثالاً يحتذى لكل من أراد استعمال حقه السياسي في رعاية الشعب".
 
نفّاع
في سياق آخر، يلفت النائب البطريركي العام على رعية إهدن – زغرتا المطران جوزف نفاع الى أن “سينودس 2024 قال عن يوسف بك كرم إنه يمكن ان يكون شفيعاً للسياسيين، لأن همّ الوطن كان في المقام الأول في حياته ويعلّمنا سبل التعاطي مع السلطة. فهو كان في البداية قائمقام النصارى في جبل لبنان مُعيّناً من الأتراك وتعاون معهم بشكل جيّد، ولكنه في ما بعد رفض أن يحكم لبنان متصرف غير لبناني من الخارج وأن يخسر كرامته، وعندها بدأ مقاومته لأنه رجل وطني الى أقصى درجة".
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium