عكار - ميشال حلاق (مصور)
تحت كل حجر في هذه البلدة أثر...انها بلدة منجز العكارية الرابضة على كتف الضفة اللبنانية لمجرى النهر الكبير، الأمر الذي أكسبها موقعاً جغرافياً إستراتيجياً متميّزاً ومكانة تاريخية وحضارية مهمة، وجعلها ممراً لسائر الحضارات التي عبرت المنطقة وشاهدة على التاريخ.
فالبلدة تموج بكمّ كبير من المواقع التاريخية الأثرية التي تتوزّع في أرجائها، من أطلال قلعتها المطلة على مجرى النهر الكبير، الى معبد نيميسيس عند نبع جعلوك الذي يعتبر مثالاً عما تبقى في منطقتنا من الميثولوجيا اليونانية القديمة وتمتزج فيها حضارات عدة متعاقبة أبرزها الرومانية، الى القبور الميغاليتية القديمة التي ترقى الى أكثر من 4500 سنة قبل الميلاد، والتي تحظى اليوم بعناية علماء الآثار في العالم. وكنيسة سيدة القلعة وملحقاتها التي تصنّف بين أبرز المواقع الدينية المسيحية في المنطقة أيضاً.
وتتميز أيضاً بطبيعتها الرائعة وبكونها تحتضن أحد أكبر أحراج الغار وأبرزها.
مجلس بلدي خلاّق
وما كانت البلدة لتخطو مثل هذه الخطوات المهمة والثابتة لتصنيفها موقعاً تاريخياً عالمياً، ويصبح ملفّها حاضراً على طاولة الجهات المعنية في اليونيسكو للمنافسة والإقرار، لولا مجلسها البلدي الخلاّق برئاسة الدكتور جورج يوسف.
وتبعا للإنجازات الكبرى التي حقّقتها بلدية منجز في السنوات العشر الماضية، فإنها باتت من أبرز البلديات ليس على مستوى عكار فحسب بل على مستوى الشمال ولبنان، وهي إنجازات متنوعة ومتعددة على المستويات البيئية والسياحية والزراعية والخدماتية، وبشكل خاص على مستوى إبراز معالمها التاريخية العريقة التي باتت تحظى باهتمام السياح اللبنانيين والعرب والأجانب.
الخريطة السياحية
ويشبر رئيس البلدية الى "أن منجز وضعت على الخريطة السياحية اللبنانية والعالمية، بإتمام خريطتها السياحية البيئية مع الجامعة الأميركية في بيروت بالتعاون مع وزارة السياحة.
كذلك أنجزت دراسة استراتيجية لتنمية السياحة الريفية في البلدة بالتعاون مع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، تضمنت 30 عنوان مشروع أطلقت فيها، بحضور مندوب من وزارة السياحة.
وعملت البلدية على إعداد ملفاّت علمية عن مواقعها الأثرية، تمكّنت في خلالها من تشجيع جامعة جنيف على العمل في المواقع الميغاليتية بإشراف المديرية العامة للآثار .
كما جرى إنشاء متحف يحاكي تاريخ منجز، ويشمل صالتي عرض لُقىً أثرية، إضافة الى لوحات تشرح تاريخ البلدة، وصالة عرض أفلام قصيرة عن هذا التاريخ ونشاطات للمدارس، فضلاً عن خرائط ومنشورات وكتيب عن المتحف بالتعاون مع جامعة جنيف".
مشاريع بيئية وزراعية
ويوضح أن البلدية "سعت الى تنفيذ مشروع طاقة بديلة نظيفة، والتوقيع على "ميثاق المدن والمحليات" العالمي في مدينة صخيرات (المملكة المغربية) مع الإتحاد الأوروبي، وشبك منجز مع أكثر من 15 ألف مدينة منضوية تحته. وأعدّت خطة إستراتيجية لمنجز بواسطة خبير منتدب من الإتحاد الأوروبي، تخلّلتها زيارة بلدية نابولي (إيطاليا) مع الإتحاد الأوروبي، لتبادل الخبرات والمساعدات في هذا الصدد. وقد رفعت الى "ميثاق المدن والمحليات" في بروكسل (بلجيكا) للمصادقة عليها، وكانت الأولى من لبنان التي حصلت على هذه المصادقة، وأدرجت على الموقع الألكتروني الأوروبي والعالمي العائد الى "ميثاق المدن والمحليات".
ورفعت هذه الخطة الى الجهات المانحة لتمويلها، وجرى العمل بداية بمحطة كهرباء على الطاقة الشمسية بقدرة 100 كيلوواط، بتمويل من "الوكالة الأميركية للتنمية الدولية" وبإشراف "مؤسسة رينيه معوض".
على الصعيد الزراعي، أنشئت بحيرة زراعية بتمويل من الإتحاد الاوروبي سعة 50 ألف متر مكعب.
ونفّذت سلسلة مشاريع تشجير، إضافة الى مشروع بيئي علمي مع معهد الدراسات البيئية في جامعة البلمند، من 6 مشاريع للبنان، ممول من الإتحاد الأوروبي ومدته 4 سنوات شمل تشجيراً علمياً لـ 25 ألف غرسة صنوبر جوي (مثمر) وخروب وغار، وتخلله الكثير من الأنشطة ولاسيما منها إعداد خطة إستراتيجية لإدارة الحرج الأسود في البلدة.
ولفت يوسف الى تصنيف المواقع الطبييعية في منجز مواقع مهمة للتنوّع البيولوجي في منطقة البحر المتوسط.
تصنيع زراعي
واستكمالا للعمل الزراعي البيئي، جرى تجهيز وحدتين وإدارتهما لاستخراج زيت الغار الأساسي من أوراقه وزيت الغار الخام من ثماره، وتجهيز وحدة وإدارتها لصناعة صابون الغار الذائع الصيت وإنتاجه .
وإضافة الى إلبدء بشراكات تعاون لا مركزي مع بلدة سان بيراي الفرنسية لدعم قطاع الخرنوب والعسل، ومع منطقة لابالانيي الفرنسية لدعم قطاع الزيتون والأعشاب العطرية، جرى إنشاء معمل لتحويل المخلفات الزراعية والحرجية الى حطب وقود بيئي بتمويل من السفارة النروجية.
وأسف لـعرقلة مشروع فتح مركز لمصلحة الأبحاث العلمية الزراعية التابعة لوزارة الزراعة، ونقله الى حراج القبيات، "بعد حصولنا على موافقة بالغة الأهمية".
وعلى الصعيد السياحي، أكد إدراج منجز على خريطة "الدروب الثقافية لمجلس أوروبا: "الدرب الفينيقي ودرب الميغاليت"، تشجيعا للسياحة البيئية. فباتت
مقصداً لآلاف السياح للسير على هذه الدروب القديمة.
إرث حضاري
كذلك عملت البلدية على تصنيف البيوت القديمة وكنيسة النبي دانيال ودير سيدة القلعة موقعاً مهماً للإرث المعماري في منطقة البحر المتوسط، وتصنيف البلدة بين أجمل بلدات لبنان، ووضعها في دليل وزارة السياحة.
ونفّذت درباً سياحية للمشي في الطبيعة بمواصفات عالمية مسافة 8 كيلومترات بالتعاون مع جمعية "درب الجبل اللبناني"، تربط معالم البلدة الثقافية والطبيعية ومشاريع بلديتها.
ونجحت البلدية في وضع مواقع منجز الثقافية والطبيعية على اللائحة التمهيدية للتراث العالمي اليونيسكو، بإشراف المديرية العامة للآثار.
ويؤكد يوسف "أن شبابنا هم مستقبل منجز، ونحن فخورون بهم لتعلّقهم بالبلدة وتنميتها، وكلنا أمل في البلدية أن هذه المشاريع التي ستنفذ هذه السنة، إضافة إلى غيرها، ستصبّ في هذا الهدف".