النهار

يعشّش في جنباتها العشب والنسيان... قلعة بربر آغا في إيعال مِعلم تاريخي وأثري يتهدّده الإهمال
طوني فرنجية
المصدر: "النهار"
هل تعود قلعة بربر آغا في إيعال – قضاء زغرتا، الى ألقها وتستقبل السياح والزوار كما باقي المواقع الأثرية في لبنان أم تبقى فريسة الإهمال مقفلة إلاّ أمام أهالي البلدة والمصلين في مسجدها؟
يعشّش في جنباتها العشب والنسيان... قلعة بربر آغا في إيعال مِعلم تاريخي وأثري يتهدّده الإهمال
مدخل قلعة بربر آغا في إيعال.(الصور لطوني فرنجية)
A+   A-
 
هل تعود قلعة بربر آغا في إيعال – قضاء زغرتا، الى ألقها وتستقبل السياح والزوار كما باقي المواقع الأثرية في لبنان أم تبقى فريسة الإهمال مقفلة إلاّ أمام أهالي البلدة والمصلين في مسجدها؟
 
قلعة إيعال من القلاع المميّزة في الشمال، يعود تاريخ بنائها إلى أوائل القرن التاسع عشر، وهي قلعة دفاعيّة ضخمة، بناها مصطفى بربر آغا والي طرابلس أيام العثمانيين .
 
 
تقع هذه القلعة على بعد حوالى خمسة كيلومترات جنوب مدينة زغرتا، وعلى يمين الطريق المؤدية الى بلدة مزيارة، على مساحة تمتد الى حدود 8455 متراً مربعاً في العقار 740 منطقة إيعال في قضاء زغرتا. 
 

ووفق الصحيفة العقارية، فقد كتب تحت عنوان أسماء المالكين: وقف مصطفى آغا بربر/ ذري، خيري، يعود الى ذرية الواقف وفق شروط الوقفية المدونة في الحجة المؤرخة في 25 جمادي الآخر السنة 1231هـ،ـ أي قبيل وفاة بربر في 28 نيسان 1835 مسيحية". وهذا التاريخ ذكره الأمير بشير الشهابي في كتاب عن وفاة بربر أرسله الى حاكم مصر آنذاك محمد علي باشا.
 

تتميّز القلعة بهندستها وتصاميمها الشرقية، وزخارفها التي تشبه إلى حدّ كبير تصاميم قصر بشير الثاني في بيت الدين، والذي بني في الحقبة عينها، وهي تُعدّ نموذجاً رائعاً للعمارة في القرن التاسع عشر.
بنيت من حجر مقصوب، وتحتوي على تسع غرف للسكن، وثلاث فسحات دار مسقوفة، وثلاثة مطابخ، وست غرف مؤونة وست فسحات سموية، وخمس برك مياه، وفرناً ومدخلين مسقوفين ومدخلاً سموياً (مكشوفاً) وعشرين غرفة خراباً، ومدافع وأسواراً، وسلالم حجرية، وبقايا أعمدة وقناطر وسراديب، وخمسة أدراج (سلالم) حجرية داخلية وعقوداً، ومدفناً خاصاً، وحدائق تزرع بقولاً وفيها أشجار من كل الأنواع وخصوصاً الزيتون المعمّر، إضافة الى عدد من أشجار النخيل والرمان والتين. 
 
 
وتعلو جانباً من هذا العقار في الجهة القبلية، ثماني غرف ومطبخان وفسحة ودار وسجن وقنطرة للشنق، وقبر بربر المهمل مع مدافن حاشيته، تحوطها أسوار عالية مبنيّة من الحجر الصلب، تقوم على زواياها الأربع أبراج دفاعيّة ساهمت في حماية القلعة والمنطقة.

وتضمّ القلعة أيضاً آباراً وخزانات مخصّصة لحفظ المياه التي جرّها بربر إليها، من نبع قريب يتدفّق من تلّة مزيارة، الواقعة جنوب شرق إيعال.

 
 
كان بربر قد التحق بالجيش العثمانيّ، وأبدى براعة وحنكة، فأُعجب به الباب العالي، وأوكل إليه قيادة الجيش، وعيّنه لاحقاً والياً على طرابلس عام 1812.
امتدّ حكمه من حدود جبل لبنان إلى طرطوس، وكان قد تميّز بشخصيّته الرصينة وبالتقوى والعدالة. إختار إيعال مركزاً صيفيّاً لحكمه في طرابلس، فبنى فيها هذه القلعة الضخمة، وأقام داخلها مسجداً، لا يزال المصلّون يؤمّونه حتّى اليوم.
 
 

 
تميّزت إيعال بموقع إستراتيجيّ يشرف على معظم المنطقة المحيطة بها، فعمد بربر عام 1812 إلى شراء معظم أراضي القرية، وبنى قلعته العظيمة على التلّة المشرفة عليها، على مساحة حوالى خمسة آلاف متر مربع عام 1816.
 

تغطي الأعشاب والأشواك البرية قسماً كبيراً مما تبقى من معالم هذه القلعة الفسيحة الغابرة. ورغم قرار وزير السياحة الذي صدر في 12/8/1966 وقضى بإدخال العقارات 731 و685 و728 و686 و729 و730 المجاورة للعقار 740 من منطقة إيعال الذي تقوم عليه القلعة والعقار 741 الذي يقوم عليه مسجد القلعة، في قائمة الجرد العام للأبنية والمعالم الاثرية في لبنان، ونصّ على "عدم جواز القيام بأي عمل من شأنه تغيير شكل العقارات المشار اليها ومنظرها العام إلا بعد موافقة خطية من المديرية العامة للآثار"، فإن القلعة بقيت منسية ومن دون أي اهتمام من أي مصدر ومن دون تأهيل أو ترميم، باستثناء زيارات متقطعة لعدد من المؤرخين والإعلاميين والفنانين الذين حاولوا استطلاع صلاحيتها لتنتظيم مهرجانات فنية فيها، وأبعد الإهمال ووضعها المزري ووعورة أرضها الزوار والسياح عن سبر أغوار ما تكتنز من عبق التاريخ.
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium