يعيش القطاع الاستشفائي منذ الإثنين الماضي، معمودية إثبات قدرته على استيعاب موجات الإصابات، الناتجة عن توسّع القصف الإسرائيلي، على كامل مساحة لبنان، وتزايد الحاجة إلى خدماته الصحية والاستشفائية.
بعد "قطوع البيجرز"، والنجاح في تخطّي خطر سقوط النظام الاستشفائي، يعود القطاع ليقف مجدّداً على مفترق وتحدّ كبيرين، لمواجهة الضغوط المتوقّعة عليه، في ما لو طال أمد العمليات العسكرية.
فيما تمكّنت حتى الساعة، المستشفيات والمراكز الصحية في كلّ المناطق "المقصوفة" من احتواء الحالات التي نقلت إليها، يهدّد تواصل القصف وتمركزه على الضاحية الجنوبية، بخروج المؤسسات والمراكز الاستشفائية فيها عن الخدمة، وعدم قدرتها على استقبال الحالات الطارئة، بسبب كثافتها وترافقها مع غزارة وعنف القصف الجوي.
خمس مستشفيات كبرى، بالإضافة إلى مستشفى بيروت الحكومي، والعديد من المراكز الصحية في الضاحية الجنوبية، تعيش أوضاعاً تنذر بكارثة حتمية، ما لم تبادر السلطات الحكومية والأممية بأسرع وقت، على تحصين أمنها وقدراتها، وتعزيز طواقمها الطبية والتمريضية، وفتح خطوط تمويل مباشر لحاجاتها المتضاعفة والمستجدّة.
ما يزيد عن ألف سرير، وأكثر من 40 غرفة عمليات قد تكون خارج الخدمة قريباً، وهو ما يحتاج إلى استنفار رسمي ودولي، واتصالات لمنع فتح ثغرة في جدار الجسم الاستشفائي في لبنان، قد تكون بداية غير حميدة وغير مستحبة، تفتح الطريق أمام انهيار وسقوط للنظام الصحّي بكامله.
يؤكّد نقيب أصحاب المستشفيات سليمان هارون أنّه لا قرار بإخلاء مستشفيات الضاحية الجنوبية حتّى اليوم، ولكن في حال تمّ إخلاؤها فإنّ مستشفيات بيروت وجبل لبنان لا يمكنها حتماً استيعاب أعداد الأسرّة الموجودة في مستشفيات الضاحية والتي يناهز عددها الألف سرير. إذ ثمّة مستشفيات في الضاحية ضخمة وخصوصاً مستشفى الرسول الأعظم وبهمن والساحل، وتالياً من المؤكّد أنّه لا يمكن للمستشفيات خارج الضاحية استيعابها، لذا من الممكن أن نستعين بمستشفيات الشمال.
وكانت وزارة الصحّة دعت في بيان، مستشفيات بيروت وجبل لبنان والمناطق غير المتضرّرة من العدوان الإسرائيلي إلى التوقّف حتى نهاية الأسبوع المقبل عن استقبال الحالات الباردة غير الطارئة، إفساحاً في المجال لاستقبال المرضى الموجودين في مستشفيات الضاحية الجنوبية لبيروت والتي سيتمّ إخلاؤها بسبب تطوّرات العدوان.
كما دعت الوزارة المستشفيات والمراكز الصحية إلى الاستعداد للاهتمام بالمرضى من النازحين ليلاً من الضاحية حيث يتوقّع أن تتفاقم المسؤوليات والمهمّات مع تفاقم الأعداد.
بيد أنّ هارون يؤكّد لـ"النهار" أنّ المستشفيات قرّرت منذ الأسبوع الماضي عدم استقبال الحالات أو العمليات الباردة (غير طارئة)، أمّا الحالات الطارئة فلا يمكننا عدم استقبالها مثل النوبات القلبية وما شابه. وبالنسبة إلى مرضى السرطان وغسل الكلى، يوضح هارون أنّه يتمّ التعامل مع مرضى السرطان، ولكن يبدو أنّ ثمّة مشكلة بمرضى غسل الكلى، إذ نعمل على التنسيق مع وزارة الصحة لزيادة عدد الساعات لمعالجتهم في المراكز المتخصّصة.
على كلٍّ يؤكّد هارون ألّا قرار حالياً بالإخلاء، و"قراراتنا في هذا الخصوص كلّ لحظة بلحظتها".
من جهتها نقيبة الممرضات والممرضين عبير كردي علامة، أكّدت لـ"النهار" أنّه في حال اتّخذ القرار بإخلاء مستشفيات الضاحية فإنّ الممرضين فيها سيتعاونون مع المستشفيات التي ستستقبلهم في بيروت والمناطق، لافتة إلى أنّ ثمّة ما بين 300 و350 ممرضاً وممرضة في كلّ مستشفى من مستشفيات الضاحية.