عكار - ميشال حلاق (مصوّر)
إرتفعت أعداد النازحين مع التطورات العسكرية المتفاقمة في ظل الاستشراس الاسرائيلي وتصاعد وتيرة الاعتداءات الجوية، والاستهداف الممنهج للمباني السكنية في الضاحية الجنوبية والمناطق اللبنانية الأخرى من الجنوب الى البقاع وصولا الى جرود الهرمل.
النازحون توجهوا في الأيام والساعات الأخيرة، الى المناطق التي يعتبرونها أكثر أمناً من جبل لبنان الى عكار مرورا بمختلف المناطق الشمالية التي تشهد كثافة كبيرة، وفتحت لهم مراكز الإيواء المستحدثة بعد امتلاء المنازل الشاغرة تطوعاً أو ببدلات مالية، وحتى مشاركة بعض العائلات سكنها.
ووفق التقرير اليومي الذي تصدره غرفة إادارة الكوارث في عكار التي يرأسها المحافظ ععماد اللبكي، فان عدد النازحين المسجلين بلغ أكثر من 20 ألف شخص (4464 عائلة) موزعين على 95 قرية وبلدة.
ويشير الى أن عدد مراكز الإيواء بات 44 مركزاً، جرى إيواء 584 عائلة (2877 نازحاً) فيها.
ومن الواضح أن هذا الارتفاع اليومي بمعدّل قرابة 5000 نازح، سيرتب ضغوطاً كبيرة على الجمعيات الأهلية المحلية والبلديات التي تقوم بجهود مضاعفة في محاولة منها لتلبية حاجات هذه العائلات الوافدة، والتي تعاني أوضاعا صعبة للغاية، وجلها من النساء والأطفال والمسنّين الذين غادروا بيوتهم على عجل تاركين خلفهم كل شيء، في ظل عجز حكومي ورسمي حتى الآن عن تقديم المساعدات الإغاثية، الأمر الذي تسبّب بامتعاض واضح من فاعليات المنطقة كما من العائلات النازحة.
لكن ثمة متطلبات كبيرة تحاول غرفة إدارة الكوارث تنسيق الجهود في شأنها بالتعاون مع المنظّمات الأممية المعنية، غير أن لا نتائج ملموسة حتى الآن على هذا الصعيد، ذلك أن هذه المنظمات تكتفي بما تقدمه الى العائلات السورية المقيمة أساساً في عكار وتغفل النازحين اللبنانيين وتستمر في إهمال المجتمعات المحلية المضيفة.
ويعمل الصليب الأحمر اللبناني قدر إمكاناته على مواجهة هذا التحدي وسدّ بعض الثغرات بالتعاون مع بعض الجمعيات الأهلية والبلديات رغم الصعوبات المالية التي تعانيها، لتأمين ما أمكن من مستلزمات صمود النازحين على الصعيد الاغاثي الفوري .
لكن ثمة تساؤلات عن سبل تأمين الأدوية وحليب الأطفال والمواد الغذائية أدوات التنظيف وغير ذلك من متطلبات العيش الكريم، خصوصاً أن الشتاء على الأبواب وغالبية مراكز الإيواء غير مجهّزة، ومن سيتحمل أعباء تأمين الكهرباء والمحروقات وغير ذلك من الحاجات الضرورية الأساسية؟
محافظ عكار
ويقوم محافظ عكار بجهود حثيثة لتأمين أبسط مقومات الحياة للنازحين، ويجري اتصالات مستمرة مع الجهات المعنية لتوفير المساعدات الضرورية. وفي الوقت نفسه، تتزايد أعداد السوريين الذين يصلون إلى عكار، رغم الأعداد الكبيرة الموجودة أساساً، مما يزيد من الضغط على الموارد المحلية.
وتطفو على سطح الأزمة الحالية نداءات تطالب السلطات اللبنانية بالسعي لدى الجهات السورية والتنسيق معها من أجل إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، بما يساهم في تخفيف الضغوط على الموارد المحلية ويضمن توفير الدعم اللازم للنازحين اللبنانيين، مما يعزز الأمان والاستقرار لجميع سكان المنطقة.
المفتي زكريا
ويقول مفتي عكار الشيخ زيد محمد بكار زكريا: "أمام هول الكارثة والعدوان السافر من الكيان الصهيوني على أرضنا وشعبنا بعد التمادي في العدوان على فلسطين وشعبها، نشدّد على الوحدة والتماسك والتعاون في هذه الظروف الصعبة في مواجهة العدوان المستمر، إذ لا يمكن مواجهة العدو باستمرار الانقسام والتمادي في الاصطفافات".
ويناشد الجميع "التعاون والتنسيق مع الجهات المختصة والمنظمات والجمعيات الإغاثية، في سبيل الوقوف مع أهلنا المنكوبين والمتضرّرين من سائر المناطق اللبنانية"، مذكراً بوجوب "الابتعاد عن كل مظاهر الاستغلال والاحتكار، والحذر من الطابور الخامس والفتن المذهبية والاستفزازات المفتعلة".
بزبينا
يذكر أن النازحين في بلدة بزبينا يتوزعون بين متوسطتها الرسمية التي تؤوي 105 نازحين في صفوف الروضة، فيما يقيم حوالى 220 شخصاً، في منازل البلدة. ومع غياب الإمكانات لدى البلدية، يعتمد النازحون على مساعدات الأهالي وعدد محدود من الجمعيات الخيرية.
رئيس البلدية طارق خبازي يلفت الى أن إمكانات البلدية "صفراً" وهي غير قادرة على تلبية حاجات النازحين، مشيراً إلى "أن معظم المساعدات تأتي من أهل القرية وبعض الجمعيات بفضل العلاقات الشخصية".
ويدعو الحكومة إلى "صرف المستحقات المالية للبلديات في أسرع وقت ممكن لتمكين البلدية من توفير الخدمات والمساعدات الضرورية". ويطالب الهيئة العليا للإغاثة بتوفير "أبسط مقومات الحياة للنازحين الذين يعانون من نقص في الحاجات الأساسية".
وفي انتظار ما ستؤول اليه الأوضاع مستقبلاً على وقع تطورات الأعمال العسكرية الاسرائيلية المتصاعدة، يبقى الاتكال الأساسي في مواجهة تحدي دعم النازحين على العائلات العكارية وبعض البلديات، وعدد كن الجمعيات الأهلية التي بادرت مع بدء الأزمة الى فتح مراكز إيواء وتجهيزها وتأمين الفرش والأغطية والمياه وبعض المواد الغذائية بالتنسيق مع غرفة إدارة الكوارث في عكار .
"بيت الموجوعين"
جمعية "بيت الموجوعين" تشير الى أنها "منذ اللحظة الأولى للحوادث الساخنة التي تشهدها البلاد، ومع تسارع الأوضاع المتفاقمة والنزوح القسري إلى مناطق الشمال وعكار، كرّست مفهوم التضامن الإنساني والوطني ووقفت إلى جانب الأخوة النازحين وفق الإمكانات المتاحة، فنسقت مع القيّمين على مراكز الايواء في البلديات والمعاهد والمدارس والفنادق، ولبّت نداء الواجب الإنساني مقدمة الألبسة والأدوية إلى النازحين في مناطق شمالية عدة ومنها تكميلية طوني بك الرسمية في زغرتا ، أوتيل north palace، مهنية زغرتا، مدرسة فرح انطون، مدرسة جبل محسن. كذلك قدمت الى العائلات النازحة في منطقة برحليون، مجدليا، وجبات غذائية ساخنة وحرامات".
وتضيف أنها "أعدّت في محافظة عكار، خطة عمل ونسقت مع العديد من المدارس والمهنيات، وتحولت بيوت أعضائها مراكز للتضامن الإنساني. فجرى توزيع الألبسة والثياب على تكميلية حلبا الرسمية، معهد حلبا التقني، بلدية ببنين، عائلات قاطنة في حلبا، الشيخ محمد، منيارة، بزبينا، القنطرة. وتستمر الجمعية في التنسيق مع البلديات لمتابعة المساعدة.
وفي بيروت، أرسلت كمية من الثياب لتوزيعها على العائلات النازحة الى العاصمة".
معبر البقيعة الحدودي
اللافت أن مئات السيارات والدراجات النارية التي تقل نازحين لبنانيين وسوريين من الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية، تجمعت منذ مساء امس وطوال الليل عند معبر البقيعة-تلكلخ الحدودي الشرعي في منطقة وادي خالد، تمهيدا للدخول الى الأراضي السورية عبر محافظة حمص.
وتجدر الاشارة الى أن منطقة وادي خالد التي تستضيف أكثر من 30 ألف نازح سوري منذ بدء الأزمة السورية عام 2011، فتح أبناؤها أبوابهم من جديد لاستضافة العائلات الوافدة من مختلف المناطق اللبنانية هربا من آلة القتل الاسرائيلية، وهناك اكثر من 200 عائلة لبنانية وفدت حديثاً من الجنوب والبقاع خصوصاً جرت استضافتها في عدد من بلدات وادي خالد وقراه الحدودية".