انتهت، الأحد، عملية كبرى لتبادل سجناء بين الحوثيين والقوات الحكومية اليمنية شملت نحو 900 أسير، واستمرّت ثلاثة أيام، في وقت أعلن المتمردون أن المحادثات مع السعودية ستتواصل بعد عيد الفطر، ما بدّد الآمال بإعلان هدنة جديدة قبل نهاية شهر رمضان.
وتزامنت عملية التبادل مع جهود ديبلوماسية ناتجة من التقارب السعودي الإيراني وترمي إلى ترسيخ وقف إطلاق نار طويل الأمد ووضع الحرب الدامية في البلد الفقير على طريق الحل.
وأكدت مستشارة الإعلام لدى اللجنة الدولية للصليب الأحمر جيسيكا موسان لوكالة فرانس برس أن العملية انتهت، مضيفة أنه "تمّ تأكيد الإفراج عن 869 محتجزا سابقا في المجمل".
ونقلت خمس طائرات الأحد نحو 200 أسير سابق من مأرب، آخر معقل للسلطة في شمال اليمن، إلى صنعاء، العاصمة الخاضعة لسيطرة المتمردين منذ 2015، وفي الاتجاه المعاكس. وكان قد تمّ تبادل حوالى 320 أسيرًا الجمعة، ثم نحو 350 السبت.
وكان الحوثيون والحكومة توصّلوا خلال مفاوضات عقدت في برن الشهر الماضي إلى اتّفاق على تبادل نحو 900 أسير. وبموجب الاتفاق، يُفرج الحوثيون عن نحو 180 أسير، بينهم سعوديون وسودانيون، في مقابل حوالى 700 معتقل لدى القوات الحكومية.
- امرأة واحدة -
وشملت عملية التبادل امرأة واحدة فقط تُدعى سميرة مارش اعتقلتها القوات الحكومية قبل خمس سنوات بتهمة "زرع عبوات ناسفة في الطرقات وجوار مقرات حكومية وأسفل سيارات ومركبات قادة الجيش" إضافة إلى "إدارة خلية نسائية تقوم بزرع عبوات تسببت بمقتل العشرات"، وفق ما أفاد مسؤول أمني حكومي في مأرب.
وقال المسؤول إن "الحوثيين كانوا يطالبون بإلحاح خلال كل جلسات التفاوض بإطلاق سراحها".
وبدت مارش أثناء نزولها من الطائرة ترتدي النقاب وتضع كوفية على أكتافها.
وأكد المتحدث باسم الوفد الحكومي في مفاوضات الأسرى عضو الوفد المفاوض ووكيل وزارة حقوق الانسان ماجد فضائل لوكالة فرانس برس أنه تمّ تبادلها مقابل أربعة صحافيين محكومين بالإعدام من جانب سلطات الحوثيين.
في مأرب، وقف سجناء سابقون حوثيون واضعين كمامات وحاملين أكياسًا تحتوي على وجبات إفطار، في طابور استعدادًا للصعود على متن الطائرة المتّجهة إلى صنعاء.
أما في مطار صنعاء، فسيطرت أجواء الفرح مع ترقّب وصول الأسرى، وراحت فرق ترتدي اللباس اليمني التقليدي وتحمل خناجر، تؤدي رقصةً تقليديةً.
وقالت موسان "دعونا لا ننسى الغرض الحقيقي من عمليات الإفراج هذه: لمّ شمل الأحباء. لقد جلبت الأيام الثلاثة الماضية الفرح للعديد من العائلات التي مزّقها النزاع. نأمل فقط أن يجري المزيد من عمليات الإفراج في المستقبل القريب".
- بعد العيد -
بدأ النزاع في 2014 عندما سيطر الحوثيون المدعومون من إيران على مناطق عدة في البلاد بينها صنعاء. وفي العام التالي، تدخّلت السعودية على رأس التحالف ما فاقم النزاع الذي خلّف مئات الآلاف من القتلى وتسبّب بواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
وتعتبر جبهات محافظة مأرب، المنطقة الغنية بالنفط، مسرحا لأكثر المعارك دموية بين الحوثيين والقوات الحكومية التي تبسط سيطرتها على مدينة مأرب، مركز المحافظة.
وقاتل المتمردون الحوثيون بشراسة في العامين الماضيين بهدف الوصول الى مدينة مأرب ما سيسمح لهم بوضع يدهم على كامل الشمال اليمني، لكنهم عجزوا عن ذلك رغم المعارك التي قتل فيها آلاف من الطرفين بحسب مصادرهما.
ومن شأن سيطرة المتمردين على هذه المنطقة أن تسهّل توسّعهم إلى محافظات أخرى، وتعزّز موقفهم التفاوضي في أي محادثات سلام مقبلة.
وتمّ التوصل الى اتفاق التبادل الشهر الماضي بعد أيام على إعلان السعودية وإيران نيتهما استئناف علاقاتهما الديبلوماسية بعد سبع سنوات من القطيعة، ما قد ينعكس ايجابا على العديد من النزاعات في المنطقة.
وأجرى وفد سعودي برئاسة السفير محمد آل جابر محادثات نادرة مع الحوثيين في صنعاء هذا الأسبوع، لكنّه غادر الخميس من دون التوصل إلى اتفاق نهائي إنما بتفاهم "مبدئي" حول هدنة وعقد جولة من المحادثات.
وأعلن رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين مهدي المشاط السبت أنه "تمّ الاتفاق على عقد جولة جديدة بعد عيد الفطر المبارك نظراً لطبيعة القضايا التي تم نقاشها"، وفق ما أفادت وكالة أنباء "سبأ" المتحدثة باسم الحوثيين.
وأكدت وزارة الخارجية السعودية في بيان السبت أن اللقاءات هذه اتسمت "بالشفافية وسط أجواء تفاؤلية وإيجابية. ونظراً للحاجة إلى المزيد من النقاشات، فسوف تستكمل تلك اللقاءات في أقرب وقت".
وتبددت بذلك الآمال بإعلان هدنة خلال شهر رمضان كما كان يأمل اليمنيون، تمهّد الطريق لتسوية شاملة للنزاع.
وأسفر النزاع عن مقُتل مئات الآلاف من الأشخاص سواء مباشرة أو غير مباشرة، فيما نزح 4,5 ملايين شخص داخليًا، وأصبح أكثر من ثلثي سكان اليمن يعيشون تحت خط الفقر، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة.