قُتِل 15 شخصاً، بينهم سيدتان على الأقل، في قصف إسرائيلي طال بعد منتصف ليل السبت الأحد حياً سكنياً في دمشق، في حصيلة هي الأعلى في العاصمة السورية نتيجة ضربة مماثلة، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأعلنت وزارة الدفاع السورية بدورها قتل خمسة أشخاص، بينهم عسكري وإصابة 15 آخرين بجروح في "حصيلة أولية".
وطال القصف، وفق المرصد والإعلام الرسمي، بشكل رئيسي حي كفرسوسة في جنوب غرب دمشق، الذي يضم مقرات عسكرية واستخباراتية وفروعا أمنية.
وفي كفرسوسة، أفاد مراسل فرانس برس عن أضرار في مبنى سكني من نحو عشرة طوابق بعدما طال القصف مدخله بصورة أساسية، وقد تضررت الطوابق السفلية بشكل كبير، وانهارت جدران فيها، كما تصدعت واجهة المبنى.
وشاهد المراسل سكانا يخرجون أغراضا من منازلهم في المبنى الذي اضطروا إلى إخلائه.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس إن الغارة أسفرت عن مقتل 15 شخصاً، بينهم مدنيون ضمنهم سيدتان، موضحاً أن المنطقة المستهدفة تضم معهداً ثقافياً إيرانياً، إلا أنه لم يتضرر.
وأوضح المرصد أن حصيلة القتلى في قصف كفرسوسة "هي الأعلى جراء قصف إسرائيلي على مدينة دمشق".
ولم يتم حتى الآن تحديد الجهة التي استهدفها القصف.
ونشرت وكالة الأنباء السورية شريط فيديو يُظهر حفرة كبيرة أمام المبنى المؤلف من عشر طوابق، وقد تصدّعت أجزاء من واجهته الأمامية.
وأوردت وكالة "تسنيم" المحلية الإيرانية أن الغارة الإسرائيلية "لم تؤذ أي إيراني"، نافية تقارير تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي عن مقتل مسؤولين إيرانيين في الضربة.
واستهدفت الغارة، وفق الوكالة، المنطقة ذاتها التي قتل فيها القيادي السابق في حزب الله اللبناني عماد مغنية بتفجير سيارة مفخخة في دمشق العام 2008.
- قلعة دمشق -
أفاد المدير العام للآثار والمتاحف في سوريا نظير عوض فرانس برس عن أضرار طالت أبنية تابعة لقلعة دمشق الأثرية "بعد سقوط صاروخ نتيجة العدوان الإسرائيلي". وأشار إلى أضرار كبيرة في أجهزة مسح حديثة و"دمار واسع في المباني" التي تعد أيضاً أثرية.
ولم تطل الأضرار بناء القلعة نفسه، وفق مراسل فرانس برس في المكان، الذي أفاد عن دمار كبير في المباني التابعة للقلعة والقريبة من سورها.
وقال عوض إن "هذا أكبر ضرر يطال قلعة دمشق منذ بدء الحرب".
وأفاد المرصد بدوره أن الأضرار في القلعة قد تكون ناتجة عن عصف الانفجارات التي خلفها القصف أو سقوط أحد صواريخ الدفاع الجوي التي تصدت للغارات.
وقتلت أمرأة في حي المزرعة الدمشقي أيضاً، وفق المرصد الذي رجح أن يكون ذلك نتج أيضاً عن شظايا الدفاع الجوي.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" في وقت لاحق عن مصدر عسكري إن "العدوان أدى كحصيلة أولية إلى ارتقاء خمسة شهداء بينهم عسكري واصابة 15 مدنياً بجروح بينهم حالات حرجة". كما أدى إلى "تدمير عدد من منازل المدنيين وأضرار مادية في عدد من الأحياء في دمشق ومحيطها".
وقال المصدر "في تمام الساعة 00,22 من فجر اليوم (21,22 ت غ)، نفذ العدو الإسرائيلي عدواناً جوياً برشقات من الصواريخ من اتجاه الجولان السوري المحتل مستهدفاً بعض النقاط في مدينة دمشق ومحيطها من ضمنها أحياء سكنية مأهولة بالمدنيين".
وأفاد مراسلون لوكالة فرانس برس في دمشق عن سماع دوي انفجارات عنيفة، تلتها صفارات سيارات إسعاف هرعت الى الموقع المستهدف.
وطالت صواريخ إسرائيلية أيضاً، وفق المرصد، مستودعاً لمقاتلين موالين لإيران وحزب الله قرب دمشق.
- قصف بعد زلزال -
واعتبرت وزارة الخارجية السورية في بان أن "العدوان يأتي في سياق الاستهداف الإسرائيلي الممنهج لأهداف مدنية سورية من منازل ومراكز خدمية ومطارات وموانئ وترويع السوريين الذين لا يزالون يعانون من الآثار الكارثية التي خلفها الزلزال" المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا قبل نحو أسبوعين مودياً بحياة أكثر من 43 ألف شخص، بينهم أكثر من 3600 شخص في سوريا.
وعلى جري العادة، رفض متحدث باسم الجيش الإسرائيلي التعليق على "معلومات في الإعلام الأجنبي".
وخلال اجتماع لحكومته الأحد، قال رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تصريح يكرره دائماً "لن نسمح لإيران الحصول على سلاح نووي ولن نسمح لها بتثبيت تواجدها عند حدودنا الشمالية".
وأدان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني في بيان الضربات الإسرائيلية على دمشق ومحيطها "وضمنها بعض المباني السكنية"، والتي أدت إلى "استشهاد وإصابة عدد من المدنيين السوريين الأبرياء".
ووصف بالـ"المخزي صمت الدول الغربية على الانتهاك المتكرر لسيادة الأراضي السورية".
وأدانت كل من حركة حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيين أيضاً الغارات الإسرائيلية.
وشنت إسرائيل خلال الأعوام الماضية مئات الضربات الجوّية في سوريا طالت مواقع للجيش السوري وأهدافًا إيرانيّة وأخرى لحزب الله بينها مستودعات أسلحة وذخائر في مناطق متفرقة.
وفي بداية شهر كانون الثاني، قتل أربعة أشخاص بينهم جنديان سوريان جراء قصف إسرائيلي استهدف مطار دمشق الدولي ووضعه خارج الخدمة لساعات، لتكون المرة الثانية التي يخرج فيها من الخدمة منذ حزيران 2022، حين أدى قصف إسرائيلي الى تعليق كل الرحلات لنحو أسبوعين.
ونادرا ما تؤكّد إسرائيل تنفيذ ضربات في سوريا، لكنّها تكرّر أنّها ستواصل تصدّيها لما تصفه بمحاولات إيران لترسيخ وجودها العسكري في سوريا.
وفي العام 2019، قتل قصف إسرائيلي شخصين، بينهما قيادي في حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية العجوري، في دمشق.
وتشهد سوريا نزاعا داميا منذ 2011 تسبّب بمقتل حوالى نصف مليون شخص وألحق دمارا هائلا بالبنى التحتيّة وأدّى إلى تهجير ملايين السكّان داخل البلاد وخارجها.