وصل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينكسي إلى السعودية في زيارة مفاجئة لحضور قمة جامعة الدول العربية التي يشارك فيها الرئيس السوري بشار الأسد، حليف موسكو، بعد غياب استمرّ 13 عامًا.
وبعد أن كان الأسد نجم القمة العربية، يبدو أن زيلينسكي سيسرق منه بعض الأضواء. والأسد حليف مقرب من روسيا التي تدخلت عسكريًا في النزاع السوري، لا سيما من خلال القصف الجوي، وكان لتدخلها الدور الحاسم في استعادة القوات السورية الحكومية مساحة واسعة من الأراضي التي كانت خسرتها في بداية الحرب على أيدي الفصائل المعارضة.
وكتب زيلينسكي على حسابه على تلغرام "سأتحدث خلال قمة الجامعة العربية. سألتقي ولي العهد (السعودي) محمد بن سلمان وسأعقد اجتماعات ثنائية أخرى".
وقال الرئيس الأوكراني إن أولوياته في الزيارة ستكون "تقديم صيغتنا للسلام والتي يجب أن يشمل تنفيذها أكبر عدد ممكن من الدول".
وأضاف "أولوية أخرى هي حماية مسلمي أوكرانيا" في منطقة القرم التي ضمتها روسيا في 2014.
وتعطي هذه الزيارة زيلينسكي، وهي الأولى له إلى الشرق الأوسط منذ اندلاع الحرب في بلاده، فرصة لمخاطبة قادة الدول العربية التي يبقى موقفها ضبابيا وغير موحد من الحرب في أوكرانيا، بخلاف حلفائه الأوروبيين والأميركيين.
واستقبل الرئيس الأوكراني الذي كان يرتدي بزّته الزيتية، السفير الأوكراني لدى السعودية ونائب أمير منطقة مكة المكرمة الأمير بدر بن سلطان بن عبدالعزيز، وفق ما أظهرت لقطات بثّتها قناة "الإخبارية" السعودية الرسمية.
وقال مسؤول في جامعة الدول العربية لوكالة فرانس برس "سيحضر زيلينسكي القمة الجمعة بدعوة من السعودية وليس من الجامعة العربية". ولم يردّ مسؤولون سعوديون فورًا على طلبات وكالة فرانس برس التعليق.
وأفاد مسؤول سعودي وكالة فرانس برس أن ممثلًا عن السفارة الروسية سيحضر القمة العربية.
وتقدّم الرياض نفسها على أنها محايدة في الملف الأوكراني، مشيرةً إلى ما تصفه بمنافع الحفاظ على العلاقات مع كلّ من موسكو وكييف.
وصوّتت الرياض لصالح قرارات مجلس الأمن المنددة بالغزو الروسي وضمّ موسكو مناطق في شرق أوكرانيا. لكنّها في الوقت نفسه واصلت التنسيق بشكل وثيق مع روسيا حول السياسات النفطية، بما في ذلك قرار خفض الإنتاج الذي اتّخذ في تشرين الأول/أكتوبر، مع محاولة الإبقاء على علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة، شريك المملكة الأمني منذ عقود.
وانتقدت واشنطن الرياض معتبرة أنها قدمت "دعمًا اقتصاديًا" وكذلك "معنويًا وعسكريًا" لروسيا.
- عودة دمشق -
وكان الأمين العام المساعد للشؤون السياسية الدولية بالجامعة العربية خالد منزلاوي كتب الأربعاء في صحيفة "الشرق الأوسط"، أنه بالإضافة الى التحديات الكبيرة التي تواجهها منطقة الشرق الأوسط، سيكون على القمة العربية أن تأخذ في الاعتبار قضايا دولية مثل الحرب في أوكرانيا. وقال "لا بدّ من التأكيد أنَّه ستكون هناك حاجةٌ ماسةٌ للتوافق والتضامن بصورة جماعية...(في) هذه المرحلة بالغة الخطورة من تاريخ العالم، التي تشهد إعادةَ رسمِ خرائط العلاقات الدولية".
وترى الخبيرة بمركز "الأهرام" للدراسات السياسية في القاهرة رابحة سيف علام أنّ العالم في "لحظة دولية تشهد انسحاب القوى الكبرى من المنطقة وانشغالها بحرب روسيا"، ما تعتبره "قُبلة حياة للجامعة لتقوم بدورها كمحطة تنسيق للجهود الإقليمية لحل النزاعات في المنطقة".
ووصل الأسد مساء الخميس إلى جدّة في أول مشاركة له في قمة عربية منذ عُلّقت عضوية دمشق في الجامعة ردًا على قمعها الاحتجاجات الشعبية ضد النظام التي خرجت إلى الشارع في 2011 قبل أن تتحوّل إلى نزاع دام أودى بحياة أكثر من نصف مليون شخص.
وكانت قمة سرت في ليبيا في آذار 2010 آخر قمة حضرها الأسد.
وقبل بدء أعمال القمة الجمعة، أجرى الأسد لقاء مع نظيره التونسي قيس سعيّد وبحث معه "العلاقات الثنائية"، وآخر مع الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس دولة الإمارات الذي يترأس وفد بلاده إلى القمة، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء السورية الحكومية "سانا".
وشدّد الأسد بعد لقائه نظيره التونسي على أهمية تجاوز العلاقة على مستوى الرؤساء لتصل الى المستوى الشعبية والعمل على "خلق وعي لعمل عربي مشترك".
إضافة إلى تطبيع العلاقات مع دمشق، من المتوقّع أن تتصدّر جدول أعمال القمة أزمتان رئيسيتان: النزاع المستمر منذ شهر في السودان بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمّد حمدان دقلو، والنزاع المتواصل في اليمن منذ أكثر من ثماني سنوات.
وتنعقد القمة العربية وسط جهود حثيثة من السعودية لتعزيز موقعها الديبلوماسي في الشرق الأوسط وخارجه، وبعد تطبيع علاقاتها مع إيران بوساطة صينية في آذار، إثر قطيعة.