النهار

مع فوز المنتخب السعودي... ولي العهد محمد بن سلمان يتألّق في الساحة العالمية
المصدر: "رويترز"
مع فوز المنتخب السعودي... ولي العهد محمد بن سلمان يتألّق في الساحة العالمية
الجماهير السعودية تحتفي بالفوز على المنتخب الأرجنتيني (أ ف ب).
A+   A-
حين جلس ولي عهد السعودية محمد بن سلمان بجوار رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) في افتتاح بطولة كأس العالم لكرة في قطر، توَّج ذلك تحوّلاً كبيراً في مكانته حتى قبل أن يحقق المنتخب السعودي إنجازاً يفخر به بفوزه على منتخب الأرجنتين اليوم.

وظهر ولي العهد السعودي سعيداً مبتسماً وهو يجلس في المكان الأبرز لأيّ ضيف في الحدث الرياضي العالمي وكأنّه رجل يعود للجلوس إلى رأس الطاولة الدولية.
 
 
 
وفي ظل مخاوف عالمية إزاء إمدادات الطاقة، ومع تركيز القوى العظمى على الحرب في أوكرانيا والتوترات بين الولايات المتحدة والصين، يترسّخ الثقل الجيوسياسي لصالح أكبر مصدر للنفط في العالم.

فقد استطاع محمد بن سلمان، في ما يبدو، تهدئة غضب الولايات المتحدة، بعدما رأت واشنطن الأسبوع الماضي أنه يتمتّع بحصانة تحول دون ملاحقته قضائيّاً في مقتل جمال خاشقجي عام 2018 وإعلانها الالتزام بالأمن السعودي في ظل التحذير من تهديد إيران.

وقبل أسابيع فحسب، كان الرئيس الأميركي جو بايدن قد حذّر من "عواقب" بعد أن اتهم ولي عهد بسوء النوايا في ما يتعلّق بمحادثاتهما النفطية التي جرت في تموز وهو اجتماع يُعدّ في حد ذاته تراجعاً بعد أن كان بايدن قد تعهّد بأن يجعل الحاكم الفعلي للسعودية "منبوذاً".

وظهر ولي العهد السعودي هذا الشهر في قمة الأمم المتحدة المعنية بتغيُّر المناخ (كوب27) في مصر، وقمة العشرين في بالي، وقمة منتدى التعاون الاقتصادي في آسيا والمحيط الهادي (أبيك) في بانكوك وكل هذا قبل ظهوره في قطر.

واجتمع ولي العهد مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس في تموز الماضي، وسيستضيف قريباً الرئيس الصيني شي جين بينغ في الرياض.

على الصعيد الداخلي وفي بلد يغلب عليه الشباب، سمح ولي العهد الشاب بافتتاح دور العرض السينمائي وإقامة الحفلات الترفيهية وأتاح فرص العمل للشباب السعودي. ويبدو أنّ المفاجأة التي حققها المنتخب السعودي بالفوز على الأرجنتين بهدفين مقابل هدف اليوم ستزيد من تحسين صورته.

من جهته، اعتبر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنّ قرار الحصانة لا يتعلق بالمراجعة الجارية لعلاقة واشنطن بالمملكة العربية السعودية.

لكن في ظل حاجة الاقتصاديات الغربية لتحقيق الاستقرار في‭‭ ‬‬إمدادات الطاقة فإنه لا يمكن تجاهل دور ولي عهد السعودية في كل جانب من جوانب العلاقات مع بلاده.
 

حصانة

أكد عبد العزيز بن عثمان بن صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث في جدة، أنّ المؤسسة الحاكمة في الرياض تنظر إلى غضب الغرب تجاه ولي العهد بسبب مقتل خاشقجي باعتباره وسيلة ذات دوافع سياسية للضغط على المملكة.

وخلصت وزارة العدل الأميركية الأسبوع الماضي إلى أنّ من حق محمد بن سلمان التمتع بالحصانة باعتباره رئيس حكومة بعد تعيينه رئيساً للوزراء وهو ما تراه الرياض أيضاً عملاً سياسيّاً، بحسب قول صقر.

وقال صقر: "الولايات المتحدة حاولت تحجيم أهمية ودور المملكة على المستوى الإقليمي والدولي، لكنّها اكتشفت أولاً أنّ هذا الهدف غير قابل للتحقيق، وثانياً أنّه يضر بمصالح الولايات المتحدة، لذا هناك عملية تراجع أميركي عن تبني المواقف السلبية تجاه المملكة".

ويقول بعض الديبلوماسيين إنّ أميركا نقلت في الأساس رسالة لطمأنة الرياض حين قالت الولايات المتحدة هذا الشهر إنّها قلقة من التهديد الإيراني على السعودية ولن تتردّد في الدفاع عن المملكة.

ولفت كولين كال، المسؤول البارز في وزارة الدفاع الأميركية، للصحافيين، إلى أنّ ايران كانت على وشك تنفيذ هجوم على غرار ما حدث في عام 2019 على أحد المنشآت النفطية السعودية لكن تحركات أميركية من بينها تغيير مواضع أنظمة للدفاع الصاروخي ربما حالت دون ذلك.

وقال صقر إنّ "الإجراءات الأميركية التي رافقت هذا التحذير قد تشير إلى حدوث صحوة متأخرة في أسلوب التعامل الأميركي مع سياسة إيران العدوانية والتوسعية في المنطقة".
 

أدنى مستوى
 
لا تزال العلاقات السعودية مع الولايات المتحدة والغرب في أدنى مستوى تاريخي. وأثناء ازدهار النفط الصخري في العقد الماضي الذي أضعف الطلب على النفط السعودي، وجدت الولايات المتحدة أنّه من الأسهل عليها أن تنأى بنفسها عن حليف تعتبر سياساته الداخلية غير مريحة.

وموقفها اتجاه ثورات الربيع العربي وسعيها للتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران في تحدٍّ للمخاوف السعودية من المخاطر الإقليمية، دفع الرياض إلى الاعتقاد بأنّ واشنطن تتخلّى عن دور القيام بمظلة أمنية للخليج.
في المقابل، يرى الغرب أنّ المخاوف السعودية من إيران مبالغ فيها ويعتبر حربها في اليمن عدواناً من دون مسوّغ,

لكن بعد أن أصبحت المنافسة بين القوى العظمى وندرة الطاقة تشكل السياسة الدولية من جديد، فقد يجد الغرب أن من الحكمة أن ينحى الضغائن جانبا.

من جهته، قال بريت مكجورك، منسق شؤون الشرق الأوسط في البيت الأبيض، في مؤتمر عقد في الآونة الأخيرة في البحرين، إنّ "الميزة الفريدة المقارنة للولايات المتحدة" هي الهندسة الأمنية المتكاملة التي تستطيع بناءها في المنطقة.

وأضاف أنّ "هذا مطلب نسمعه من عاصمة لعاصمة"، وهذا قد يعني للغرب التعامل مع السعودية ككيان مهيمن.

وقال صقر أيضاً إنّه "لا يمكن الفصل بين التعامل مع القيادة، والتعامل مع الدولة، بخاصة في أنظمة سياسية تقوم على أسس الحكم الملكي الوراثي".
 
 

اقرأ في النهار Premium