الإثنين - 16 أيلول 2024
close menu

إعلان

مشروع إسرائيلي يُلغي هوية دروز الجولان... ما أفاق المواجهة؟

المصدر: "النهار"
جاد ح. فياض
جاد ح. فياض
دروز الجولان ينتفضون ضد السلطات الإسرائيلية.
دروز الجولان ينتفضون ضد السلطات الإسرائيلية.
A+ A-
تحرّكات احتجاجية واسعة وعنيفة في بعض الأحيان يشهدها الجولان المحتل، بين سكّان هذه المنطقة ذات الغالبية الدرزية، والقوات الإسرائيلية، وذلك على خلفية مشروع إسرائيلي يقضي بتركيب توربينات هواء (مراوح لتوليد الطاقة الكهربائية) في أراضي زراعية تابعة لأهالي المحافظة.

بدأت التحرّكات بشكل سلمي، حينما عمد الأهالي إلى قطع الطرقات ومنع أعمال تدشين التوربينات، لكنها تطوّرت فأخذت شكلاً عنيفاً ووقعت الصدامات بين المحتجّين والشرطة الإسرائيلية مع إصرار القيمين على المشروع إطلاق الأعمال ورفض المعنيين إلغاء المشروع، فسقط جرحى بين الطرفين.

تُعد منطقة الجولان هادئة نسبياً مقارنة بمناطق الضفة الغربية وغزّة، حيث الاشتباك مع القوات الإسرائيلية يومي ودموي، ونادراً ما نخبر عن مواجهات تحصل بين الأهالي والسلطات العبرية، خصوصاً وأن النسبة الأكبر من السكّان ذات جنسية إسرائيلية، ومنهم من يخدم في صفوف الجيش الإسرائيلي، رغم الموقف العام الرافض للتجنيد.
 
أهداف المشروع
لكن الاحتجاجات انفجرت بعدما قرّرت السلطات الإسرائيلية المس بالأمر الواقع المفروض في منطقة الجولان، فمن المعروف أن إسرائيل تُحيّد هذه المنطقة عن صراعها مع الفلسطينيين وتُحاول عدم استفزازها تفادياً لإشعال جمر تحت الرماد، إلّا أن مشروع التوربينات له أبعاد أكثر من المعلن.

وفق المُعلن، فإن الهدف من المشروع تأمين الطاقة الكهربائية، لكن طيّاته تحمل تداعيات أكثر من ذلك، فبالدرجة الأولى، إن هذا المشروع سيمنع الأهالي من الوصول إلى أراضيهم وزراعتها، وبالدرجة الثانية، فإن لهذه التوربينات تبعات صحّية على السكّان، وبالدرجة الثالثة والأهم، إن المشروع باب للسيطرة على الأراضي وإطلاق مشاريع استيطان في الجولان.

أيقن الأهالي خطورة المشروع الإسرائيلي الذي يمس بهوية المنطقة وديموغرافيتها، وعلى الرغم من الجنسية الإسرائيلية التي يحملها هؤلاء، فإن انتماءهم القومي عربي، وهم يعلمون أنهم مواطنو الدرجة الثانية في إسرائيل بعد إقرار القانون القومي الإسرائيلي الذي صنّف اليهود دون غيرهم درجةً أولى.

من جهته، يعتبر مسؤول الملف الفلسطيني في الحزب "التقدمي الاشتراكي" بهاء أبو كرّوم أن "الهدف من المشروع مصادرة الأراضي الشاسعة المساحة ومضايقة أهالي الجولان، بهدف تطبيق خطط استيطانية في ما بعد، وإنشاء مناطق عسكرية حتى، ويندرج ذلك ضمن مشروع الحكومة اليمينية المتطرّفة".

وفي حديث لـ"النهار"، يُشير إلى أن "مناطق عديدة في الجولان غير مأهولة أو مُستثمرة زراعياً كان يُمكن تدشين مشروع التوربينات فيها، لكن أراضي المزارعين مُستهدفة في سياق مشروع إسرائيلي واسع يتناسق مع ضم المناطق الفلسطينية إلى إسرائيل، كالضفة الغربية، وذلك هدفه إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي".

وعن وتيرة الاحتجاجات ومداها الزمني، خصوصاً وأّنها مستمرة دون توقّف، يقول أبو كرّوم إن "مُقاومة أهالي الجولان مستمرة طالما أن مشروع مُصادرة الأراضي قائمٌ، والوتيرة تصاعدية مع انضمام أهالي مناطق أخرى لمساندة سكّان الجولان، كالجليل المُحتل، إضافة إلى دعم الانتشار الدرزي في العالم لأهلهم".

وفي هذا السياق، يُذكر أن محاولات تهدئة جرت بعد لقاء رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز الشيخ موفّق الطريف، وبعد الوعود بتأجيل المشروع إلى بعد عيد الأضحى، لكن إصرار الأهالي على وقف المشروع نهائياً وليس التأجيل، وتصعيد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير وتشديده على وجوب إنشاء المشروع أشعل نار المواجهات.

وإذ يُذكّر أبو كرّوم أن الاحتجاجات ليست الأولى من نوعها، بل سبقها تحرّكات ضد ضم الجولان، وضد نزع الهوية السورية عن الأهالي"، يلفت إلى أن "كافة أشكال المُقاومة حق لكل الشعب الفلسطيني ضمناً الكفاح المسلّح، والوقفات التضامنية الحاصلة في عدد من المناطق مطلوبة بوجه سياسات اليمين المتطرّف في إسرائيل".

معروف: خطر تمدّد الأزمة إلى خارج الحدود
مسؤول تحرير موقع "السويداء 24" ريان معروف يُذكّر أن "الحديث عن مشروع التوربينات بدأ قبل سنوات، وجوبه بالرفض من قبل أهالي الجولان، خصوصاً وأنّه يُصادر ما بين 3600 و6000 دونماً من الأراضي الزراعية التي يعتمد عليها المزارعون كمصدر رزق".

وفي حديث لـ"النهار"، يلفت إلى أن "للمشروع تبعات بيئية ضارّة أيضاً، وفي العام 2020، حذّرت 19 منظمة حقوقية من المخاطر، وطالبت السلطات الإسرائيلية توقيف المشروع بسبب أضراره البيئية، لكن الرفض الشعبي والحقوقي قوبل بتعنّت إسرائيلي". 

أما وعن آفاق المواجهات الحاصلة اليوم، يقول معروف إن "حدّة المواجهات من المرجّح أن ترتفع بعد عيد الأضحى في حال إصرار إسرائيل على تنفيذ مشروعها، لكن الموضوع لن يتعدّى أفق المواجهات في الشارع والحتجاجات لأن دروز الجولان لا يتمتعون بقدرات عسكرية للمواجهة".

لكن وفي هذا السياق، يُحذّر معروف من انسحاب مشهد التوتر في الجولان على المنطقة بشكل عام، "لأن الدروز المنتشرين في فلسطين المحتلة وسوريا ولبنان يشعرون بغضب عارم تجاه الممارسات الإسرائيلية، وقد عبّروا عن ذلك من خلال وقفات تضامنية واحتجاجات، ومن المعروف مدى تماسك وتضامن الدروز مع بعضهم عند الأزمات، خصوصاً تلك التي تمس بالأرض والهوية".

ويعتبر معروف أن "الملف يُشكّل تهديداً وجودياً للدروز في الجولان، لأنّه باب تجاه مشاريع أخرى هدفها طمس الهوية العربية لأهالي المنطقة، كالاستيطان وغيرها، وهو في سياق مشاريع عدّة ذات أهداف مشابهة، منها قانون القومية، عدم منح تراخيص بناء لأهالي الجولان"، ويُشير إلى أن الانتفاضة فتحت الباب على مطالب تتعلّق بهذه الملفات.
 
يواجه دروز الجولان مشروعاً إلغائياً يُهدّد هويتهم وانتماءهم القومي، وهو يتزامن مع عصر من التطرّف الإسرائيلي غير المسبوق في ظل وجود مسؤولين يمينيين كإيتمار بين غيفير وبتسلئيل سموترتيش، فأي أفاق ستُرسم للمواجهة الجديدة المندلعة؟
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم