أفاق سكان الخرطوم، الأحد، على مزيد من عمليات القصف والاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع، في وقت حذّرت منظمة إغاثية من أن النزاع المتواصل يهدّد بتفشي الأمراض وسوء التغذية بين الأطفال في مخيمات النازحين.
وأبلغ شهود في ضاحية أم درمان بشمال غرب الخرطوم وكالة فرانس برس عن وقوع "اشتباكات عنيفة بمختلف أنواع الأسلحة في مناطق حي العرب والسوق الشعبية والعرضة".
كما حلّقت طائرات مقاتلة في سماء العاصمة وضواحيها، بحسب السكان.
وأفادت قوات الدعم السريع الأحد في بيان أنها "أسقطت طائرة حربية من طراز ميغ ... في منطقة شمال بحري (الكباشي)".
وأفاد شهود عيان بشنّ عناصر الدعم السريع هجوما على مقر لقوات الاحتياطي المركزي بوسط أم درمان.
وقال آخرون إنهم شاهدوا "أعدادا من عربات قوات الدعم السريع تتجه نحو منطقة الشجرة التي تقع فيها قيادة سلاح المدرعات"، جنوب الخرطوم.
ويأتي ذلك غداة شنّ قوات الدعم هجوما على قيادة السلاح نفسه، بينما تعرضت مناطق في شمال الخرطوم لقصف مدفعي، وفق الشهود.
ويشهد السودان منذ 15 نيسان معارك بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي".
وأدى النزاع الى مقتل نحو 2800 شخص ونزوح أكثر من 2,8 مليوني شخص.
وتتركز المعارك في العاصمة ومناطق قريبة منها، إضافة الى إقليم دارفور بغرب البلاد حيث حذّرت الأمم المتحدة من أن ما يشهده قد يرقى "جرائم ضد الانسانية" ويتخذ أبعادا عرقية.
- عنف جنسي إضافي -
ولجأ أكثر من 600 ألف شخص من النازحين إلى دول مجاورة، وفق بيانات المنظمة الدولية للهجرة، وخصوصا إلى مصر شمالا وتشاد غربا.
واستقبلت تشاد الحدودية مع دارفور آلاف الفارين من الإقليم الذي توازي مساحته ربع مساحة السودان.
ومنذ اندلاع النزاع، شهد إقليم دارفور بعضا من أسوأ أعمال العنف التي ترافقت مع انتهاكات انسانية وجنسية، وجرائم قتل على أساس عرقي، وعمليات نهب واسعة النطاق، وفق ما تؤكد منظمات إنسانية وشهود.
والسبت، أفادت وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل الحكومية عن تسجيل حالات جديدة من العنف الجنسي ضد النساء في الخرطوم ودارفور، خصوصا في مدينة الجنينة مركز ولاية غرب دارفور.
وقالت في بيان عبر صفحتها على فيسبوك السبت "بلغ إجمالي حالات الاعتداء الجنسي في الخرطوم 42 حالة.. بينما سجلت في الجنينة 21 حالة عنف جنسي مرتبط بالنزاع"، مشيرة إلى أن معظم البلاغات والشهادات قُيدت ضد عناصر ينتسبون الى قوات الدعم السريع.
وسبق للوحدة أن سجّلت 25 حالة اعتداء جنسي في نيالا عاصمة جنوب دارفور.
وأعربت الوحدة "عن قلقها الشديد إزاء تنامي ظاهرة الاستهداف العرقي للنساء والفتيات".
وأعادت الأحداث الراهنة في دارفور الى الأذهان الذكريات المريرة لأعمال العنف الدامية التي شهدها على مدى عقدين من الزمن اعتبارا من عام 2003، في نزاع أوقع نحو 300 ألف قتيل وشرّد 2,5 مليوني شخص، بحسب الأمم المتحدة.
وحذّر حاكم دارفور وزعيم التمرد السابق مني مناوي السبت من أن النزاع الراهن دخل "مرحلة حرجة".
وكتب عبر تويتر "الحرب في السودان دخلت مرحلة حرجة تهدد وحدة البلاد وقد تضاءلت فرص النجاح لكل المبادرات الإقليمية والدولية للخروج من الأزمة".
وجدد دعوته لـ"المبادرة الوطنية للمصالحة ونأمل أن تكون مدخلاً لوقف إطلاق النار".
- حصبة في المخيمات -
وحتى قبل اندلاع النزاع الحالي، كان السودان يعد من أكثر دول العالم فقرا. ويحتاج 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف عدد السكان، لمساعدة إنسانية وحماية، بحسب الأمم المتحدة.
ولجأ مئات الآلاف من النازحين داخل البلاد الى مناطق بقيت في منأى عن المعارك، لكنها تعاني كغيرها من صعوبة في توفير الخدمات الأساسية.
والأحد، حذّرت منظمة أطباء بلا حدود من أن ولاية النيل الأبيض، على مسافة نحو 350 كلم جنوب الخرطوم، باتت تستقبل "أعدادا متزايدة" من النازحين.
وكتبت عبر تويتر "تستضيف 9 مخيمات مئات آلاف الأشخاص، معظمهم من النساء والأطفال"، محذّرة من أن "الوضع جرح" في ظل الاشتباه بحالات الحصبة وسوء التغذية لدى الأطفال.
وأضافت "عالجنا ما بين 6 يونيو (حزيران) 223 و27 منه طفلًا اشتُبه بإصابتهم بالحصبة، وتم إدخال 72 طفلًا وتوفي 13 في عيادتين ندعمهما".
وأبرم طرفا النزاع أكثر من هدنة، غالبا بوساطة الولايات المتحدة والسعودية، سرعان ما كان يتمّ خرقها.
وتكرر المنظمات الإنسانية التشديد على أهمية تخصيص ممرات آمنة لعبور المساعدات خصوصا مع بدء موسم الأمطار الذي يمتد بين حزيران وأيلول، ويتسبب بفيضانات تودي بضحايا وتعيق الحركة على الطرق.