أفاد نشطاء المجتمع المدني وشهود بأنّ محتجّين يطالبون بإنهاء الحكم السلطوي في سوريا أغلقوا مقر حزب البعث الحاكم في مدينة السويداء التي تقطنها أغلبية درزية في جنوب غرب البلاد، فيما لم تظهر أي مؤشرات على تراجع الاحتجاجات التي دخلت أسبوعها الثاني بالمدينة.
واستخدم شبّان ماكينات لحام لإغلاق أبواب مبنى الحزب الذي يتزعمه الرئيس بشار الأسد. ويتولّى الحزب السلطة منذ انقلاب عام 1963.
وخرج المئات مجدّداً إلى الشوارع لليوم السابع على التوالي من الاحتجاجات السلمية على تدهور ظروف المعيشة بسبب ارتفاع أسعار البنزين، وطالبوا بتغييرات سياسية شاملة.
وردّد المحتجون هتاف "ارحل يا بشار بدّنا نعيش بكرامة" في الساحة الرئيسية التي أعلن فيها كبار زعماء الدروز الروحيون دعمهم لاحتجاجاتهم لكن دون تأييد دعوات إنهاء حكم عائلة الأسد المستمرّ منذ خمسة عقود.
وأدّت أزمة اقتصادية شديدة إلى انهيار العملة المحلية مما أدّى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والإمدادات الأساسية، وهو ما تقول حكومة الأسد إن سببه العقوبات الغربية.
وتشكّل المعارضة المتصاعدة في المناطق الموالية للحكومة والتي وقفت ذات يوم إلى جانب الأسد التحدي الأكبر لقبضته على السلطة بعد انتصاره في حرب أهلية استمرّت أكثر من عشر سنوات بمساعدة حاسمة من روسيا وإيران.
وقال كنان وقاف، وهو صحافي بارز اعتقل في السابق لانتقاده السلطات، إن المسؤولين شدّدوا الإجراءات الأمنية في المناطق الساحلية على البحر المتوسط، معقل الأقلية العلوية التي ينتمي إليها الأسد والتي تسيطر على الجيش وقوات الأمن، في خطوة استباقية تهدف للسيطرة على الدعوات المتزايدة للإضراب والاحتجاج على الظروف المعيشية.
وقال سكان في أنحاء المحافظة إن المتظاهرين أغلقوا أيضاً عشرات الفروع المحلية لحزب البعث الذي يشغل مسؤولوه مناصب حكومية عليا مع فرار كوادره.
ومزّق المتظاهرون صوراً للرئيس السوري في تحدٍ نادر له تشهده المناطق الخاضعة لحكمه حيث يروج الحزب لتمجيد شخصه ومن قبله والده الراحل حافظ الأسد.
وبحسب سكان ونشطاء مدنيين، شهدت السويداء إغلاق معظم المؤسّسات العامة وإضراب وسائل النقل العام، كما مارست الأعمال التجارية أنشطتها بشكل جزئي. ويزيد عدد سكان المدينة عن 100 ألف نسمة.
وقال ريان معروف، الناشط المدني ورئيس تحرير موقع "السويداء 24" الإخباري المحلي إن هذا عصيان مدني لم يحدث من قبل ويحظى بدعم مجتمعي واسع من قطاع كبير من الطائفة الدرزية وزعمائها الدينيين.
وصرح مسؤولون في أحاديث خاصّة بأنّ السلطات التزمت الصمت إزاء اتّساع نطاق الاحتجاجات لكنها أصدرت تعليمات للأجهزة الأمنية بالابتعاد عن الأنظار بل وأخلت بعض نقاط التفتيش لتجنّب الاحتكاك.