قال شهود لـ"رويترز" إن محتجين اقتحموا مبنى البرلمان الليبي في طبرق ليل أمس، وأضرموا النار أمامه للتعبير عن غضبهم حيال الأطراف السياسية المتناحرة في ليبيا.
وأضافوا أن قوات الأمن التي تحرس البرلمان انسحبت من الموقع.
وأظهرت لقطات تلفزيونية أن جرافة يقودها متظاهر أطاحت قسما من بوابة مجمع المبنى، مما سهل على المتظاهرين اقتحامها. كما أضرمت النيران في سيارات أعضاء في مجلس النواب.
وألقى متظاهرون آخرون، بعضهم لوّح بالأعلام الخضراء لنظام معمر القذافي، بوثائق في الهواء بعد أن أخذوها من المكاتب.
جاءت التظاهرة في وقت تعاني البلاد منذ أيام انقطاعاً للتيار الكهربائي تفاقم بسبب إغلاق العديد من المرافق النفطية وسط خلافات سياسية بين المعسكرين المتنافسين.
وهتف المتظاهرون "نريد الكهرباء".
وخرجت تظاهرات أمس في طبرق وبنغازي وبعض البلدات الصغيرة احتجاجاً على إخفاقات الحكومة.
وتعيش ليبيا حالاً من الفوضى منذ انتفاضة عام 2011 التي دعمها حلف شمال الأطلسي والتي أطاحت بمعمر القذافي. وفي عام 2014 انقسمت البلاد بين فصائل متحاربة في شرقها وغربها قبل أن تبدأ عملية سلام في عام 2020 في محاولة لإعادة توحيد البلاد.
لكن بعد الإخفاق في إجراء انتخابات كانت مقررة في كانون الأول، قال البرلمان الموجود في شرق البلاد إن ولاية حكومة الوحدة المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة انتهت، وعين فتحي باشاغا ليحل محله.
وخرجت احتجاجات في مدن ليبية عدة بسبب انقطاعات الكهرباء، لا سيما خلال أشهر الصيف شديدة الحرارة، كما ندد المتظاهرون بالخلافات السياسية.
وأفادت وسائل إعلام محلية إن متظاهرين أغلقوا وسط مدينة البيضاء احتجاجاً على الانقسام السياسي.
وفي وقت سابق أمس، احتشد المئات في ساحة الشهداء في طرابلس، ورددوا هتافات تطالب بتوفير الكهرباء وتندد بكل من الحكومتين المتنافستين في البلاد.
وخرجت احتجاجات أخرى في بنغازي، كما طالب محتجون في بلدة القبة شرق ليبيا بسقوط كل الحكومات والكيانات السياسية بسبب تدني مستويات المعيشة.
ويعاني قطاع الكهرباء الليبي من مشاكل هيكلية، وسبق أن تعهدت حكومة الوحدة الوطنية العام الماضي بحلها، وأصدرت عقودا للعمل في العديد من محطات توليد الكهرباء لكن الانقسام السياسي حال دون تنفيذها.
وفي وقت سابق، أعلن رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح تعيين علي الحبري نائب رئيس مصرف ليبيا المركزي محافظاً للمصرف، وقال رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري إن الإصرار على أن تكون مخرجات اجتماعات القاهرة الأخيرة مشروع دستور هي نقطة خلافه مع مجلس النواب.
ونشر صالح أمس رسالة صادرة بتاريخ الثلثاء، وقال فيها إن الحبري هو المحافظ المكلف للمصرف، بديلا من المحافظ الحالي الصديق الكبير، إلى حين انتهاء أعمال توحيد إدارة المصرف المركزي، واعتماد ذلك من مجلس النواب باعتبار أن المصرف يتبع السلطة التشريعية، حسب قوله.
وأرسل صالح هذا الخطاب الرسمي إلى رئيس مجلس الوزراء المكلف من مجلس النواب فتحي باشاغا، ومصرف ليبيا المركزي والنائب العام، ورئيسي هيئة الرقابة الإدارية وديوان المحاسبة التابعين لمجلس النواب.
وتبتعد هذه الخطوة عن الجهود المستمرة منذ عامين لإعادة توحيد مؤسسات الدولة الليبية المنقسمة بسبب سنوات من الصراع.
تعثر مفاوضات جنيف
من جهة أخرى، قال رئيس المجلس الأعلى للدولة في كلمة مصورة إن "النقطة الوحيدة التي توقفت عندها هي أننا نعتبر أن المخرج يتمثل بقاعدة دستورية أو مشروع دستور… هذه النقطة الوحيدة التي لم تتفق عليها اللجنتان خلال اجتماعهما الأخير في القاهرة".
وأضاف أن المجلس الأعلى للدولة يرى أن القاعدة الدستورية هي الأولى والأسرع في إتمام العملية السياسية.
وأوضح أنه على الرغم من الاتفاق مع عقيلة صالح خلال لقاء ثنائي في القاهرة، بأن تكون المخرجات قاعدة دستورية، فإن أعضاء مجلس النواب لا يزالون مصرين على اعتبار المخرجات مشروع دستور.
واعتبر أن الخلاف في المسار الدستوري المتعثر في ليبيا هو بين تيارين سياسيين وليس بينه وبين رئيس مجلس النواب.
وعن تفاصيل لقائه الأخير مع صالح في جنيف، قال المشري إن عقيلة صالح اتفق معه على عدم ترشح مزدوجي الجنسية للانتخابات، لكن وفد مجلس النواب طالب بعد انتهاء الاجتماع بإلغاء هذا الشرط، فرفض وفد المجلس الأعلى للدولة ذلك.
وأكد أن مجلسي الدولة والنواب لا يزالان في حالة تواصل، مضيفاً: "ربما يكون هناك لقاء آخر مع عقيلة صالح قبل عيد الأضحى لمناقشة الخلافات".
وبدوره، أصدر صالح بيانا قال فيه إن هناك لقاء مرتقباً مع مجلس الدولة بعد عطلة عيد الأضحى، موضحاً ما لم يتم التوافق عليه هو ما يتعلق بحق حملة الجنسية الأجنبية في الترشح لرئاسة الدولة والمناصب السيادية.
وكانت جنيف قد استضافت على مدى 3 أيام اجتماعات بين رئيسي مجلسي النواب والدولة لحسم نقاط الخلاف في القاعدة الدستورية المؤدية للانتخابات، وذلك بدعوة من المستشارة الأممية لدى ليبيا ستيفان