شنّت إسرائيل ضربات جويّة على غزة اليوم، ردّت عليها "حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينيّة" بإطلاق وابل من الصواريخ، في أخطر تصعيد للعنف في المنطقة منذ حرب العام الماضي.
في السياق، أعلنت وكالة "وفا" الفلسطينيّة مساء اليوم إصابة عدد من المواطنين في غارة شنّتها طائرات إسرائيليّة على مخيم جباليا شمال قطاع غزة، وغرب رفح جنوب القطاع".
وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية بأن "أعداد القتلى ارتفعت إلى 24، بينهم أطفال، منذ بداية الغارات الإسرائيلية على غزة".
وأشارت الوكالة إلى أن "الطائرات الإسرائيليّة استهدفت بصاروخين على الأقل مجموعة من المواطنين وسط مخيم جباليا، ما أدّى إلى وقوع عدة إصابات".
كما أصيب عدد من المواطنين في قصف إسرائيلي لمنزل في رفح جنوب قطاع غزة.
وكانت قد أعلنت وزارة الصحة في وقت سابق ارتفاع عدد الضحايا إلى 15 ضحيّة بينهم طفلة عمرها 5 أعوام، وإصابة 125 جرّاء الغارات الإسرائيليّة، فيما أفادت وسائل إعلام إسرائيليّة بأنّ التقديرات تُشير إلى إطلاق أكثر من 200 صاروخ من غزّة منذ أمس.
وزعمت إسرائيل أنّها اضطُرّت لإطلاق عملية "استباقية" ضدّ "حركة الجهاد الإسلامي" وأنّ الأخيرة "كانت تخطّط لهجوم وشيك" بعد أيام من التوتّر عند حدود غزة.
من جهتها، أكّدت "حركة الجهاد الإسلامي" أنّ القصف الإسرائيلي شكّل "إعلان حرب"، قبل أن تُطلق وابلاً من الصواريخ باتّجاه إسرائيل.
ونحو الساعة السادسة، قال شاهد من "رويترز" إنّ صافرات الإنذار انطلقت في تل أبيب تحذيراً من هجمات صاروخيّة من غزة. ولم ترد على الفور أنباء عن وقوع إصابات، وسُمع فى المدينة ما لا يقلّ عن ثلاثة انفجارات ربما نجمت عن اعتراض صواريخ.
وأعلنت السلطات الصحيّة في غزة التي تديرها حركة "حماس" أنّ 12 شخصاً قتلوا في القصف الإسرائيلي، بينهم فتاة تبلغ من العمر خمس سنوات، بينما أصيب ثمانون شخصاً بجروح.
وأدى إغلاق إسرائيل لمعبر بضائع رئيسي قبل أربعة أيام، إلى إيقاف محطة الكهرباء الوحيدة في غزة السبت.
وأكّدت إسرائيل والجهاد الإسلامي على حدّ سواء مقتل القيادي البارز في الحركة تيسير الجعبري في ضربة استهدفت مبنى غرب مدينة غزة الجمعة.
تواصل إطلاق الصواريخ من جهة والقصف الإسرائيلي من جهة أخرى صباح اليوم، مثيراً مخاوف من احتمال تكرار حرب أيار 2021 التي استمرّت 11 يوما وأدت إلى إجبار العديد من الإسرائيليين على الاختباء في الملاجئ.
وتوقّفت الحياة اليوميّة في القطاع بشكل شبه كامل تقريباً، إذ بدت الشوارع مهجورة بمعظمها وأغلقت أكثر المتاجر أبوابها. كما عطّلت الضربات الإسرائيليّة بعض خطوط الطاقة، وفق مراسل وكالة "فرانس برس".
تصعيد ووساطة
أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد في خطاب متلفز الجمعة أنّ "إسرائيل لا تسعى إلى نزاع أوسع في غزة، لكنّها لا تخشى من حصول ذلك".
ودوت أصوات صافرات الإنذار في أنحاء جنوب إسرائيل، لكن من دون صدور أيّ تقارير فورية عن سقوط ضحايا أو وقوع أيّ أضرار كبيرة.
وزعم الجيش الإسرائيليّ إنّ أغلب الصواريخ البالغ عددها 160 التي أطلقت من غزة إما سقطت ضمن الأراضي الفلسطينيّة أو اعترضتها منظومة القبّة الحديديّة للدفاع الجويّ.
وحضّ مسؤولون في المناطق الحدوديّة السكان على البقاء قرب الملاجئ التي فتحت أيضاً في تل أبيب.
وقال مسؤولون مصريّون لـ"فرانس برس" في غزة إنّ القاهرة التي تُعدّ وسيطاً تاريخيّاً بين إسرائيل والفصائل المسلّحة في غزة، تسعى للقيام بدور الوساطة هذه المرّة أيضاً وقد تستقبل وفداً من "حركة الجهاد الإسلامي" في وقت لاحق اليوم.
لكنّ مصادر ضمن "حركة الجهاد الإسلامي" نفت أن يكون أيّ وقف لإطلاق النار مطروحاً. وقال أحد المصادر: "لا يوجد حديث إطلاقاً عن وساطة مصريّة وبالنسبة للحركة فإنّ التركيز ينصبّ على ساحة المعركة".
من جهتها، دانت الجامعة العربية "بأشدّ العبارات العدوان الإسرائيلي الشرس (...) على قطاع غزة"، بينما دعا الأردن إلى "الوقف الفوري للعدوان الإسرائيليّ المُدان" على الجيب الفلسطينيّ.
وخاضت "حماس" أربع حروب مع إسرائيل منذ سيطرتها على غزة في 2007، بما في ذلك حرب أيار العام الماضي.
وانطلقت دوامة العنف بين إسرائيل والجهاد الإسلامي في 2019 بعد مقتل بهاء أبو العطا، الذي حلّ الجعبري مكانه. وتبادل الطرفان إطلاق النار على مدى عدة أيام من دون أن تشارك "حماس" في المعارك.
ومن شأن الخطوات التي تتخذها "حماس" في ظل موجة العنف الحاليّة أن تحدّد مدى شدة النزاع، بينما تواجه الحركة ضغوطاً للمحافظة على الهدوء من أجل تحسين الظروف الاقتصادية في القطاع.
طفلة في الخامسة
قال محمد أبو سلامة مدير مستشفى الشفاء الرئيسي في مدينة غزة، إنّ المسعفين يواجهون "نقصاً حاداً في الإمدادات الطبية".
وأعلنت وزارة الصحة الجمعة أن من بين القتلى "طفلة تبلغ من العمر خمس سنوات". وحمل والد الطفلة آلاء قدوم ابنته التي بدت علامة الإصابة على جبهتها خلال تشييعها.
وتجمّع مئات الأشخاص في غزة للمشاركة في تشييع الجعبري وغيره من ضحايا القصف.
وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي ريتشارد هيشت لوسائل إعلامية: "بحسب تقديرنا، قُتل 15 شخصاً في العمليّة" في غزة، في إشارة إلى العناصر الفلسطينيين.
وجاءت الضربات بعد أربعة أيام على إغلاق إسرائيل معبرين حدوديين مع غزة وتقييد حركة المدنيين الإسرائيليين الذين يقطنون على مقربة من الحدود، لأسباب أمنية.
وأعقبت الإجراءات اعتقال إسرائيل قياديّين في "حركة الجهاد الإسلامي" بينهما باسم السعدي المتّهم بتدبير سلسلة هجمات ضدّ إسرائيل.
ونفّذت إسرائيل عمليات دهم متكررة في الضفة الغربية منذ منتصف آذار ردّاً على هجمات دامية استهدفت مواطنين إسرائيليين.
قائد فيلق القدس: "حزب الله" يخطّط لتوجيه آخر ضربة للكيان الصهيوني
أكّد قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، إسماعيل قاآني، "أنّنا نخطّط للتعامل مع جرائم أميركا والكيان الصهيوني"، متوعّداً بالردّ عليها "بشكل حاسم في الوقت المناسب"، ومشدّداً على أنّ "أمن إسرائيل آخذ في التراجع، ولن نتوقّف عن القتال في ميادين المقاومة وسنواصل الصمود".
وأعلن قاآني أنّ "حزب الله يخطط لتوجيه آخر ضربة للكيان الصهيوني وإزالته من الوجود في الوقت المناسب"، مشيراً إلى استعداد محوره "لمعركة مستمرّة وخلق حالة استنزاف حقيقيّة لجيش الاحتلال".
من جهتها، قالت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس اليوم إنها تدعم حقّ إسرائيل "بالدفاع عن نفسها"، داعيةً إلى "نهاية سريعة للعنف".
وقالت تراس في بيان على "تويتر" إنّ "المملكة المتحدة تقف إلى جانب إسرائيل وحقّها بالدفاع عن نفسها". وأضافت: "ندين المجموعات الإرهابية التي تطلق النار على مدنيين والعنف الذي أسفر عن ضحايا من الجانبين". وتابعت "ندعو إلى نهاية سريعة للعنف"، بعدما قُتل أكثر من عشرة فلسطينيين في غزّة.
أمّا المتحدث باسم وزير خارجية الاتحاد الاوروبي جوزيب بوريل فقال إنّ التكتل يتابع أعمال العنف في قطاع غزة "بقلق بالغ" ويدعو جميع الأطراف إلى "أقصى درجات ضبط النفس" من أجل تجنب تصعيد جديد.
وأكّد المتحدث الرسمي باسم المفوضية الأوروبية للشؤون الخارجية بيتر ستانو في بيان أن "إسرائيل لها الحق في حماية سكانها المدنيين ولكن يجب القيام بكل ما يمكن لمنع نشوب نزاع أوسع من شأنه أن يؤثر في المقام الأول على السكان المدنيين من كلا الجانبين ويؤدي إلى ضحايا جدد والمزيد من المعاناة".
وأشار إلى أن "هذه الأحداث الأخيرة تؤكد من جديد على ضرورة احياء أفق سياسي وضمان وضع مستدام في غزة".
ردود فعل دولية مندّدة: أوقفوا الحرب!
أثارت الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة التي ردّت عليها حركة الجهاد الإسلامي بقصف صاروخي دعوات لضبط النفس من المجتمع الدولي.
وأيد الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة حق إسرائيل في الدفاع عن النفس، ودعت روسيا وفرنسا الجانبين إلى تجنب التصعيد، في حين أبدت إيران دعمها لحركة "الجهاد الإسلامي".
- الاتحاد الأوروبي -
قال المتحدث باسم وزير خارجية الاتحاد الاوروبي جوزيب بوريل إن التكتل يتابع أعمال العنف في قطاع غزة "بقلق بالغ" ويدعو جميع الأطراف إلى "أقصى درجات ضبط النفس" من أجل تجنب تصعيد جديد.
أكّد بيتر ستانو في بيان أن "إسرائيل لها الحق في حماية سكانها المدنيين ولكن يجب القيام بكل ما يمكن لمنع نشوب نزاع أوسع من شأنه أن يؤثر في المقام الأول على السكان المدنيين من كلا الجانبين ويؤدي إلى ضحايا جدد والمزيد من المعاناة".
- فرنسا -
قالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية إن بلادها "تدين إطلاق الصواريخ على الأراضي الإسرائيلية وتكرر تمسكها غير المشروط بأمن إسرائيل".
وأضافت أن فرنسا تدعو "جميع الأطراف إلى ضبط النفس لتجنب أي تصعيد آخر يكون السكان المدنيون أول ضحاياه".
- المملكة المتحدة -
أعلنت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس أنها تدعم حقّ إسرائيل في "الدفاع عن نفسها".
وأضافت تراس التي تسعى لخلافة بوريس جونسون على رأس الحكومة البريطانية "ندين المجموعات الإرهابية التي تطلق النار على مدنيين والعنف الذي أسفر عن ضحايا من الجانبين"، داعيةً إلى "نهاية سريعة للعنف".
- روسيا -
أعربت روسيا عن "قلقها البالغ" ودعت الجانبين إلى إبداء "أقصى درجات ضبط النفس".
وجاء في بيان للمتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا "نراقب بقلق بالغ تطور الأحداث التي يمكن أن تؤدّي إلى استئناف المواجهة العسكرية على نطاق واسع وتفاقم تدهور الأوضاع الإنسانية المتردية أصلاً في غزة".
ودعت زاخاروفا "كل الأطراف المعنيين إلى إبداء أقصى درجات ضبط النفس ومنع تصعيد العمليات المسلحة وإعادة تفعيل وقف مستدام لإطلاق النار فورا".
- إيران -
أكّد القائد العام للحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي أن الفلسطينيين "ليسوا وحدهم" في مواجهة اسرائيل.
وقال سلامي الذي تساند بلاده العديد من فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة في مواجهة إسرائيل، عدوها الإقليمي الأبرز، في بيان "اليوم، كل القدرات الجهادية المعادية للصهاينة تقف صفا واحدا في الميدان وتعمل على تحرير القدس الشريف واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني".
كذلك أعلن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في بيان أن "الجرائم التي ارتكبها كيان الاحتلال في قطاع غزة الليلة الماضية تكشف عن طبيعته العدوانية".