من المتوقع أن تحتل العلاقات التجارية والاستثمارية بين الصين ودول الخليج مكانة بارزة في زيارة الرئيس شي جينبينغ للمملكة العربية السعودية هذا الأسبوع إذ تتطلع المنطقة نحو الشرق على نحو متزايد لدفع التحول الاقتصادي في الداخل لعصر ما بعد النفط.
الصين أكبر مستهلك للطاقة في العالم وهي شريك تجاري رئيسي لمنتجي النفط والغاز في الخليج، وبينما لا تزال العلاقات الاقتصادية متركزة على قطاع الطاقة، توسعت العلاقات الثنائية في ظل التوجه في المنطقة نحو التركيز على دفع البنية التحتية والتكنولوجيا.
السعودية هي أكبر مورد للنفط للصين، وتستحو على 18 بالمئة من إجمالي مشتريات الصين من النفط الخام، كما توجد عقود توريد سنوية بين شركة النفط السعودية العملاقة أرامكو وست شركات تكرير صينية.
وقالت الرياض إن تعزيز العلاقات التجارية والأمن الإقليمي سيكون من الأولويات خلال زيارة شي، التي ستستضيف خلالها المملكة قمة صينية خليجية وقمة صينية عربية يقول ديبلوماسيون إنها ستشمل عشرات الاتفاقات ومذكرات التفاهم.
وبعيدا عن الطاقة، توفر دول مجلس التعاون الخليجي أسواقا للسلع الصينية وعقود بناء وفرص استثمار في البنية التحتية والتصنيع والاقتصادات الرقمية التي تناسب مبادرة الحزام والطريق في بيجينغ.
وقال فريد محمدي، العضو المنتدب في سيا إنرجي إنترناشونال "تريد دول مجلس التعاون الخليجي الاستثمار الأجنبي المباشر الذي لا يلبي الطلب المحلي فحسب، بل يسمح أيضا لهذه الاقتصادات بالاندماج في سلاسل التوريد العالمية".
وأضاف "ستساعد الشركات الصينية في القيام بذلك، أولا على مستوى آسيا الإقليمي، ثم خارجها".
تهدف السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم وأكبر اقتصاد عربي، إلى تقليل الاعتماد على النفط من خلال إنشاء قطاعات جديدة يمكن أن تخلق فرص عمل للسعوديين، إذ تقود الحكومة المشاريع مع تباطؤ الاستثمار الأجنبي المباشر.
وهي تتنافس مع المركز التجاري الإقليمي الإمارات لتصبح مركزا للنقل والخدمات اللوجستية، من خلال مساع تشمل تطوير الموانئ البحرية للاستفادة من الموقع الاستراتيجي للمنطقة بين آسيا وإفريقيا وأوروبا.
تستثمر السعودية والإمارات أيضا في التقنيات المستقبلية باعتبارها ركيزة للتنويع الاقتصادي، والتي اكتسبت قوة دفع في التحول العالمي بعيدا عن الوقود الأحفوري.
وقال مسؤول تنفيذي إقليمي كبير لوسائل الإعلام المحلية في أغسطس آب إن شركة هواوي الصينية العملاقة للتكنولوجيا، التي شاركت في بناء شبكات الجيل الخامس في معظم دول الخليج على الرغم من مخاوف الولايات المتحدة، تضع اللمسات النهائية على موقع لمركز بيانات جديد في السعودية سيكون الثاني في المنطقة بعد أبوظبي. وأبرمت شركة الإنترنت العملاقة علي بابا شراكة مع شركة الاتصالات السعودية (إس.تي.سي) لتوفير خدمات حوسبة سحابية في المملكة العربية السعودية.
وتبحث الشركات الصينية البناء في مشاريع سعودية ضخمة مثل منطقة نيوم التي تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار، وفرص في التعدين والتصنيع مع تحرك المملكة لبناء محتوى محلي، بما في ذلك في قطاعي الدفاع والسيارات الناشئين.
* قانون الموازنة
يرجح محللون أن تظل الطريقة التي تتعامل بها السعودية ودول الخليج الأخرى مع سلاسل التوريد الصينية والغربية في قطاعات حساسة مثل البنية التحتية الوطنية الحيوية نقطة خلاف مع الولايات المتحدة، الشريك الأمني الرئيسي.
وقال مسؤولون من دول خليجية عربية إنه بينما تظل واشنطن شريكا استراتيجيا رئيسيا، من المهم للمصالح الاقتصادية والأمنية الوطنية للمنطقة تعميق العلاقات بالشركاء الآخرين، بما في ذلك الصين وروسيا.
وقال أنور قرقاش المستشار الديبلوماسي لرئيس دولة الإمارات الشهر الماضي "علاقاتنا التجارية تتجه بشكل متزايد نحو الشرق بينما علاقاتنا الأمنية والاستثمارية الأساسية في الغرب".
وذكر مركز أبحاث آسيا هاوس، الذي مقره لندن، في تقرير أن التجارة بين دول مجلس التعاون الخليجي والصين تضاعفت بين عامي 2010 و 2021. ومع ذلك، فإن المناقشات بشأن اتفاقية التجارة الحرة طال أمدها منذ عام 2004، وتقول مصادر إن الحديث عن اتفاق في المستقبل القريب يبدو سابقا لأوانه.
ولا يزال الدافع الأساسي لبيجينغ لتعاون أكبر مع الخليج راسخا في اعتمادها على واردات الطاقة بينما لا يزال المنتجون العرب يعتمدون بشدة على عائدات النفط والغاز لتحقيق حملة التنويع.
وتعمل روسيا، العضو في تحالف أوبك+ لمنتجي النفط إلى جانب السعودية، على زيادة حجم مبيعاتها للصين بنفط مخفض بعد أن واجهت عقوبات غربية بسبب غزوها لأوكرانيا، الذي تصفه موسكو بأنه "عملية عسكرية خاصة".
وقالت كارين ينج، الباحثة في مركز سياسات الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا "سيريد جميع مصدري النفط في المنطقة مزيدا من المعلومات حول خطط الصين لرفع قيود كوفيد، لا سيما الدول التي تعتمد بشدة على تلك السوق مثل العراق وسلطنة عمان".